تقاريرهام

لقاء أردوغان ـ بايدن.. نحو تحسن العلاقات التركية الأمريكية أم العكس؟ (تقرير)

توجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأحد، للمشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي الـ”ناتو”، التي ستعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم غد الإثنين، حيث من المرتقب أن يلتقي على هامش القمة نظيره الأمريكي جو بايدن، وذلك في أول لقاء بين الرئيسين منذ تولي دخول بايدن البيت الأبيض قبل نحو 5 أشهر.

ومن المنتظر أن يناقش الزعيمان العديد من القضايا الخلافية بين تركيا والولايات المتحدة، والتي يعود معظمها إلى الفترة التي سبقت تولي بايدن للسلطة في كانون الثاني/يناير 2021، وكانت سببا في توتر العلاقات، خاصة أن بايدن لم يحمل في المكالمة التي أجراها مع أردوغان في نيسان/أبريل الماضي أخبارا سارة، إذ أعلن أن إداراته سوف تعترف بما يسمى بـ”الإبادة” المزعومة للأرمن عام 1915، وهذا ما حصل لاحقلا بقرار من بايدن، الأمر الذي دفع العديد من المحللين والخبراء السياسيين للتكهن بمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين تتسم بـ”البرودة”.

قضايا خلافية ولقاء ندّي

من المزمع أن يتطرق أردوغان خلال لقائه بايدن إلى العديد من الخلافات بين أنقرة وواشنطن والتي تتراوح بين دعم الولايات المتحدة لتنظيمي PKK و”غولن” الإرهابيين، وشراء تركيا العضو في الـ”ناتو” لأنظمة دفاع جوية روسية الصنع.

وفي 1 حزيران/يونيو 2021، قال أردوغان خلال لقاء تلفزيوني معه على قناة TRT HABER التركية، إنه سيسأل عن سبب توتر العلاقات الأمريكية التركية، عندما يلتقي نظيره الأمريكي جو بايدن في قمة الـ”ناتو” المقبلة، مضيفا أنه عمل مع ثلاثة رؤساء سابقين و”لم يواجه مثل هذا التوتر معهم”.

وفي هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أحمد الهواس لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “العلاقات الأمريكية التركية ليست على ما يرام منذ سنوات، والسبب يكمن في النهضة التركية، وفي سعي تركيا لأن تكون دولة كبرى في العالم وليس دولة وظيفية في حلف شمال الأطلسي، وقد بدا الخلاف واضحًا بين أنقرة وواشنطن لاسيما في الثورة السورية، فقد سحبت أمريكا منظومة الباتريوت من تركيا، ولم تدعم موقف تركيا بنصرة الشعب السوري وإسقاط نظام الأسد”.

وتابع “بل سعت واشنطن لإسقاط حكومة العدالة والتنمية واحتضنت تنظيم (غولن) وكانت وراء الانقلاب الفاشل عام 2016، وكذلك حرب الليرة وإضعاف الاقتصاد التركي، ومن ثم دعم PKK الإرهابي المتخفي تحت مسمى قوات سوريا الديمقراطية، والتعاون معه بذريعة حرب (داعش)، ومن ثم تسليمه أغنى المناطق السورية على حدود تركيا”.

ولفت الهواس إلى أن “تركيا اضطرت لصفقة S-400 الروسية لأنها أدركت أن أمريكا لن تسلمها الباتريوت فضلا عن أن أمريكا أبعدت تركيا عن برنامج تصنيع F-35 ولذلك لجأت تركيا للروس لتحقيق غايتين: الأولى هي أن تسد ثغرة كبيرة في دفاعها الجوي، والثانية أنّها ماضية في صناعة دفاعاتها الجوية بقدرات وطنية”.

ولفت إلى أن تركيا “حققت الشرطين معًا، إذ أثبتت الأحداث الأخيرة أنها تتقدم في الصناعات العسكرية ذات التقانة الفائقة، وباتت رقمًا صعبًا في هذا المجال”.

وأكد الهواس أن “اللقاء القادم لن يكون لقاءً عاديًا بين أردوغان وبايدن وليس لقاء التابع والمتبوع أو لقاء من يملي على من ينفذ، بل هو لقاء يبدو فيه ندية، حيث تشكل تركيا الجيش الثاني في الـ(ناتو)، وهي خرجت من معاركها في ليبيا وأذربيجان بانتصارات كبيرة، ولم يبق لديها من عقبة سوى PKK الإرهابي في سوريا المدعوم أمريكيًا والممول عربيًا، ولابدّ أن الورقة السورية ستكون على رأس الأولويات”.

