أشار الباحث والمحلل السياسي كاظم ياور، إلى “وجود العديد من المشاريع الدولية المتضاربة التي لا تستطيع الاستغناء عن تركيا في المنطقة”، لافتا أن الأخيرة نجحت في أن تفاضل بين تلك المشاريع دون الإضرار بمصالحها، فهي تلاعب الكبار بهدوء وذكاء.
وقال ياور في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا”، تطرق فيه إلى السياسة الدولية التي تتبعها تركيا في التعامل مع العديد من الدول الكبرى في المنطقة إن “موقع تركيا الجيوسياسي المتميز وقوتها العسكرية والاقتصادية، جعل منها محط أنظار جميع الأطراف الدولية من أجل كسب موقفها وتأييدها”.
ولفت إلى أن “القمة التركية الأمريكية الأخيرة التي عقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل ناقشت العديد من الملفات الدولية، في ضوء وجود مشاريع روسية وصينية وإقليمية”.
وأضاف أن “تركيا والولايات المتحدة لديهما ملفات ذات أبعاد استراتيجية في المنطقة، على الرغم من وجود اختلاف في وجهات النظر”.
وأوضح أن “الاستراتيجية الأمريكية عندما تقارن ما قد ينتج من مخاطر من قبل تركيا، وتلك التي قد تنتج من قبل الصين وروسيا، فسيتحتم عليها أن تختار تركيا”.
وأكد ياور أن “تركيا بالمقابل يتحتم عليها أن تناور بين هذه المشاريع وأن لا تنحاز إلى مشروع واحد بشكل كامل وتترك الآخرين، إذ رأينا أنها نجحت في تحقيق التوازنات مع تلك المشاريع”.
ونوّه أن “الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية تمارس ضغوطا على تركيا، من خلال محاولة التدخل في الشأن التركي عبر الملف الاقتصادي، إلا أن تركيا اقتربت من التخلص من تلك الضغوط التي تسببت بها تلك الدول”.
وحول تعاطي تركيا مع المشروع الروسي، قال ياور إن “الروس لم يفعلوا شيئا لتركيا من أجل تحقيق مصالحها في سوريا فهم ما زالوا يدعمون النظام السوري الذي يهدد الأمن القومي التركي، وكذلك يتعاملون في ليبيا مع حفتر، فضلا عن أنهم يغضون الطرف عن جماعات مسلحة إرهابية في العراق”.
وفي هذا الصدد، أشار ياور إلى أن “تركيا تسعى لتوازن مصالحها مع الولايات المتحدة الأمريكية، دون الإضرار بمصالحها ومصالح الروس والدول الأخرى”.
وبيّن أن “تركيا على الرغم من قوة الصناعات الدفاعية لديها إلا أنها تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية، التي ستراجع حساباتها مع تركيا لكسب ودّها بعد شراء الأسلحة الروسية”.
وأكمل أن “تركيا تفضل التعامل مع الولايات المتحدة في قطاع الصناعات الدفاعية إذا وفّرت الأخيرة ذلك”، مضيفا أنه “إذا تم ذلك فحينها يمكن الحديث عن بناء علاقات جديدة ومتينة بين البلدين”.
وقال ياور إنه “من الممكن أن تتحسن العلاقات بين أنقرة وواشنطن عبر اشتراط تركيا على الولايات المتحدة دعم أنشطة اقتصادية وأمنية، خاصة في ملف تنظيم PKK وفروعه في العراق وسوريا”.
ويرى مراقبون أن العلاقات التركية مع كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، تتسم بالندية وتبادل المصالح، على الرغم من وجود بعض الخلافات الجوهرية، خاصة في ملفات سوريا وليبيا والعراق، ودعم تنظيمات “فتح الله غولن” وPKK الإرهابية من قبل واشنطن، وكذلك دعم روسيا لنظام الأسد واستمرار انتهاكاته بحق المدنيين في مناطق الشمال السوري، وغيرها من الملفات.