مقابلاتمميز

سيجري يكشف مستقبل إدلب والموقف من تركيا والتنظيمات (مقابلة)

القيادي في الجيش الوطني السوري مصطفى سيجري تحدث في لقاء خاص مع "وكالة أنباء تركيا"

أشاد القيادي في الجيش الوطني السوري مصطفى سيجري، بالدور التركي في منطقة إدلب شمالي سوريا، مؤكدا أن الجيش التركي متواجد في تلك المنطقة لحماية السوريين، لافتا في الوقت ذاته إلى الجهود المبذولة لحل إشكالية تنظيم “هيئة تحرير الشام” الإرهابية (النصرة سابقا).

كلام سيجري جاء في لقاء خاص مع “وكالة أنباء تركيا”، تحدث خلاله عن عدد من الملفات الهامة، هذا الجزء الأول منها.

مستقبل إدلب

تولي تركيا أهمية كبيرة لمنطقة إدلب خاصة والشمال السوري عامة، ومن أجل ذلك يعمل الجيش التركي وبالتوافق مع فصائل الجيش الوطني على توفير الأمن والسلام في المنطقة، والتصدي لانتهاكات النظام السوري الذي يخرق الاتفاقيات المبرمة بين تركيا وروسيا.

وفي هذا الصدد أكد سيجري أن “الجيش الوطني معني بحماية هذه المنطقة والدفاع عنها”، مشيرا إلى أن “القوات التركية دخلت باتفاق مع القوى الثورية العسكرية والمدنية على أن يكون هناك انتشار لها، لكي تدافع مع الشعب السوري عن هذه المناطق”.

وأضاف أن “تركيا أكدت بشكل واضح أن هذه المنطقة يوجد فيها أكثر من 4 مليون مواطن سوري، وبالتالي لا يمكن أن يترك المدنيون لمواجهة آلة القتل الروسية والإيرانية”.

وتعمل فصائل الجيش الوطني على رفع الجاهزية وتخريج دفعات جديدة من المقاتلين، وذلك تحسبا لأي محاولات تنوي قوات النظام السوري وداعميه القيام بها، وخاصة روسيا التي تسعة للضغط على تركيا بملفات عدة من بوابة إدلب.

وقال سيجري “نسعى أن لا تكون إدلب صندوق للرسائل النارية ضد تركيا، خاصة وأن روسيا كل ما وجدت نفسها في مأزق في مواجهة الأتراك في ملفات عدة ومنها شرقي المتوسط وليبيا والملف الأذري، تحاول أن تستخدم مدينة إدلب للضغط على تركيا”.

وتابع قائلا “بالتالي نحن نستكمل الاستعدادات العسكرية كي نقوم بالدفاع عن هذه المنطقة، ونشكل حالة ردع حقيقية كي لا يقوم الروس بشن عملية عسكرية تجاه هذه المنطقة”.

تركيا لن تفرط بالمناطق المحررة لصالح الروس

وتحاول ماكينات النظام السوري ومن يقف خلفها وبشكل مستمر، الترويج أن تركيا ستقدم تنازلات لروسيا، وذلك من خلال عقد صفقات من تحت الطاولة تتعلق بتسليم مناطق للروس في إدلب، مقابل حصولها على مناطق شرقي الفرات أو شمال شرقي سوريا.

وحول ذلك أوضح سيجري أنه “دائما يتم الحديث عن أن هناك صفقة ما من تحت الطاولة ما بين تركيا وروسيا، تعطي من خلالها تركيا لروسيا مناطق في إدلب وتأخذ تركيا مناطق شمال شرقي سوريا، لكن أنا أؤكد أن القناعة لدى القيادة التركية بحسب اللقاءات المباشرة معها، أن أي تفريط بأي منطقة من المناطق المحررة سوف يتبعها مسلسل من التنازلات”.

وأضاف أن “تركيا تدرك أن نظام بشار الأسد أصبح الآن يشكل تهديدا للأمن القومي التركي، وأيضا هي غير مستعدة لأي حالة نزوح للمدنيين، وبالتالي حماية كل المناطق المحررة كان صريحا ومعلنا من قبل رأس الهرم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وباقي القيادات التركية”.

الجيش التركي هدفه حماية الشعب السوري

ونظرا لأهمية إدلب بالنسبة لتركيا، وللوقوف بوجه أي سيناريوهات تخطط لها روسيا ومن خلفها قوات النظام السوري أو أي أطراف أخرى، فإنها تواصل الدفع بالتعزيزات والأرتال العسكرية الضخمة لدعم نقاط مراقبتها، إضافة لنيتها إنشاء المزيد من القواعد العسكرية في المنطقة.

