على مدار السنوات العشرة الماضية، عملت تركيا على مكافحة التنظيمات الإرهابية بمختلف أشكالها وتوجهاتها، وعلى رأسها تنظيمات “داعش” وPKK و”غولن”، مؤكدة على لسان مسؤوليها في العديد من المناسبات أن محاربة تلك التنظيمات أولوية استراتيجية وأمنية للحفاظ على أمن ومصالح تركيا القومية والإقليمية.
في ما يتعلق بتنظيم “داعش” بالتحديد، لم تتوقف تضحيات الجيش التركي والأجهزة الأمنية التركية للقضاء عليه وعلى شبكاته داخل حدود تركيا فحسب، بل تخطتها إلى دول الجوار وخاصة في سوريا والعراق، حيث شارك الجيش التركي في العديد من العمليات ضد التنظيم شمالي سوريا وفي العراق، فضلا عن مشاركته ضمن صفوف “التحالف الدولي” وتقديم كافة أشكال الدعم اللوجستي لمحاربة هذا التنظيم.
وعلى الرغم من كل الصعوبات في طريق تركيا، والاتهامات الكيدية الموجة ضدها، يرى مراقبون أنه “رغم كل هذا، إلا أن تركيا تصر على مكافحة الإرهاب شاء من شاء وأبى من أبى، متسلحة بالقانون الدولي والشرعية التي تمنحها الحق بملاحقة الإرهابيين في أي بقعة، خاصة إذا كان هذا الأمر يهدد أمنها القومي ويهدد الأمن والاستقرار في عموم المنطقة”.
وفي هذا السياق، تؤكد الاحصائيات الرسمية التركية، أن دور تركيا أساسي ومحوري في مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي، حيث نظمت تركيا ضده المئات من العمليات داخل وخارج البلاد، وهي نفسها الدولة التي تعرضت لإجرامه، خاصة أن دماء الأبرياء الذين سقطوا في مدينة إسطنبول جراء تفجير انتحاري نفذه التنظيم، في أحد أحياء المدينة، لم تجف بعد، وذلك بعد أن ضرب التنظيم في السابق كلا من العاصمة التركية أنقرة وبلدة سروج الحدودية مع سوريا، جنوبي تركيا.
وكانت رئاسة دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، قد أعلنت حصيلة الأرقام لحرب تركيا ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في المنطقة، وذلك حتى شهر تموز/يوليو 2020.
وشاركت الرئاسة رسما بيانيا أعلنت فيه حصيلة آخر الأرقام في كفاحها ضد التنظيم الإرهابي، وقالت إنه تم:
- اعتقال 13 ألف و696 مشتبها به بالانتماء للتنظيم.
- اعتقال 4517 عضو في التنظيم.
- قتل أكثر من 4 آلاف مسلح من “داعش”.
- تنظيم 4536 عملية ضد التنظيم الإرهابي.
- استشهاد 84 من القوات الأمنية التركية.
- وفاة 315 مواطن تركي مدني.
- حظر دخول 75 ألف و480 أجنبي إلى تركيا.
وعلى الرغم من كل التضحيات التي بذلها الجيش التركي والقوى الأمنية التركية، إلا أن جهات “مشكوك بأمرها” في المنطقة، تستهدف في كل مرة إظهار صورة تركيا أنها “صديق حميم للتنظيم”، وتجتهد لإيجاد صلة وصل بين تركيا، دولة المؤسسات والقانون، وبين عناصر وقيادات “داعش” الإرهابي، وذلك خدمة لجهات استخباراتية وسياسية إقليمية ودولية، أصبحت مكشوفة للجميع.
ولطالما سعت تلك الجهات لتبرير ادعاءاتها بالزعم أن “تركيا تستهدف أقلية عرقية معينة شمالي سوريا وشمالي العراق، وهم الأكراد، وذلك عبر دعم (داعش) على حسابهم”، وذلك ما تنفيه الحقائق على الأرض، حيث أن الجيش التركي أطلق العديد من العمليات شمالي سوريا، أبرزها “درع الفرات” و”نبع السلام” وغصن الزيتون”، لإبعاد تنظيمي “داعش” وPKK/PYD الإرهابيين من على حدودها، فضلا عن إطلاق عمليات “المخلب ـ النسر” بنسخها الثلاثة شمالي العراق، واستعدادها للتنسيق مع دول المنطقة من أجل القضاء على تلك التنظيمات بصرف النظر عن انتماءاتها.
وكذلك، ما أكده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وقت سابق، حيث قال إنه “من الواضح أن هؤلاء (مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون) لا يستطيعون التمييز بين المواطنين الأكراد وإرهابيي PKK وفروعه، لم ولن تكون التنظيمات الإرهابية PYD/YPG/PKK، ممثلة لإخوتنا الأكراد، فإذا كانت واشنطن تعتبر الإرهابيين من الأكراد، فهي مخطئة جدا”.
وشدد أردوغان أن “تركيا ستقوم بما يلزم من أجل القضاء على عناصر التنظيمات الإرهابية بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية، سواء كانوا من الأكراد أو العرب أو الأتراك”، مشيرًا إلى “عدم وجود أي فارق بين (داعش) وPYD/YPG/PKK”.
كما أشار أردوغان إلى أن “محاربة تنظيمات PYD/YPG/PKK الإرهابية لما يسمى (داعش) ليس سوى كذبة كبيرة”، وأردف قائلًا إن “الصراع بين هذين التنظيمين مجرد تضارب في المصالح وليس تعارضًا في المبدأ”.
وتابع أن “رحيل (داعش) واحتلال تنظيم PKK/PYD مكانها لن يحدث أي تغيير إيجابي للمواطنين الأبرياء هناك، كل الذي سيتغير هو الخرق البالية المرفوعة فوق السيارات والمباني”، لافتا أن “استهداف تركيا لهذين التنظيمين معًا لا ينبع من عداء عرقي أو ديني، وإنما لإتباعها سياسة مناهضة للإرهاب”.
ومن الجدير ذكره، أن تركيا تخوض حربا شاملة ضد عدد من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيمات “داعش” وPKK/PYD الإرهابيين، يضاف إليهم تنظيم “غولن” الإرهابي المسؤول عن المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا مساء 15 تموز/يوليو 2016.