احتفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الخميس، بمناسبة الذكرى الـ 105 لمعركة “كوت العمارة” التي انتصر فيها الجيش العثماني على الاحتلال البريطاني.
وقال أردوغان في تغريدة نشرها على حسابه في “تويتر”، “استذكر بالرحمة والتقدير جميع الشهداء في الذكرى الـ 105 لانتصار كوت العمارة، إحدى الملاحم المجيدة التي سطرتها أمتنا”.
كما دعا أردوغان الله بأن تنعم أرواح الشهداء بالسعادة في الجنة.
ويحتفل الشعب التركي يوم 29 نيسان/أبريل من كل عام بالنصر الذي حققته القوات العثمانية في ملحمة “كوت العمارة” على الاحتلال البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى.
وتعتبر المعركة ثاني أكبر نصر للقوات العثمانية في تلك الحرب، بعد معركة “جناق قلعة” عام 1915، إذ انتهى حصار الكوت باستسلام الجيش البريطاني البالغ عدده أكثر من 13 ألف جندي بالكامل.
اقرأ أيضا..
تصادف يوم 29 نيسان/أبريل 2021 الذكرى السنوية الـ 105 لملحمة “كوت العمارة” التي وقعت خلال الحرب العالمية الأولى، بين قوات الدولة العثمانية والاحتلال البريطاني في العراق عام 1916.
تسجل هذه الذكرى انتصار الدولة العثمانية على بريطانيا، التي شهدت أكبر مذلة في تاريخها، كما يروي مؤرخوها، حيث استسلم أكثر من 13 ألف جندي بريطاني عاجزين بعد حصار مطوّل من قبل القوات العثمانية.
يقول خليل باشا أحد ضباط الجيش العثماني القادة في هذه الملحمة، بعد رؤيته الجنود البريطانيين يعلنون استسلامهم دون قيد أو شرط، “سيجد التاريخ صعوبة في العثور على كلمات لتسجيل هذا الحدث”.
ويشير خليل باشا إلى “كوت العمارة” على أنها النصر الثاني بعد “جنق قلعة”، حيث يقول “لقد رأينا كيف كسر ثبات العثمانيين عناد الإنجليز في نصرنا الأول بجنق قلعة، وها نحن نرى ذلك مجددًا في نصرنا الثاني بكوت العمارة”.
أكبر انتصار في الحرب العالمية الأولى بعد جناق قلعة
وقعت ملحمة “كوت العمارة” في 29 نيسان/أبرلي عام 1916 بين القوات العثمانية وجيش الاحتلال البريطاني، في مدينة الكوت على نهر دجلة على بعد نحو 180 كيلومتر من العاصمة العراقية بغداد.
واجهت قوات الجيش العثماني القوات البريطانية المحتلة التي كانت تهدف ضمن حملة عسكرية، للسيطرة على أراضي العراق التي كانت تابعة للدولة العثمانية آنذاك.
وبقيادة الجنرال الإنجليزي تشارلز فير فيريرز تاونسند، تمكنت تلك القوات من احتلال مدينة البصرة في تشرين الثاني/نوفمبر 1915، هادفة من ذلك إلى تطويق الجيش العثماني الذي كان متمركزًا وسط العراق.
إلا أن القائد العثماني نور الدين باشا كان بانتظار تلك القوات وهي بطريقها نحو بغداد، لتندلع مواجهات حامية بين الطرفين.
وأدت هذه المواجهات إلى خسارة القوات البريطانية قرابة ثلث جنودها، لتعلن مع ذلك انسحابها نحو مدينة الكوت، محاولة من ذلك استجماع قوتها من جديد.
استغل نور الدين باشا هذه الفرصة، وفرض حصارًا خانقًا على القوات البريطانية، بعد أن طلب من قائدها تاونسند الاستسلام فرفض.
واستمر الحصار على مدار 4 أشهر ونصف، وكان حصارًا خانقًا تمكن من كسر عناد البريطانيين أمام ثبات العثمانيين كما يصف خليل باشا.
وتشير الوثائق التاريخية البريطانية إلى أن بريطانيا حاولت مرات عديدة فك الحصار، من خلال إرسال قوات مثل الهجوم البري الذي شنه الجنرال أيلمر في مطلع كانون الثاني/يناير 1916، لكنه اضطر للتراجع بعدما فقد 4 آلاف من جنوده.
كما تشير تلك الوثائق إلى أن القوات البريطانية أكثر من هزيمة متتالية أمام القوات العثمانية، قبل أن يعلن أكثر من 13 ألف جندي بريطاني استسلامهم التام دون شروط.
أخيرًا رفع قائد القوات البريطانية تاونسند الراية البيضاء، معلنًا استسلامه وجنوده الذين شارفوا على الموت، بعد محاولات بائسة عديدة من ضمنها عرض 2 مليون جنيه على القائد العثماني نرو الدين باشا.
الاستسلام الأكثر إذلالًا في التاريخ العسكري البريطاني
بعد إعلان البريطانيين استسلامهم دون شروط، قامت القوات العثمانية بأسر تاونسند إلى جانب 5 جنرالات، و481 ضابطًا، و13100 جنديّ.
ويصف المؤرخ البريطاني جيمس موريس، الهزيمة التي تلقتها بلاده في كوت العمارة على يد العثمانيين، بأّنها “الاستسلام الأكثر إذلالًا في التاريخ العسكري البريطاني”.
وبعد النصر العثماني الكبير الذي تحقق في الكوت، رفع قائد الفوج الثالث العثماني، النقيب نظمي، العَلَم العثماني على مبنى الحكومة في الكوت، كما رُفعت راية الفوج على مقر الجنرال تاونسند.
وفي تلغراف إلى قيادة الجيش العثماني، قال خليل باشا الذي كان قد تولى قيادة المعركة خلفًا لنور الدين باشا “لقد سقط 350 ضابطًا و10 آلاف جندي من جيشنا شهداء على أرض الكوت، إلا أن المعركة تكللت بنصرنا واستسلام 13 جنرالًا و481 ضابطًا، و13 ألف و300 جندي من الجيش البريطاني”.
وذكر أنّ “القوات التي جاءت لإنقاذ أو دعم البريطانيين انحسبت، بعدما سقط منها 30 ألف قتيلًا”.
وختم خليل باشا تلغرافه بالتأكيد على على “أننا أمام فرق كبير لدرجة تدهش العالم. سيجد التاريخ صعوبة في العثور على كلمات لتسجيل هذا الحدث. لقد رأينا كيف كسر ثبات العثمانيين عناد الإنجليز في نصرنا الأول بجنق قلعة، وها نحن نرى ذلك مجددًا في نصرنا الثاني بكوت العمارة”.