وقال سيجري إن “استمرار إرسال تركيا الجنود الأتراك والتعزيزات العسكرية هو مدعاة للفخر”، مضيفا أن “عدد الجنود الأتراك داخل الأراضي السورية بدعوة من الشعب السوري، بلغ أكثر من 25 ألف جندي تركي ومئات الدبابات والمجنزرات والآليات، وبالتأكيد هي لحماية الشعب السوري”.

وأكد أنه “لولا القوات التركية الموجودة في الداخل السوري ربما تعرضت هذه المناطق لمجازر مروعة، وروسيا ما كانت لترتدع عن شن عملية عسكرية لولا هذا الوجود التركي في مدينة إدلب وماحولها”.

وأشار سيجري إلى أن “القوات التركية لم تدخل إلى سوريا بهدف النزهة، بل دخلت لأنها تدرك بأن لها مسؤولية تاريخية تجاه الشعب السوري، وخصوصا أن لنا الآن علاقة مع تركيا عمرها سنوات، من خلال حربنا المشتركة ضد الإرهاب، والآن امتزجت الدماء السورية التركية في مواجهة الإرهاب، سواء أكان إرهاب نظام الأسد الذي قتل من الجنود الأتراك في إدلب، وأيضا الجنود الأتراك ساندونا وهذا مدعاة للفخر والاعتزاز، وأيضا في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام”.

لا فرق بين الشعبين التركي والسوري

وقال سيجري “الآن أعتقد أننا تخطينا المرحلة التي يتحدث فيها الإعلام أن هناك فرق ما بين العرب والأتراك، أو أن هناك فرق بين الشعبين التركي والسوري”.

وأضاف أن “تركيا دخلت إلى الأراضي السورية بدعوة واضحة وصريحة من الشعب السوري، وهذه الدعوة ليست بجديدة، ففي بداية الثورة السورية وعندما بدأ نظام بشار الأسد يمارس القتل والقصف بالطيران والمدفعية والاعتقالات، خرج الشعب السوري بمظاهرات مليونية دعا فيها لتدخل تركي حقيقي وإقامة منطقة آمنة، ولكن لاعتبارات دولية دفعت باتجاه ألا يكون هناك تدخل تركي”.

وتابع سيجري قائلا “الآن أنجزت تركيا هذا الدخول المبارك، وبكل تأكيد أعطى قوة للصمود، والآن في أي زيارة لمدينة إدلب يمكن أن تشهد حالة من السرور بسبب الوجود التركي”.

وأضاف “صحيح أنه لم يتم القضاء على الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال الروسي والإيراني، ولكن إلى حد كبير المنطقة بدأت تشهد نوع من الاستقرار والتعافي لولا العربدة الروسية المستمرة”.

الموقف من التنظيمات الإرهابية

وأطلقت تركيا عدة عمليات عسكرية شمالي وشرقي سوريا، تمكنت خلالها من تطهير مناطق عدة من التنظيمات الإرهابية ومن بينها تنظيم “داعش” الإرهابي.

في حين تعمل تركيا وعن طريق الحلول السلمية من أجل التوصل إلى حلول لإشكالية تواجد تنظيم “هيئة تحرير الشام” الإرهابية (النصرة سابقا) في منطقة إدلب.

وحول هذا السياق قال سيجري إن “هذه التنظيمات بشكل أو بآخر ساعدت نظام بشار الأسد ضد القوى الثورية من حيث أدركت أو لم تدرك ذلك، ونعتقد أن هذه التنظيمات مخترقة ويتم التلاعب بها واستخدامها من الخلف”.

وأضاف أن “تنظيم داعش عندما دخل الأراضي السورية دخل معلنا إقامة الدولة الإسلامية، ولا نعتقد أن هناك إشكالية لدى المجتمع السوري كغالبية عربية سنية مع تحكيم الشريعة، لكن كانت الإشكالية أنه رفع شعار  تحكيم الشريعة وبدأ يستهدف المجاهدين والقوى الثورية في سوريا وضرب أهل السنة والجماعة في سوريا، وبالتالي الإشكالية مع هذا التنظيم في الممارسة وليس في الشعارات”.

أما فيما يخص تنظيم “هيئة تحرير الشام” الإرهابية (النصرة سابقا) أوضح سيجري، أن “تنظيم جبهة النصرة مارس نفس الإشكالية مع الشعب السوري، وضرب الفصائل العسكرية، وعندما تقوم الآن جبهة النصرة بالاعتداء على القوى الثورية فإن هذا يتيح الفرصة للنظام  للتقدم في كثير من المناطق”.

