
مونديال قطر 2022.. هل تنجح الدوحة بتنظيمه فعلا؟ (تقرير)
تتابع دولة قطر إتمام استعداداتها لاستضافة بطولة العالم في كرة القدم “كأس العالم 2022″، في حدثٍ جديد من نوعه على المنطقة العربية والإسلامية، إذ ستكون هذه هي المرة التي تقام فيها بطولة رياضية دولية تعدُّ الأبرز على مستوى العالم.
لكن، أمام ما يشهده العالم من تطورات، وخاصةً على الصعيد الصحيّ والإجراءات الخاصة بمكافحة انتشار فيروس “كورونا”، يجد المتابعون لهذا الحدث من جهة، ومحبّو كرة القدم من جهة ثانية، أنفسهم أمام تساؤلاتٍ كثيرة تطرح نفسها، علماً أن قطر عانت كثيراً من محاولات سحب رخصة تنظيم واستضافة البطولة بذرائع لم تُثبت على أرض الواقع كان هدفها الأساسي إفشال قطر بأي ثمن.

ومطلع حزيران/يونيو 2021 أكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري أن “قطر جاهزة لاستضافة المونديال المقبل، وهي تركز على تنظيم بطولة مثيرة للإعجاب”.
وقال الوزير القطري على هامش مشاركته في منتدى سان بطرسبورغ الدولي الاقتصادي في روسيا “نعتقد أن قطر جاهزة لاستضافة المونديال، بالرغم من الغموض حول الجائحة ومسألة استمرار التطعيم، لكننا وضعنا خططا بديلة لضمان أن الناس القادمين إلى كأس العالم قد حصلوا على اللقاح، وأجروا اختبار (كورونا)”.
ووعد أن “تقدم بطولة كأس العالم أفضل تجربة للزوار في حياتهم، وتعهد بأن تكون احتفالية كبيرة بعد فترة طويلة من الإغلاق بسبب تداعيات جائحة (كورونا)”.
وأكد الوزير القطري أن “الدوحة تسعى إلى تنظيم كأس عالم مبهر بفضل ما تملكه من بنية تحتية قوية تتناسب مع بطولة بحجم كأس العالم”.

باسم كل قطري وكل عربي
وفي حديث مع “وكالة أنباء تركيا”، أكد الدكتور محمد السعدي، وهو إعلاميّ رياضي وأحد معلّقي كأس العالم في قناة bein sports أنه “بالنظر إلى نقل المباريات في أوروبا في الفترة الماضية، وبداية زوال فيروس (كورونا) مع تلقّي الملايين اللقاحات في الكثير من دول العالم، فإن هذا يجعلنا نتفاءل أن البطولة ستقام في موعدها بإذن الله تعالى في الدوحة وبحضور جماهيريّ كبير”.
وتابع “خاصةً أننا نشهد الآن إقامة بطولة كأس أوروبا وستقام في الفترة المقبلة الألعاب الأولمبية دون أي مشاكل”.
وأوضح السعدي أن “90% تقريبا من المنشآت الخاصة بالملاعب باتت جاهزة في قطر”، مضيفا أن “6 من ملاعب قطر المُعدّة لاستضافة كأس العالم ستستضيف فعلا نهاية هذا العام بطولة كأس العرب”.
ولفت إلى “مشاريع البنى التحتية التي انتهت منذ فترة في قطر ضمن إطار التحضيرات لهذا الحدث الرياضي العالمي، وأهمها شبكة مترو على أعلى مستوى تربط الملاعب المونديالية بعضها ببعض.. وبناءً عليه أرى أن تحضيرات قطر ممتازة جداً وقد أشادت الـ(فيفا) بنجاحها قبل فترة طويلة من المونديال في دورته المرتقبة”.

وحول توقعاته المتعلقة بنجاج البطولة من عدمها، أكد السعدي أن “توقعات النجاح كبيرة جداً، إذ لدينا رصيد كبير من النجاح في مجال تنظيم البطولات، فبطولة كأس العالم ليست أول بطولة نستضيفها في قطر.. طبعاً هي أكبر بطولة، لكن سبق واستضفنا الألعاب الآسيوية، وكأس أمم آسيا مرتين، وبطولة العالم لألعاب القوى، وبطولة العالم للسباحة”.
وتابع موضّحا أن “قطر تستضيف سنوياً بين الستين والثمانين بطولة بين محلية وإقليمية.. يعني أن قطر أصبحت بلداً مُنظّماً مشاركاً دائماً للاتحادات الدولية الرياضية التي بدورها تقف بقدرة الدوحة على النجاح في تنظيم البطولات، ما جعل اسم قطر مرادفاً للنجاح في تنظيم البطولات وبشهادة كل من يتابعون البطولات المقامة على أراضيها”.

