مدونات TRمميز

الشائعات.. فيروسات العالم الخفية

الشائعات منذ فجر التاريخ كما يقول جان -نويل كابفيرير إنها “الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم”. فالشائعات بشكل عام والأخبار الزائفة بشكل خاص أو كما يطلق عليها “The Fake News”، تعد من أخطر الأسلحة فتكا في المجتمعات والدول وهي كالفيروسات سريعة الانتشار.

يمكن تعريف الإشاعة على أنها خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع سريع و تُتداول بين العامة بشكل أكبر. حقًا أصبحت هذه الظاهرة منتشرة أكثر فأكثر، ومن بين الأسباب التي تشجع على انتشار هذه العادة السيئة وغير الأخلاقية في مجتمعنا، الجهل، إذ يجد الجاهلون المتعة في التحدث بشكل سيء عن الآخرين، فيروس الغيرة يجذب انتباه الناس من أجل تشويه سمعة الآخرين.

هذا ما نراه شائعًا جدًا على الشبكات الاجتماعية، وأيضًا شعور الفرد بالنقص مما يجعله ينشر الإشاعة. كذلك، فإن تقصير الإعلام في نشر الحقائق يساهم أيضاً في نشر الشائعات والأخبار الزائفة بشكل خاص. فكثرة تناقل الخبر بين الناس يساهم في الإضافة على الخبر أو تغييره بالكامل.

في مثل هذه الحالات، لا يمكن الحديث فقط عن مفهوم “الإشاعة” أو “الأخبار الكاذبة”، بل نواجه مفهومًا أكثر اكتمالاً يحاول جمع معاني ودلالات المفاهيم السابقة. القضية هنا تتعلق بالتضليل الذي لا يعتبر ظاهرة جديدة في مجال الإعلام، ولكن الجديد هو توسع انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة وسرعة انتشارها، بفضل الإعلام الرقمي.

وعلى الرغم أن خلق الأخبار الزائفة ليس وليد اليوم، بل منذ القدم فإنه يجب التعامل مع الإشاعات والأخبار الزائفة بحذر شديد، وذلك بما تشكله من خطر على عقل ونفسية الإنسان، واستقرار وأمن المجتمع، حيث إنها تنشر الذعر والخوف في المجتمع خصوصا مع انتشارها غير المتحكم فيه، في ظل هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي على الحيز الأكبر منها.

هناك بعض النقاط التي يجب الإشارة لها للتعامل مع الأخبار الزائفة، إذ يجب في الأول التأكد من الخبر والتثبت منه قبل تصديقه أو نشره عبر الوسائل المتاحة للتأكد من الخبر إذا ما كان من مصدره الذي أطلقه. أيضاً يجب عدم إعادة وتكرير الشائعة بل كتمانها، إذ يعتبر ذلك من أنجح الوسائل للقضاء عليها لأن الكتمان يميتها ويوقف انتشارها.

إلى ذلك، فإن السماح بتمريرها لأشخاص آخرين يساهم في تداولها أكثر من قبل الأفراد في المجتمع، فلو أن كل شخص وصلته شائعة وقام بمسحها من جهازه لما استمرت تلك الشائعات بالانتقال من شخص لآخر ومن مكان لأخر ولجنّبنا المجتمع الكثير من الشرور، دون أن ننسى ما علمنا إياه الإسلام من حسن الظن.. فلو أحسن الشخص الظن وعلم أن هناك عدة خبايا وراء هذه الشائعات لما انتشرت.

لأجل التصدي الشائعات، يجب أن يضع الشخص نفسه في مكان الأخرين، فهل يرضى أن ينشر عنه خبر كاذب ويسيء له أو لسمعته؟، إنه لمن الأفضل أن يكون هناك توعية للأطفال بحيث نزرع فيهم حب السؤال عن أي معلومة تصلهم أو يقرأوها على مواقع التواصل الاجتماعي وأن لا نساهم بنشرها دون التأكد من صحتها.

يجب أن يكون هناك علاقة تكميلية بين الإعلام والمصادر المسؤولة في تبيين الحقائق واستغلال التطور التكنولوجي في الأمور الإيجابية كالبحث وإيجاد وتوضيح الحقائق للناس. يجب كذلك نشر الوعي في المجتمع لكيفية التصدي للشائعات وتطوير التفكير النقدي وتثقيف الأفراد، يفترض أن يكون هناك عقاب صارم لمصدر الشائعة ومن ساهم في نقلها والعقاب أيضا لمن ساهم في النشر لأن خطره أكبر على أفراد المجتمع.

في النهاية، يستحسن أن يقوم الإعلام بدور جيد للتعامل مع هذه الشائعات، فوسائل الإعلام الحديثة هي أفضل من يقوم بتوضيح المعلومات لأنها الأسرع والأكثر انتشارا، إذ إنه من الجيد أن يكون الإعلام مبادراً وليس ملاحقا.

زر الذهاب إلى الأعلى