![](https://tr.agency/wp-content/uploads/2021/04/WhatsApp-Image-2021-04-12-at-15.11.40.jpeg)
عقد نادي الإعلاميين اليمنيين في تركيا، اليوم الإثنين، ندوته الأولى في مدينة إسطنبول التركية، بحضور نخبة من الصحفيين الأتراك واليمنيين للتعريف بجذور الأزمة اليمنية ومآلاتها، حيث أوضحت أن “السعودية تاهت في القصية اليمنية، والإمارات تعمل على تشكيل الميليشيات، في ظل استمرار انقلاب الحوثيين”.
واستعرضت الندوة عددا من الأوراق التي تناولت جذور الأزمة اليمنية ومسببات الحرب المدمرة التي تدخل عامها السابع وأدت إلى أسوأ أزمة انسانية في العالم، حسب تقارير وبيانات الأمم المتحدة.
وشملت الندوة محورين، الأول سياسي، أداره الإعلامي عارف الصرمي، تناولت خلاله أوراق العمل “الانقلاب الذي نفذته جماعة الحوثي في اليمن على العملية السياسية، وآثاره الكارثية على المشهد العام في البلاد”.
كما تناولت “التواطؤ الدولي إزاء جرائم الحوثيين وانحراف التحالف عن أهدافه وانعكاسات ذلك على مسار الأزمة”.
فيما تناول المحور الثاني، الذي أداره الإعلامي صلاح بابقي الجانب الإنساني والحقوقي، استعرضت خلاله أوراق العمل “جرائم الحرب من مختلف الأطراف والانتهاكات والقمع المختلفة بحق اليمنيين”.
الكاتب والباحث السياسي ياسين التميمي، تناول “الانتقال السياسي والانقلاب في اليمن”، حيث وقف من خلالها على طبيعة ما جرى في اليمن.
وأجاب على “السؤال الملح: لماذا انتهى التغيير الذي تم وفق نموذج أشاد به المجتمع الدولي، إلى انقلاب تحول إلى وجهة نظر لدى ذلك المجتمع رغم أنه كان قد وضع كل ثقله لإنجاح عملية الانتقال السياسي في بلد يبدو أكثر من غيره في أمس الحاجة إلى التغيير والخروج من نفق الأزمات متعددة الأبعاد ومن الانسداد السياسي الخطير الذي أوصل البلد إلى مرحلة الفشل نتيجة السياسة الخاطئة لرأس النظام السابق”.
وأشار التميمي في ورقته إلى ثلاثة محاور “تطرق فيها إلى حلم التغيير وكلفته في مواجهة الاستبداد، والرحلة التي قطعها شباب الثورة من الثورة إلى التسوية، وكيف جاء انقلاب 21 أيلول/سبتمبر 2014 تعبيرا صارخا للثورة المضادة التي أداتها ومولتها ماكينة إقليمية حاقدة وموتورة ومتوجسة من الربيع العربي”.
وأكد أن “ثورة الحادي عشر من شباط/فبراير الشبابية الشعبية السلمية في اليمن لم تفشل ولم تسقط أهدافها، بل كانت نموذجا للنجاح في إحداث التغيير بكلف بسيطة، ولم تكن في إطار ما هو متاح لتسمح للفرصة أن تفلت من يدها لذلك حرصت على إنجاز التغيير بأدوات سلمية”.
ولفت التميمي إلى “الأدوار التي لعبتها مؤسسات الدولة ورأس الدولة نفسه والتي قدمت كل التسهيلات لإنجاز الثورة المضادة، وهي خيانة كان أبسط الناس يدرك أنها ستنتهي إلى الإطاحة بالسلطة الانتقالية ورئيسها وقد كان”.
من جانبه، أفاد محمد المقبلي في ورقته أن “الأزمة اليمنية منذ انقلاب جماعة الحوثي في اليمن في 21 أيلول/سبتمبر 2014 ازمة مركبة ويتداخل فيها ما هو تاريخي بالسياسي وتشتبك فيها المسألة المحلية بالمسألة الإقليمية”.
وأكد أن “الجذور التاريخية للأزمة مرتبطة بالمسألة الفكرية وفكرة الإمامة على وجه التحديد”.
وأوضح المقبلي أن “الجانب الفكري والتاريخي يعود إلى القرن الثالث الهجري بدخول يحيى ابن الحسين (الرسي) إلى اليمن محمّلا بفكرة الإمامة للبيت الهاشمي، وفيه يدعي أن الحكم للهاشميين من سلالة الحسن والحسين”.
ورأى المقبلي أنه “منذ تلك الحقبة شهد اليمن سلسلة من الأئمة الذين حكموا اليمن باسم الحق الإلهي الهاشمي وولاية البطنين، وتعني أن يكون الهاشميون المتناسلون من الحسن والحسين حكّاما على البلدان الإسلامية”.