وأضاف أنه “إن أردنا كقوى ثورية التوجه وتفرغ لمواجهة هذا التنظيم، فإن لديه الكثير من الكوادر السورية وغير السورية، وبالتالي هذا سيدفعنا إلى معارك استنزاف”.

وكشف أنه “ومنذ عام 2016 وحتى يومنا هذا، فإن كل أشكال الدعم توقف عن القوى الثورية وبالتالي الإمكانيات محدودة وأي معركة داخلية هي معركة استنزاف”.

وأكد سيجري أن “الأولى والأولوية لدى الجيش الوطني هو الحفاظ على هذه الإمكانيات، لمواجهة أي عدوان من خارج هذه المناطق”.

وقال سيجري “نسعى من خلال المبادرات الداخلية كقوى مجتمعية وأيضا بمساعدة بعض الأطراف الخارجية، إلى حل إشكالية هذا التنظيم بشكل سلمي، بمعنى أن لا يكون هناك صدام مباشر عسكري بل تحييد ما أمكن من العنصر السوري والعنصر المعتدل الذي يؤمن بقيم ومبادئ الثورة السورية بعيدا عن تنفيذ أي أجندة خارجية، وقد أدركت شريحة واسعة داخل هذا التنظيم أنه لا يوجد مستقبل للشعارات التي ترفع وهي تخرج عن إطار الجعرافية السورية”.

وتابع قائلا “نحن نسعى لتحييد أكبر عدد ممكن من المقاتلين والقيادات، ونعتقد أننا قد أحرزنا نجاح إلى حد كبير، والآن سياسة الهيئة لا يمكن مقارنتها بالفترة السابقة، ويوجد هناك تطورات، وفي الفترة القادمة سوف نشهد مزيد من الخطوات باتجاه الحد من نفوذ بعض القيادات، التي نعتبر أنها تنفذ أجندة لقوى معادية تحت مظلة وشعارات إسلامية براقة”.

وأعرب سيجري عن اعتقاده الشخصي أنه “سيكون هناك قدر المستطاع تجنب المصادمة العسكرية، لكن إن فرضت تلك المواجهة بمرحلة فبكل تأكيد الجيش الوطني هو معني بإنهاء حالة سيطرة التنظيم في المنطقة”.

“هيئة تحرير الشام” الإرهابية قضت على أكثر من 20 فصيل للجيش الحر 

وخلال اللقاء تحدث سيجري عن الانتهاكات التي مارسها تنظيم “هيئة تحرير الشام” الإرهابية (النصرة سابقا)، بحق السوريين والفصائل العسكرية المعارضة.

وقال سيجري إنه “قبل أن يصنف تنظيم جبهة النصرة على لوائح الإرهاب الدولية، وقبل أن تعبر الدول عن استيائها من هذا التنظيم، كان الجانب السوري أول من تضرر من وجود تنظيم جبهة النصرة”.

وأضاف “لا نسمج بأي مزاودة تجاه الجيش الوطني السوري بما يخص وجود هيئة تحرير الشام، التي قضت على أكثر من 20 فصيل من الجيش السوري الحر، وأيضا مارست القتل والاعتقالات بحق فصائل الجيش الحر”ز

وأكد سيجري قائلا “نحن لنا مصلحة أن ننهي هيئة تحرير الشام، ولكن ليس على حساب أهلنا في إدلب”.

وأوضح “قلنا للمجتمع الدولي في اللقاءات المباشرة مع الدول المتنفذة في الملف السوري، إننا على جاهزية كاملة لإنهاء هذا الملف بشرط أن نضمن أن لا تستغل القوى المعادية للشعب السوري ومنها الاحتلال الروسي والاحتلال الإيراني وعصابات نظام بشار الأسد، الفرصة وتدخل هذه المناطق”.

وقال سيجري أيضا إن “أولوية الجيش الوطني تأمين المنطقة المحررة وحمابة الجبهات، ومن ثم وبمشاركة من الجانب التركي نعمل على تفكيك هيئة تحرير الشام، إما بالسبل السلمية كما نقوم بها الآن، وإما إن وصلنا إلى طريق مسدود بالسبل العسكرية”.

وختم سيجري قائلا “الآن لا يمكن الحديث عن إنهاء هيئة تحرير الشام ما لم يكن هناك اتفاق دولي واضح ومكتوب، بأن هذه المناطق لن تتعرض لأي اعتداء من قبل الاحتلال الروسي أو الميليشيات الإيرانية”.

زر الذهاب إلى الأعلى