نعم، سؤال يطرح نفسه: ماذا بعد التقارب بين أنقرة والقاهرة، وهل سيتخلي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن المعارضة المصرية متمثلة بجماعة الإخوان المسلمين، وهو الذي رسم صورة لنفسه طيله سنوات نابعة من أيديولوجية يتبناها هو وحزبه حزب العدالة والتنمية؟!
هذه الصورة تقول بنصرة المظلوم وإغاثة الملهوف وتعزيز قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان.
أم أن التقارب التركي المصري جزء من رؤية أردوغان للوصول لعام 2023؟!
هنا أقول، لا تحمّلوا أردوغان فوق طاقته، إنها السياسة حيث لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة.
حزب العدالة والتنمية لديه معارضة داخلية شرسة، العالم كله يدعمها وفي مقدمتهم كثير من حكام الخليج والأنظمة الاستبدادية، لذا كان هذا التقارب الذي يصب بمصلحة الشعبين المصري والتركي، بداية من شرقي المتوسط عين تركيا ورؤيتها في الحصول على حقها من غاز هناك، وتعزيز سيادتها عند حدودها البحريه، وكذلك حفاظ مصر على حقها في مياهها وحدودها شرقي المتوسط وحفظ أمنها القومي عند حدودها الغربية مع ليبيا.
الجدير بالذكر أن الوجود التركي في ليبيا طبقا للاتفاقيات بين أنقرة وطرابلس غيّر موازيين القوي لتصب في مصلحة الشعب الليبي.
كذالك التقارب التركي المصري يعزز التبادل التجاري بين أنقرة والقاهرة بما يخدم الشعوب.
أما عن المعارضة الخارجية للنظام المصري، وتحديدا المقيمين على الأراضي التركية، والذين طُلب منهم التهدئة.. هنا أقول إن الأشجار تغير أوراقها وليس الجذور، بمعنى أن تركيا نصيرة المظلومين لن تتخلى عن مبادئها، ولكن فن الممكن بما يخدم مصالح الشعب والحصول على حقوقه.
تركيا لن تُرحّل معارضا لأنها بلد قانون، والمقيمون فيها يمتثلون للقانون.
التقارب ربما يحرك المياه الراكدة في ملف المعتقلين في مصر لأننا أصبحنا نعيش أمرا واقعا وإن كان مرا، وهذا الأمر تحديدا نتركه للأيام فهي حبلى بالمفاجات.
وخلاصه القول: تركيا لن ترحل معارضا ولن تتنازل عن قطرة مياه واحدة من مياه شرقي المتوسط بما تحتويه من كنوز تعزز سيادتها واقتصادها، ويضمن للعدالة والتنمية البقاء في سدة الحكم وعينه على عام 2023، مفوتا الفرصة على المعارضة وتوجهاتها العلمانية، متمثلة بحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، والذي يمتلك رأس مال ضخم بالإضافه للدعم الخارجي.
من حق تركيا أن تفعل ما تراه مناسبا لمصالح شعبها، وكذلك من حق حزب العدالة والتنمية العمل بهذا السياق ليكون مسؤولا أمام القفة الذي منحه إياها الشعب التركي عبر صندوق شفاف رغم المليارات التي أنفقت وتنفق وستنفق مستقبلا، لإسقاط هذا الحزب بقيادة أردوغان.
من أزاح 6 أصفار من الليرة التركية.. لن تسقطه مليارات تُدفع ضده هنا وهناك.