وفي رده، على سؤال حول الأهمية الاستراتيجية لتنظيم كأس العالم في قطر، قال السعدي “أنا أرجع في هذا المجال إلى كلمة قالها أسطورة كرة القدم البرازيلية (بيليه)، وهي أن الناس قبل كأس العالم 1958 لم تكن تعرف البرازيل، وعندما فازت البرازيل في المونديال صار كل الناس يعرفونها”.
وأضاف أنه “قبل بطولة كأس العالم 2018 في روسيا، كان الناس يشكلون رأياً عن روسيا أنها بلدٌ فيه إشكاليات كثيرة، لكن هذه النظرة تغيّرت عندما تابعوا كأس العالم الذي تم تنظيمه هناك، وأصبح الكثيرون الآن يقصدونها للسياحة”.
وفي السياق ذاته قال “نحن نحتضن أول بطولة كأس عالم في هذا الإقليم أو في هذا الجزء من العالم.. أول بلد خليجي عربي إسلامي شرق أوسطي يستضيف هذه البطولة، وبالتالي هذا يُلفت الانتباه لمدى حب هذه الشعوب للسلام والرياضة وتفاعلنا معها”.

واستشهد السعدي بكلام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي قال في افتتاح ملعب خليفة مؤخرا “نحن اليوم نعمل باسم كل قطري وكل عربي”.
وأضاف السعدي “نحاول من خلال هذه البطولة الترويج لثقافتنا وثقافة مجتمعاتنا، أيضاً هذا الأمر ينطلي على امتداد السنين على الصعيد السياحي والاقتصادي والرياضي والثقافي بين الدول”، متابعا “لو سألنا أي شخص اليوم ما هي قطر سيجيبك: هي أول دولة عربية إسلامية تستضيف كأس العالم.. لقد أصبح اسمها مرادفاً لتنظيم هذا الحدث الكبير”.
وحول إجراءات مكافحة فيروس “كورونا” واحتمالية تأجيل البطولة، أوضح السعدي أن “قطر استضافت في الفترة الماضية وفي ظل فيروس (كورونا) العديد من البطولات، وهي تصفيات دوري أبطال آسيا في نسختيه الشرق والغرب، وبطولة الدوري الماسي لألعاب القوى، وتصفيات كأس العالم لقارة آسيا، وتصفيات كأس العرب”.
وتابع “استضفناها وروّجنا لمصطلح أصبح شائعاً الآن في تنظيم البطولات يسمّى (الفقاعة الطبية)، والذي يعني أن المنتخبات تكون معزولة في فنادق متباعدة عن بعضها البعض.. ونجحنا”.

ولفت السعدي إلى أنه “في دوري أبطال آسيا استضفنا 32 من النوادي الرياضية في الدوحة على دُفعات، وهذا أمرٌ لم يحصل في أي مكان حول كل أنحاء العالم، فأكبر عدد للفرق التي استضافها بلد في هذه الفترة مثل دوري أبطال أوروبا لم يتعدّ الـ 8 أندية، هذا غير البطولات الأخرى تِباعاً والتي حظيت بالإشادة بالتنظيم وبالإجراءات المتّبعة”.
واستطرَد “صحيح أننا افتقدنا الجمهور في بعضها، لكن في بعضها الآخر مثل نهائي كأس السوبر الإفريقي وكأس العالم للأندية وبطولة كأس سموّ الأمير، تمّت في ظلّ حضور جماهيري بنسبة 30 إلى 50%”، بعد أن كانت الجماهير خضعوا لفحوصات قبل المباريات وجلسوا متباعدين.. ومرّت الأمور بيُسر وسلام”.
ملف قطر الخاص بمونديال 2022 ملف رائع أبهر الجميع
بدوره، أكد الإعلامي الرياضي اللبناني رواد مزهر أن “البطولة ستقام في قطر في موعدها من دون أي شك، فالدوحة جاهزة منذ اليوم لاستضافة المونديال، إلا في حال حصول أمر طارئ ما على صعيد العالم يَحول دون تنظيم البطولة أو يؤدي إلى تأجيلها، مثل ما حصل في غالبية البطولات العالمية من أولمبياد طوكيو، اليورو وكوبا أميركا.. لكن بشكل عام المونديال القطري سيقام في موعده المحدد”.
وأشاد مزهر بالتحضيرات للبطولة، حيث أكد أن “قطر تعمل منذ سنوات طويلة على تجهيز نفسها من خلال ملفٍ رائع أبهر الجميع وساعد على فوزها في استضافة أكبر حدث كرويّ عالمي، حيث لم يأتِ فوز قطر في تنظيم المونديال من فراغ بل من نجاحاتٍ سابقة في استضافة أهم المسابقات العالمية في كرة القدم، كرة السلة، ألعاب القوى، السباحة وغيرها، لذلك كلّ العيون الآن متّجهةٌ إلى ضربة البداية وإعلان انطلاق الحدث الأهم في العاصمة القطرية”.

ولدى سؤاله عن توقعاته الخاصة بالبطولة، رأى مزهر أن “المونديال القطري قد يشكل نقطة تحوّل كبيرة في المنطقة العربية، مثلما كان حال مونديال أميركا عام 1994 من ناحية تطوّر كرة القدم وتأثيرها على الأجيال الصاعدة، لذلك هناك أكثر من توقّع للنجاح على المدى القصير”.
وتابع أن “من النجاحات المتوقعة، لفت نظر العالم بأكمله إلى قطر خلال المونديال وما يرافقه من كرنفالات رياضية وإعلامية، وازدهار سياحي واقتصادي وتجاري.. وعلى المدى البعيد من ناحية تطوّر اللعبة الشعبية الأولى في العالم ودخول قطر تاريخ الدول التي نظّمت المونديال”.