مدونات TRهام

الثورة السورية.. عشر شمعات

بقلم: الكاتب السياسي مأمون السيد عيسى

نشعل الشمعة العاشرة، نتابع الطريق، يبدو كأنه لانهاية له، يتهاوى الأصدقاء على جنباته، من لم يقتله رصاص الأسد والسارين قتله القهر وحنين الغربة أو الدخان والجلطات ووباء “كورونا”.

هي الشمعة العاشرة تحترق ومعها شيئ منا، تركنا سراقب والخان و المعرة وحيدة هذا الشتاء، تبدو بيوتها وأسواقها القديمة موحشة مقفرة، من يسلي وحدة رهين المحبسين أبو العلاء في هذه الليالي الباردة ومن يمنع الغزاة من العبث بقبر الخليفة الخامس في دير شرقي؟.

نُهب كل شيء في المنطقة، قال لي أحدهم: ليس الحزن على البيوت التي لم يترك بها سوى الجدران، بل على شجر التين والزيتون زرعه جدي، اقتلعه جيش التعفيش من الجذور.

عشر سنوات، مدن من خيام تناثرت على السهول والجبال كأنها حب نثرته من السماء.

أدخل المخيمات غيمة سوداء فوقها، رائحة كريح السموم، سألت صديقي وأنا جد قلق، هل هو الكيماوي؟ هل ضربكم الأسد ليلة البارحة؟. ضحك صاحبي وهو يقول ليس الكيماوي بل نحرق وقودا لم يسبقنا أحد إليه، أحذية نايلون تحرق في مدافئ الخيام، كلفتها قليلة، المهم ألا يبرد الأطفال. قلت له ربما لكن سيقتلهم السرطان بدل البرد.

عشر سنوات ونحن ننتظر العودة، كنا ننتظر أخبار معارك التحرير، لم يعد الامر كذلك. تقاعد الثوار باكرا قبل أن تتحرر الأرض، ننتظر كل صباح الحل ولا يأتي، ليست الدول الكبرى في عجلة من أمرها. يدهم ليست في النار، حصلوا على الغنائم من سوريا قبل أن يأت الحل فلم يعد يستعجلون قدومه.

عشر سنوات أشعل اللفافة العاشرة هذا الصباح الماطر، أمضي في الطريق أسال العابرين أين هو العراق كذلك سوريا؟ أين اليمن السعيد؟ أتابع كيف يفلس لبنان ويطرق الدائنون على أبواب مصر يريدوا التحرش بها؟ كيف تعطش وهي هبة النيل؟ أتابع ولا أحد من مجيب. لماذا حج العرب إلى تل ابيب؟ أهو السلام مقابل لا شيئ؟.

تذكرت السادات كم شتمناه في المظاهرات التي ساقونا إليها ونحن صغار، قال السلام مقابل الأرض. بينما يركض المطبعون الجدد وهم يعرفون أنه سلام مقابل لاشيئ. لكن أولاد العم وعدوا سيدافعوا عن الخليج في وجه العمائم السود لكن أليسوا والأمريكان من أدخلها  عقر الديار؟.

عشر سنوات هرم السوريون الأحرار وتعبوا، لكنهم مازالو يرون النصر قريبا ولو كان بعيد، لازالوا يصرخون لانستسلم أبدا، ننتصر أو نموت.

زر الذهاب إلى الأعلى