تقاريرمميز

جنكيز.. بطل حاول إيقاف دبابات الانقلابيين بعكازه الخشبي (قصة جريح)

خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا مساء 15 تموز/يوليو 2016

أيام قليلة وتحيي تركيا الذكرى السنوية الخامسة لملحمة الشعب التركي التي سطرها خلال مواجهته المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا مساء 15 تموز/يوليو 2016.

في تلك الليلة ارتقى 251 شهيدا على يد الانقلابيين، وجُرح الآلاف.

شهداء وجرحى كان لهم الدور الأكبر بإفشال المحاولة الانقلابية، مازال وسيبقى الشعب التركي يذكر ويحكي بطولاتهم الأسطورية.

ومن بين هؤلاء الجرحى، الجريح جنكيز غونجو، وهو مواطن تركي قاوم الانقلابيين ودباباتهم ومدرعاتهم وآلياتهم الثقيلة بعكازه الخشبي، الذي لم يكن يمتلك غيره ليدافع عن حاضره وحاضر أولاده، ومستقبل أحفاده.

بالرغم من تعرضه للضرب على يد الانقلابيين، إلا أن جنكيز غونجو يفتخر بكل أحاديثه أنه كان ضمن صفوف من قاوم محاولة الانقلاب على الشرعية الدستورية في تركيا.

وصل جنكيز غونجو إلى إسطنبول في تلك الليلة برفقة زوجته، لإجراء فحوصات ومعاينات طبية، ليفاجأ بإقدام عناصر من الجيش على إيقاف سيارته عند مدخل جسر شهداء 15 تموز (الجسر البوسفور)، وأبلغوه بوقوع انقلاب وأن عليه العودة من حيث أتى.

عاد جنكيز غونجو مع زوجته، وأثناء الطريق سمع عبر جهاز مذياع السيارة، نداء الرئيس أردوغان بضرورة توجه كافة المواطنين إلى الشوارع والساحات من أجل الدفاع عن وطنهم، وعلى الفور ركن سيارته على جانب الطريق، وطلب من زوجته الانتظار فيها ريثما يعود.

نزل جنكيز غونجو من السيارة بالرغم من الآلام التي يعاني منها في ساقه، وانضم لحشود المواطنين المتوجهين إلى الجسر الذي تم منعه من عبروه قبل دقائق.

يقول جنكيز غونجو “وصلت إلى الجسر مع المواطنين، وتحدثت مع أحد الضباط الانقلابيين، طالبًا منه العودة عما يفعل هو وعناصره، وقلت له: كل ما تسعون إليه ما هو إلا خيال لن يتحقق”.

حديث جنكيز غونجو دفع الضابط الانقلابي لضربه بسلاحه، إلا أن هذا الأمر لم يثن ذاك الرجل عن موقفه وصموده، فعمد الضابط الانقلابي لضربه مرة ثانية على صدره، فوقع المقاوم على الأرض فاقدًا الوعي.

نُقل جنكيز غونجو إلى جانب الطريق، بالتزامن مع ازدياد حشود المواطنين على الجسر، حيث يقول أنه بعد ان استعاد وعيه “بدأ الانقلابيون بإطلاق النار بشكل عشوائي على المواطنين، حتى أنني شاهدت بأم عيني قذيفة أطلقتها إحدى الدبابات على شاب كان يقود دراجة نارية، مزقته تمزيقًا”.

والمشهد الأكثر تأثيرًا في قصة الجريح جنكيز غونجو، الذي أبى أن يستسلم للانقلابيين، حاله حال ملايين الأتراك في الشوارع والميادين، أنه حاول عرقلة سير دبابة انقلابية بوضعه عكازه الذي يتكئ عليها داخل جنزيرها… إصرار وصمود مهما كلف الأمر.

يقول جنكيز غونجو “فعلت هذا الأمر، لما لدي من معلومات قديمة تعلمتها فترة خدمتي العسكرية عن طريقة تعطيل حركة الدبابات.. لكن مع الأسف لم تنجح محاولتي تلك”.

لم ييأس جنكيز غونجو، بعد أن كسرت عكازته، ولم يتراجع ولم يستسلم للانقلابيين الخونة، إذ يضيف خلال حديثه “لقد حاولت بعد ذلك إغلاق زاوية الرؤية أمام إحدى الدبابات، مستخدمًا غطاءً أخذته من أحد الشباب، لكننني فشلت مجددًا”.

ولكن كيف هزم المواطنون ومعهم جنكيز غونجو، الانقلابيين الذين كانوا يسيطرون على ذاك الجسر في تلك الليلة ؟!

الجواب عند جنكيز غونجو “بفضل قوة إيماننا الذي ملأ الله تعالى بها قلوبنها في تلك اللحظات، وبفضل جسارة عناصر الشرطة التي انضمت إلينا، استطعنا التغلب على الانقلابيين ما دفعهم للاستسلام في نهاية المطاف”.

لم تقف مواقف هذا الجريح هنا، فإصابته التي حصل بشأنها على تقرير طبي رسمي، ليستخدمه في إجراءات رفع دعوى قضائية ضد زعيم التنظيم المسؤول عن المحاولة الانقلابية، لم تمنعه من المواظبة على المشاركة اليومية في لقاءات وتجمعات واعتصامات “صون الديمقراطية”، التي استمرت 25 يومًا، أي حتى 10 آب/أغسطس من العام 2016، تنديدًا بالمحاولة الانقلابية الفاشلة وحماية للشرعية الدستورية والوطن.

هذه إحدى القصص البطولية، التي حصلت بالفعل في إسطنبول، والتي تدفع الكثيرين للتساؤل: لماذا كان هذا الإصرار الكبير عند هذا الشعب الأعزل على مواجهة أقوى الترسانات العسكرية مهما كلف الأمر؟!

زر الذهاب إلى الأعلى