أوراق أردوغان لإصلاح ما أفسدته الإدارات الأمريكية السابقة

لقد كان لسياسات الإدارات الأمريكية السابقة تجاه قضايا وملفات المنطقة، آثار سلبية عدة، أدت إلى تراجع صورة الولايات المتحدة الأمريكية لدى شعوب المنطقة، وكذلك لتدهور العلاقات بشكل خاص مع تركيا، وفق العديد من الخبراء والمحللين السياسيين الأتراك.

وفي هذا الشأن، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد قدو أفندي أوغلو، إنه “لا بدّ من الإشارة إلى أن بايدن يحاول إصلاح ما أفسده الرئيسان الأمريكيان السابقان باراك أوباما ودونالد ترامب، حيث لم يستطع أوباما طوال فترة رئاسته التي استمرت لدورتين أن يتخذ قرارا استراتيجيا واحدا، بل كانت قرارته عبارة عن أفلام هوليوودية”.

وأوضح أفندي أوغلو في تصريح لـ”وكالة أنبار تركيا”، أن “ترمب كذلك حاول ومن معه استعادة مكانة أمريكا ولكن على حساب نبذ الشعوب واستغلالها وتهديدها بعقوبات اقتصادية غير مشروعة، لذا فقد خسر الكثير من أصدقاء أمريكا ولم يبالي بالدول الصديقة والحليفة ومنها تركيا”.

وأشار إلى أنه “طيلة الفترتين الماضيتين لم يتنبه البيت الأبيض لمكانة تركيا التي كانت تسابق الليل والنهار للاعتماد على ذاتها في توفير أسس الاستقلالية الوطنية لها من توفير السلاح ودعم الاقتصاد ورسم خارطة جديدة لها. إضافة إلى تبني فكرة المزيد من التحالفات القومية الاثنية والدينية مع الأخذ بعين الاعتبار النواحي الإنسانية ورفع الظلم عن الأبرياء أينما وجدوا”.

وأكد أن “واشنطن تدرك تماما أن قوة تركيا وتأثيرها الإقليمي والدولي يزداد يوما بعد يوم وأن الطريق والمنهاج الذي يسير عليه قادة تركيا وعلى رأسهم الزعيم أردوغان لا رجعة عنه ويتمثل بالاستقلالية الوطنية والبحث عن مصلحة الأمة والمصالح المتبادلة بينها وبين باقي الدول العظمى وغيرها”.

وأشار أفندي أوغلو إلى أن “هذا يلخص موقف تركيا من أية محادثات مع أي طرف وفي مقدمتهم الولايات المتحدة”، لافتا أنه “على الرغم من ذلك فإن تركيا تتطلع ومن موقف القوة والاقتدار إلى إقامة وتطوير العلاقات مع واشنطن على وجه الخصوص لمكانة الولايات المتحدة عالميا ولوجود أكثر من عامل مهم لتقوية العلاقات معها”.

وشدد على أن “أوراق أردوغان التي سيكشفها في مفاوضاته مع بايدن، هي من القوة التي تحتم على الأخير أن يتبناها وينتبه لأهميتها بعد أن أُهمِلت سابقا من قبل ترامب وسلفه أوباما الذين كادا أن يخسرا حليفا استراتيجيا مهما مثل تركيا”، مبينا أن “بايدن سيحاول الحفاظ على الحليف الاستراتيجي والدولة القوية في حلف الـ(ناتو) وسيتجاوز معظم الخلافات الشكلية والحجج الواهية التي تذرعت بها واشنطن سابقا”.

وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، قد قالت في تصريحات صحفية مطلع حزيران/يونيو الجاري، إن جو بايدن، يعطي أولوية للقائه المرتقب مع أردوغان، في أول جولة خارجية له. مؤكدة أن ذلك اللقاء سيكون “فرصة للدبلوماسية المباشرة وجهاً لوجه”.

وتابعت “العلاقة مع تركيا بمثابة علاقة مع شريك بحلف شمال الأطلسي الـ(ناتو)، لنا معه مواضيع وفرص يتعين علينا العمل بها معا بشكل بناء، إلى جانب وجود مواضيع خلافية قوية بيننا”.

زر الذهاب إلى الأعلى