مدونات TRمميز

أهمية الثقافة القانونية للفرد والمجتمع

القانون هو علم الحياة فهو الذي ينظمها ويضع القوانين لتعاملات الناس مع بعضهم البعض، ولذلك فمن الضروري أن يكون لدى كل فرد من أفراد المجتمع الحد الأدنى من الثقافة القانونية، وهذا القدر قد يزيد وينقص حسب عمر وثقافة الشخص.

أهمية الثقافة القانونية أنها تُبصر الشخص بحقوقه وواجباته تجاه الآخرين بحيث لا يتهاون بالمطالبة بحقوقه، وتحميه من الاستغلال وسوء المعاملة وضياع حقوقه من قبل الآخرين وكذلك تساعده على الالتزام بالقانون وتجنب القيام بتصرفات خاطئة تكون مخالفة للقانون وهو لا يدري.

فكما هو معلوم، فإن الجهل بالقانون لا يعفي صاحبه من الوقوع تحت طائلة المسؤولية.

يجب أن تبدأ التوعية بالثقافة القانونية من المراحل الدراسية المبكرة للفرد بحيث يعطى الطالب جرعة تتناسب مع سنه وفهمه بشكل تدريجي من المراحل الابتدائية حتى التخرج الجامعي.

وقد حرصت الدول المتقدمة على تضمين مسارات تعليمية خاصة بالطلاب تتعلق بالثقافة القانونية ضمن المناهج الدراسية ليفهم الطالب ويقدر قيمة القانون.

على من تقع مسؤولية نشر الثقافة القانونية:

• الدولة من خلال وزارة التربية والتعليم والإعلام والعدل، بحيث تجعل المناهج التعليمية متضمنه لمسارات الثقافة القانونية وتقوم بالترويج لها بالإعلام وتوجه وزارة العدل على توفير مراكز للإرشاد القانوني والعون القانوني بشكل مجاني للجميع.

• رجال القانون والمحامون من خلال ندوات ومحاضرات لعامة الناس، وتتولى نقابة المحامين إصدار نشرات تعريفية بالحقوق القانونية للعمال مثل قضايا الفصل التعسفي والراغبين بالتملك وشراء عقار وقضايا الاسرة والطلاق وتشجع المحامين على العمل القانوني التطوعي.

• على رجال الإعلام من خلال توفير منصات إعلامية للقانونيين، وهناك العديد من قنوات التلفزة والمواقع الإخبارية التي تقوم بمثل ذلك من خلال استضافة مختصين قانونين وفتح المجال للمشاهدين للتفاعل وطرح استفساراتهم أو كتابة مقالاتهم القانونية.

• على المدرسة (توفير مسار تعليمي قانوني).

• على الأبوين من خلال تعليم الأطفال إبجديات القانون.

• على الأفراد من خلال البحث والمطالعة فالجهل بالقانون لا يعفي صاحبه من المسؤولية.

ويجب أن يدرك الجميع، أن الالتزام بالقانون هي مسؤولية الجميع وليس فقط رجال القانون أو الشرطة.

الثقافة القانونية العامة

يجب أن يكون لدى كل فرد من أفراد المجتمع ثقافة قانونية عامة تتضمن ما يلي:

• قوانين السير بكل تفاصيله، منها السرعة وإشارات المرور وعدم الإزعاج باستخدام الزمامير مساء.

• قوانين الانتخاب والترشح واختيار المجلس البلدي.

• قوانين الضرائب وخاصة دخل الأفراد والشركات لأصحاب الشركات.

• قوانين الضمان الاجتماعي والمساعدات لذوي الدخل المحدود.

• القوانين الخاصة بالسفر مثل عدم إدخال اللحوم ومشتقات الحليب والأموال النقدية دون التصريح عنها وعدم حمل أدوية قد تكون ممنوعة في تلك الدول (مثل ادوية بها نوع من المخدرات).

• القوانين الصحية وحق المواطن بالحصول على العلاج والدواء.

الثقافة القانونية للعامل / العاملة

يخسر الكثير من العمال حقوقه بسبب عدم معرفتهم بحقوهم القانونية وعدم فهم عقد التوظيف وشروط العمل، لذلك من الضروري أن يدرك العامل والموظف الأمور التالية:

• يجب عدم التمييز ضده بسبب لونه أو عرقه أو جنسه أو إعاقته أو دينه أو ملابسه.

• فهم عقد العمل قبل التوقيع عليه بما في ساعات العمل والعطل والأجور.

• حقه بالإجازة لأداء عبادته مثل صلاة الجمعة.

• عدم التحرش الجسدي أو اللفظي بين الزملاء.

• الغياب عن العمل غير المبرر قد يؤدي إلى الطرد من العمل.

• التقصير في العمل قد يؤدي إلى الطرد (قامت شركة أمازون بتعقب الموظفين وفصلت المئات منهم بسبب تهاونهم بالعمل).

• وجود النقابات العمالية هو لصالح العامل فهي تدافع عن حقوقه.

الثقافة القانونية للأسرة

تختلف الثقافة القانونية للأسرة باختلاف الزمان والمكان، ففي الدول الأوروبية على سبيل المثال، يعتبر عدم ذهاب الطلاب ممن هم دون سن 14 عاماً مخالفة قانونية قد تودي بالأبوين إلى السجن إن قصرا بإرسال أولادهم إلى المدرسة.

كما أن ضرب الأولاد أو التقصير برعايتهم الصحية قد يؤدي إلى حرمان الآباء من أبنائهم ووضعهم في رعاية المجلس البلدي وتعريض الأبوين للمسائلة القانونية.

إن عدم معرفة بعض الأمور القانونية البسيطة قد تسبب للأبوين متابعات قانونية جادة منها ترك الأطفال بالبيت بدون وجود مرافق للتأكد من سلامتهم.

وهناك أمور قانونية أخرى قد تهم الشريك الثري معرفتها مثل ماذا سيحصل لثروته لو حصل الطلاق، لذلك يلجأ البعض لعقد اتفاق موقع مع الزوجة يسبق الزواج.

فوائد نشر الثقافة القانونية

نشر الثقافة القانونية ينجم عنه فوائد متعددة نذكر منها:

• حفظ الحقوق وعدم ضياعها فمن لا يعرف حقه لا يمكنه أن يطالب به وكذلك حفظ حقوق الاخرين.

• خفض النزاعات القانونية وتخفيف الضغط على المحاكم.

• نشر السلم والوئام في المجتمعات لأنها ستكون خالية من التجاوزات القانونية.

• سيادة القانون، لأن معرفة وفهم القانون والتربي على احترامه تساعد على صون سيادة القانون.

• خفض الصرف المالي على المحاكم والنزاعات القانونية.

• التقدم الحضاري للمجتمعات وحل النزاعات بطريقة حضارية.

وفي الختام، لا بد أن نذكر أنه مهما ارتقى الإنسان بعلمه القانوني ومعرفته بما هو مسموح وما هو هو ممنوع، إلا أنه قد يجد نفسه يوماً أمام معضلة أو مشكلة قانونية تستوجب عليه الاستعانة بمستشار قانوني أو محام لتوجيهه بما عليه القيام به، وهنا يأتي دور المحامين المختصين بذلك المجال القانوني سواء كان قانون تجاري أو عقاري او قانون اسرة او ميراث او قانون العمل.

أحمد الترك

محام وعضو نقابة المحامين البريطانيين ورئيس منصة "المحامون العرب في لندن"
زر الذهاب إلى الأعلى