كما تطرق أيضا إلى “الجغرافيا كسبب آخر للأزمة اليمنية من حيث موقع اليمن على طريق الممر الدولي الأكثر حساسية في العالم”.
وانتهت ورقة المقبلي بالقول إن “خطر استمرار انقلاب جماعة الحوثي ينتمي إلى المخاطر المباشرة على الأمن القومي اليمني خصوصا على الركائز الأربعة للدولة اليمنية الحديثة، وهي الهوية والجمهورية الديمقراطية والوحدة الوطنية”.
من جانبه، قدم الصحفي، علي الفقيه “صورة مقاربة للخلاصات التي انتهى إليها المقبلي”، قائلا إن “عمر الحرب في اليمن وبتوقيت اندلاعها الأخير تعتبر في عامها السابع إلا أنها عمليا وبالنظر إلى جذورها وإلى مسببات اندلاعها فإن عمرها يمتد لعقود من الزمن”.
واستعرض في ورقته “المحطات المهمة التي ساهمت في وصول البلد إلى وضعه الحالي، ومنها مشاركة نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح والذي قامت عليه ثورة 11 فبراير مع الانقلابيين، ما أدى لتحالفه مع جماعة الحوثيين وهي حركة ذات طابع عنيف وتحمل فكرا طائفيا وتقوم على الاعتقاد أن لذرية النبي محمد من بنته فاطمة، الحق الحصري في الحكم”.
ورأى أن “من الأسباب الكامنة أيضا أداء الأحزاب السياسية اليمنية الهزيل والمشتت والعدمي، حيث عقدت الوضع وفشلت في أن تكون رافعة سياسية لثورة 11 فبراير وأسهمت في إفساح المجال لحضور المشاريع الانفصالية والطائفية”.
وأضاف أنه “ورغم التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية جاء إلى اليمن بهدف معلن هو دعم الشرعية اليمنية ومواجهة الانقلاب الحوثي، إلا أن هذا التحالف السعودي الإماراتي دخل بأجندات مختلفة وبدا بعد سنوات أنه غير جاد في حسم المعركة لأنه لم يمكن الجيش اليمني من أدوات القوة التي تجعله قادرا على الحسم”.
وتابع أنه “وأسوأ من ذلك، حيث ذهب التحالف إلى تفخيخ الساحة اليمنية بصناعة مزيد من المليشيات والكيانات المتنافرة”، مشددا أن “الإمارات شكلت ميليشيات مسلحة في الجنوب ودعمت نجل شقيق الرئيس السابق طارق صالح في الساحل الغربي لليمن”.
وأكد الفقيه أن “المملكة السعودية بقيت تائهة غير قادرة على وضع يدها بيد شركاء أقوياء على الأرض وترفض أن تسلح الجيش اليمني”.
وأضاف أنه “أمام هذا كله، تبدو الحكومة اليمنية عاجزة عن استعادة القرار المسلوب بعد أن تمكنت السعودية من وضع موالين لها في المفاصل المهمة وتحول الرئيس ونائبه ورئيس الحكومة وأعضاؤها إلى دمى بيد السفير السعودي”.
أما الناشط الحقوقي، محمد الأحمدي، فاستعرض في ورقته “جرائم الانتهاكات والتعذيب في ظل الحرب والتي تصدرتها مليشيا الحوثي”، مؤكدا أن “الحالة اليمنية تميزت منذ الانقلاب على السلطة الشرعية، بهدر غير مسبوق للحقوق الأساسية، وفي مقدمها الحق في الحياة، وحصد النزاع المسلح أرواح اليمنيين بشتى الوسائل”.
وأشار الأحمدي إلى “بروز ظاهرة التوظيف السياسي لعمليات القتل العشوائي في سياق قمع الخصوم السياسيين ومحاولة تطبيع الوضع الانقلابي القائم”.
وتطرّق لـ”ظاهرة التعذيب بوتيرة ممنهجة في السجون الواقعة تحت سيطرة قوات الحوثيين وفي سجون القوات الإماراتية في عدد من مدن جنوب اليمن”، مشددا أنه “على مدى ست سنوات من الانقلاب في اليمن، نسفت ممارسات الحوثيين وحلفائهم كسلطة أمر واقع كل مضامين التشريع الوطني والمواثيق والاتفاقيات الدولية”.
واعتبر أن “السجل القاتم لحقوق الإنسان في السعودية والإمارات ألقى بظلاله على المسألة اليمنية، وبدت حرب السعودية والإمارات كأنها امتداد لسلوك البلدين المستهتر بحقوق الإنسان”.
