انتشرت في الأعوام الأخيرة أخبار عن عمليات احتيال ونصب وقع ضحيتها العديد من الأشخاص الراغبين باستثمار أموالهم وجني أرباح. وقد تم خداع الضحايا بطرق متعددة، منها عبر الإعلانات الترويجية التي يشاهدونها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي بعض الأحيان يكون استجابة لرسالة شخصية مزورة وصلت على جوال الضحية من قبل جهات تدعي أنها رسمية، وذلك بعد أن تكون قد تمكنت من اختراق جوالات المواطنين وأرسلت لهم رسائل باسم جهات سيادية أو رسمية مثل وزارة البريد أو البنك المركزي أو هيئة الاستثمار وتعدهم بأرباح كبيرة وسريعة لو استثمروا أموالهم عبر منصاتها وذلك من خلال الدخول إلى رابط مرفق بالرسالة.
كثير من هذه المواقع تدعي كذباً أنها مسجلة في بريطانيا ومرخصة من هيئة الاستثمار وتعتمد أرقام هواتف تبدو وكأنها في بريطانيا لكن حقيقتها أنها أرقام تم شراؤها من شركات تبيع أرقام افتراضية، حيث يكون الموقع لا وجود له في بريطانيا، وصاحب الرقم بدولة أخرى إذ يقوم بتحويل الاتصالات عبر الإنترنت وفي غالب الأحيان يكون مقيما في دولة أخرى.
عمليات المتاجرة والتداول اليومية تقدر بمليارات الدولارات، لذلك فإن أسواق الفوركس تفتح شهية الوسطاء غير المرخصين لكسب عوائد مالية كبيرة بفترة زمنية وجيزة. ومن شبه المستحيل لأي شخص هاوٍ أن يربح على المدى البعيد ما لم يكن تاجر محترف. والأسوء من ذلك، أن عدد من الوسطاء غير المرخصين يقومون بالتلاعب بالأسعار من أجل جعل المتداوِل يخسر أمواله بسرعة لكي يقوم بإيداع أموال جديدة.
يجد المحتالون فرصة بالاحتيال على الناس من خلال عروض الفوركس، فهم يتظاهرون بأنهم وسطاء يمكن الاعتماد عليهم، لكنك لن تسمع منهم حالما تقوم بأول عملية إيداع. وقد يقترح الوسيط المحتال على المودع أن يحول أمواله عبر حساب بنكي في إحدى الجزر الصغيرة بالبحر الكاريبي أو الدفع عبر “بتكوين” أو عبر “وسترن يونيون” أو لحساب بنكي بإحدى الدول الأخرى؛ لذلك يتوجب على المرء التأكد من أنه يتعامل مع وسيط مرخص وليس مع عميل محتال.
هل بإمكانك فعلاً أن تربح من خلال التجارة مع فوركس؟
الإجابة على هذا السؤال ليست من اختصاص المحامي، فلا يمكن للمحامي أن يحدد ما إذا كان هناك فرص للربح أو الخسارة بالتجارة، لأنه من شروط تقديم المشورة القانونية الخاصة بالاستثمار في المملكة المتحدة أن يكون الشخص مرخص من قبل السلطات المختصة بالإشراف على الشؤون المالية والمعروفة باسم Financial Conduct Authority (FCA)، وهو قطاع صغير جدا من مكاتب المحاماة المرخصة من قبل تلك الهيئة. لذلك فإن المحامي بالعادة لا يقوم بتقديم استشارات ذات صلة بالجدوى الاقتصادية من الانخراط بمشروع استثماري أو تجاري ما لم يكن مرخصاً لتقديم استشارات مالية.
لماذا يقع الأشخاص ضحايا سماسرة الفوركس؟
قلة الخبرة والمعرفة هي سبب رئيسي لذلك. يرى الضحايا الإعلانات والدعايات البراقة والمواقع المصممة بشكل راق والأرباح الوهمية التي يوهمون المتابع بأن المشتركين يكسبونها وأن الأرباح مضمونة. في بعض الأحيان، وعندما يتم التعامل مع شركات غير مرخصة، فإن الوسيط قد يتلاعب بمشاعر المضارب / التاجر ويوهمه بأنه قد حصل على أرباح كبيرة، ويشجعه على ضخ المزيد من الأموال من أجل كسب المزيد من الأرباح.
ويعتبر انتشار منصات التداول غير مرخصة التي توفر خدمات الفوركس هي أكبر عوامل وقوع الضحايا لعمليات الاحتيال من شركات التداول الوهمية وسرقة أموالهم والاختفاء بعد ذلك. بعض المواقع غير المرخصة تضع على صفحتها أرقام هواتف تبدو في ظاهرها أنها في بريطانيا، وقد يتلقى الشخص الذي سجل بياناته الأولية بعد ذلك، اتصال عبر “واتس آب” من رقم جوال يبدأ بـ 44، وهو المفتاح الدولي لبريطانيا.
كل ذلك، يوهم الضحية أن الشركة موجودة في بريطانيا، مع العلم أن الشركة ليس لها وجود في بريطانيا وقد تضع إحدى العناوين في جزيرة صغيرة في المحيط الهندي أو ما شابه ويستحيل على الشخص تعقب صدقية هل هي مسجلة أم لا، مع العلم أنه حتى لو كانت مسجلة، فلن تكون خاضعة لنظام المراقبة المالية مثل النظام المتبع في بريطانيا على سبيل المثال.
ماذا يحدث للضحية بعد ذلك؟
تردني عشرات الإيميلات والاتصالات أسبوعياً من أشخاص وقعوا ضحايا مواقع تداول فوركس غير مرخصة، وتتشابه القصة دائما، يقوم الضحية بتعبئة معلوماته على إحدى الصفحات البراقة التي تزعم الربح السريع، بعد ذلك، يتلقى الشخص الذي سجل اتصالا عبر “واتس آب” من رقم بريطاني،، يتحدث معه بالعربية ويخبره أنه مدير محفظته ويكثر من استخدام المصطلحات الإسلامية ليوهم الضحية أنه شخص متدين.
ثم يعرض على الضحية الاشتراك بمبلغ مالي بسيط جداً ويعده أنه سوف يعطيه مبلغ من قبل شركة التداول كرافعة للمبلغ الذي حدده، وبعدها يتم إيهامه بأنه كسب أموالا من خلال المتاجرة بسلعة معينة أو بالذهب. عقب ذلك، يتصل الشخص الذي يسمي نفسه مدير الحسابات بالضحية باستمرار ويطالبه بزيادة استثماراته ويوهمه أن الربح مضمون.
عندما يقرر الضحية سحب أمواله تبدأ رحلة المعاناة معه. وقد أخبرني عدد من العملاء الذين وقعوا ضحايا بقصصهم وهي متشابهة، حيث يطلب من الضحية أن يقوم بتسديد ضرائب على المبلغ الإجمالي الذي تم إيهامه أنه ربحه، أي لو كان قد استثمر مبلغ خمسين ألف دولار والوسيط غير النزيه رفع من أرباحه على المنصة الوهمية إلى مائتي ألف دولار، فإنه يطلب منه سداد مبلغ بدل ضريبة عن المبلغ كله، فيقوم الضحية بسداد المبلغ، بعدها يقومون بإدخاله بصفقات خاسرة حتى يتم إيهامه أنه خسر أمواله.
رحلة البحث عن محام
بعد أن يقع العميل ضحية لشركات تداول وهمية يبدأ رحلة البحث عن محامي عربي مختص باستراد أموال فوركس. وبدلاً من الاعتماد واللجوء إلى محامي موثوق، فإنه يلجأ من جديد إلى “غوغل” للبحث عن محامي عربي مختص باسترداد أموال فوركس. حيث يقوم بالدخول إلى مواقع مصممة باللغة العربية لأشخاص يزعمون أنهم محامين وأنهم في بريطانيا. وقد شاهدت بنفسي العديد من المواقع الوهمية التي تسرق بيانات حقيقة من محامين حقيقيين وتضعها على صفحتها أو تأخذ صور محامي معروف وتضع صورته على موقعها والمحامي لا يدري بذلك، كما أنها تقوم بوضع أرقام هواتف جوالات لأرقام تبدو بريطانية للناظر وعناوين وهمية.
تطلب هذه المواقع من الزائر القيام بتعبئة بياناته ورقم هاتفه. تكون في الغالب هذه المواقع الوهمية مرتبطة بمنصات التداول الوهمية، ولديها بيانات الضحية، ولديها معرفة بالمبالغ التي أودعها، فتوهمه أن المبالغ موجودة ومحتجزة بالبنك المركزي البريطاني أو لدى هيئة سلطة المال وتبلغه أنها ستلجأ إلى المحكمة العليا لفك الحجز. وبعد أيام قليلة يرسلوا للضحية صورة قرار مزور عن المحكمة العليا يقضى بدفع المبلغ الذي تم تحديده مسبقاً من قبل للضحية.
هنا يقع العميل ضحية لعملية احتيال جديدة، ويقوم بتسديد المبلغ، ومن الغريب أن الضحية يستجيب لدفع المبلغ الوارد على القرار المزور لحساب بنكي بإحدى الجزر أو عبر “بتكوين”. طبعا، يتم إعطاء الضحية عقد مزور باللغة العربية بعناوين وهمية.. وهذه الحالات تكررت بالمئات مع ضحايا من الدول العربية عامة ومن الخليج خاصة.
إن كنت ضحية عملية احتيال، فيمكنك التواصل معنا عبر موقع المحامون العرب
يشار إلى أن “المحامين العرب” هي منصة قانونية تقدم النصح والإرشاد القانوني ويديرها ويشرف عليها المحامي أحمد الترك عضو نقابة المحاميين البريطانيين وعضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي للحقوقيين ومقره إسطنبول.
تنبيه قانوني: هذه المقالة إرشادية وليست استشارة قانونية ولا يهدف كاتبها للتشكيك بوجود شركات حقيقية تعمل بالفوركس.