من بين ذلك، حسب الأحمدي “استهتار البلدين بأرواح المدنيين واستهداف تجمعاتهم، خاصة صالات العزاء والأفراح وتجمعات الأطفال، ناهيك عن شبكات السجون السرية وفظائع التعذيب التي كشف عنها النقاب في عدة تقارير حقوقية دولية”.
وخلص الأحمدي إلى أن “اليمن أضحى ساحة مفتوحة لانتهاكات حقوق الإنسان للعديد من الأطراف المحلية والإقليمية، في الوقت الذي يبدو مناخ الإفلات من العقاب سائدا”.
وتطرقت الندوة لوضع المرأة اليمنية في ظل الحرب، الذي “يعد أسو مرحلة مرت بها منذ أكثر من خمسين سنة”، كما قالت نادية عبد الله الأخرم، وكيلة وزارة الشباب والرياضة لقطاع المرأة.
وأوضحت الأخرم أن “المرأة اليمنية تتعرض لانتهاكات لا حصر لها من قبل مليشيات الحوثي وتعرضت لكافة أنواع الانتهاكات”، مشيرة إلى ان “منظمة واحدة فقط سجلت أكثر من 4 آلاف حالة انتهاك خلال ست سنوات من الانقلاب وشملت اختطافات واغتصاب وتعذيب”.
وتابعت “هذا عدا ما تتعرض له المرأة من آثار الحرب كنزوح وتشرد ومعاناة في حياتها سواء بالجانب الاقتصادي أو الصحي والتعليمي”.
أما في مجال الحريات الإعلامية، ففال الصحفي شاكر أحمد خالد، خلال الندوة إن “مليشيا الحوثي شنت حرب شعواء على الصحافيين اليمنيين، وشملت اغتيالات وخطف وتعذيب وملاحقة الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأوضح في ورقته المعنونة “محنة الإعلام اليمني في زمن الانقلاب والمليشيات” أن هذه “الممارسات، والانتهاكات بمثابة حرب مفتوحة أعلن عنها زعيم مليشيا الحوثي عبدالملك الحوثي على الإعلاميين.. وقال عبد الملك الحوثي في خطاب بثته قناة (المسيرة) التابعة للحوثيين في سبتمبر 2015، إن المخالفين لتوجهه من فئة الصحفيين والمثقفين أكثر خطرا على هذا البلد ممن يقاتلون في الجبهات”.
وتابع أنه “ولم يتوقف الأمر في الانتهاكات عند الحوثيين، ففي المناطق الواقعة تحت نفوذ الإمارات والسعودية وعبر أدواتهما المحلية شهدت هي الأخرى تضييقا على الحريات الصحافية والإعلامية”.
ورأى شاكر أن “المحنة التي تمر بها الحريات الصحافية في اليمن والعاملون في هذه المجال ومؤسساته لا سابق لها وهي ثمن سقوط الدولة في قبضة المليشيات”، مشيرا إلى أن “هناك انتهاكات خارج اهتمامات الراصدين ولم يتم الإبلاغ عنها بسبب الخوف من تبعات الإبلاغ”.
كما قدم الصحفي، يوسف عجلان، وهو أحد الصحافيين المفرج عنهم من سجون الحوثيين “صورة حية خلال الندوة عن أساليب التعذيب التي تمارسها مليشيا الحوثي بحق الصحفيين”.
وقضى عجلان في سجون الحوثي، مدة عام وشهرين.
وأكد عجلان أن “الصحفي عدو الحوثي بشكل رئيسي، فهو من ينقل المعلومة ويفضح ما تقوم به من جرائم، لذلك فإن الصحافة في مناطق الحوثي معدومة وغير متوفرة إلا لمن هم يتبعون للمليشيا”.
ورغم لجوئه إلى تركيا، قال إن “التهديدات تصله عبر عائلته بين الحين والآخر لمطالبته بالتوقف عن الحديث ضدهم”.
وتعد الندوة المغلقة التي عقدها نادي الاعلاميين اليمنيين في تركيا، الأولى له لتعريف الصحفيين الأتراك بجذور الأزمة اليمنية ومن تسبب بجرائم الحرب المدمرة.
وأنشئ النادي، حسب ما يُعرّف نفسه، بترخيص من الحكومة التركية، ككيان إعلامي يعبر عن الهوية اليمنية ويهدف إلى تعزيز أوجه الشراكة بين اليمن وتركيا على أساس المصالح المشتركة، وبناء جسور تواصل بين الصحفيين اليمنيين الموجودين في تركيا للدفاع عن اليمن ضد مخاطر الطائفية و الوصاية والاستبداد، و السعي لدى الجهات التركية للحصول على الامتيازات الخاصة بالصحافيين أسوة بزملاء المهنة في البلد.