الدولة العثمانيةالعالم الإسلاميحدث في مثل هذا اليوم

في مثل هذا اليوم قبل 179 عاما.. ولادة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني

ولد السلطان عبد الحميد الثاني في إسطنبول يوم 21 أيلول/سبتمبر 1842

تحل اليوم الثلاثاء، الذكرى الـ179 لولادة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، الذي يعد من أهم سلاطين الدولة العثمانية.

حياته

ولد السلطان عبد الحميد الثاني في إسطنبول يوم 21 أيلول/سبتمبر 1842 في قصر “جراغان” وهو ابن السلطان عبد المجيد الأول، ويعد السلطان الـ 34 من سلاطين الدولة العثمانية، والـ 26 من سلاطين آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة، وذلك منذ اعتلاءه عرش السلطنة في 31 آب/أغسطس عام 1876.

تتلمذ عبد الحميد الثاني على يد أفضل مدرسي عصره فاستطاع اتقان اللغات العربية والفارسية والفرنسية، فضلاً عن تلقيه العديد من الدروس في الأدب والموسيقا، كما قام بزيارة العديد من البلدان مثل مصر وبلدان أخرى في أوروبا.

توليه الحكم

جاء صعوده إلى العرش بعد خلع شقيقه مراد الخامس وعمه السلطان عبد العزيز، على خلفية مساعي رجال الدولة والإداريين لتأسيس صيغة إدارة مشروطية (دستورية) لحكم الدولة العثمانية.

وعقب صعوده إلى العرش، أعلن عبدالحميد الثاني أول دستور للدولة العثمانية الذي عرف باسم “القانون الأساسي” في 23 كانون الأول/ديسمبر 1876.

وخلال فترة حكمه كانت الدولة العثمانية تواجه العديد من المشاكل والتهديدات من أبرزها إعلان روسيا الحرب عليها في عام 1877، إضافة لاضطرار جيوش الدولة العثمانية إلى الانسحاب من مساحات واسعة وتعرض مدينة إسطنبول وغيرها من المدن العثمانية لموجات هجرة حملت معها عشرات آلاف المهاجرين من المسلمين والأتراك.

في تلك الأثناء، اضطرت الدولة العثمانية لتوقيع العديد من المعاهدات لإنهاء الحرب مع روسيا وقبول دفع التعويضات لها عن سنوات الحرب، إضافة إلى توقيع معاهدة مع المملكة المتحدة لتسليمها إدارة قبرص بشكل مؤقت.

أسلوبه في الإدارة

تمكّن السلطان عبد الحميد من جمع مراكز إدارات الدولة في قصر يلدز بإسطنبول، وأسس جهاز استخبارات قوي عرف باسم “جهاز يلدز للاستخبارات”، كما قام بتطبيق نهج صارم في إدارة الدولة والحكم بسبب الصعوبات التي واجهتها السياسة الخارجية، خصوصا فيما يتعلق بالدسائس التي حاكتها الدول الأجنبية وخاصة المملكة المتحدة ضد السلطنة.

وسعى عبد الحميد الثاني خلال فترة حكمه إلى تجنيب الدولة العثمانية الحروب العبثية وأعباءها المادية والبشرية الثقيلة ونادى بضرورة الإصلاح في أجهزة وإدارات الدولة، ولم يتوان أبداً عن المحافظة على نمط حياة بسيطة، إضافة إلى دعم خزينة الدولة من ماله الخاص، والعمل على تخفيض مصاريف القصر إلى الحد الأدنى.

وإلى جانب ذلك، كرّس عبد الحميد الثاني وقته من أجل دفع الديون الخارجية وتحسين الاقتصاد العثماني من خلال إعادة هيكلة ديون الدولة بموجب اتفاقية “محَّرم” التي تم بموجبها تأسيس “إدارة الدين العام العثماني”، كما بذل جهواً كبيرة من أجل تعزيز الروابط الإسلامية بين المسلمين وشرع في بناء سكك الخطوط الحديدية، وربط مدن الدولة ببعضها من خلالها.

سياسته الخارجية

تمثل السياسة الخارجية المجال الأكثر نجاحا للسلطان عبدالحميد، الذي كان يحرص على متابعة التطورات السياسية في العالم عن كثب.

ولهذا الغرض، استحدث مركزا في القصر لجمع المعلومات، ترد إليه كافة المنشورات الصادرة بحق تركيا حول العالم، والتقارير المرسلة للسلطان من الممثليات الخارجية بغية تقييمها.

كان الهدف الرئيسي في السياسة الخارجية، ضمان عيش الامبراطورية بسلام؛ حيث استفاد السلطان عبد الحميد من المصالح والأطماع المتضاربة للدول الغربية، ولهذا تغيرت السياسة الخارجية بموجب الظروف المتغيرة في العلاقات الدولية، ولم يدخل في اتفاقية مستدامة مع أي دولة، وقام بأنشطة دبلوماسية متنوعة بهدف شق صف الدول الكبرى قدر المستطاع.

وحاول السلطان عبد الحميد عبر سياسة “الاتحاد الاسلامي” مواجهة مساعي العملاء البريطانيين لنشر الفكر القومي العربي، وتعيين خديوي مصر خليفة بدعوى أن الخلافة من حق العرب.

وسعى السلطان عبد الحميد إلى نشر الإسلام في أقاصي الأرض مثل جنوب إفريقيا واليابان، من خلال ارسال العلماء، وأمر بتشييد خط الحجاز الحديدي الممتد من دمشق إلى مكة.

وتعتبر قضية فلسطين، من المسائل الهامة التي أبدى فيها السلطان عبد الحميد صلابة وحقق فيها نجاحا جزئيا؛ حيث رفض عرضا من الصهاينة بسداد الديون الخارجية، مقابل إقامة دولة لليهود في فلسطين.

كما اتخذ السلطان عبد الحميد سلسلة من التدابير للحيلولة دون هجرة اليهود إلى فلسطين، من أصقاع العالم، واستيطانهم فيها.

خطوات هامة في التعليم والزراعة

أقدم السلطان عبد الحميد على خطوات هامة في مجالات التعليم والاسكان والزراعة.

فقد ارتفع عدد المدارس بمراحلها المختلفة بشكل كبير، وارتفع عدد دور المعلمين (بمثابة معهد عالي لاعداد المدرسين) إلى 32 بين أعوام 1876 و1908.

كما افتتح العديد من المعاهد العليا لتخريج الكوادر المؤهلة في مجالات الزراعة والمالية والقانون والطب البيطري والتجارة وغيرها.

وبفضل هذه السياسة انتشر التعليم الابتدائي والمتوسط وفق النظام الغربي في عموم البلاد وذلك تحت إشراف الدولة.

وشهد عهد السلطان عبد الحميد اهتماما خاصة بالألعاب الرياضية وتعليمها وفق أسس علمية؛ حيث تأسست في عهده 3 من أعرق أندية كرة القدم التركية هي فنر بهتشة وغلاطة سراي وبشيكطاش.

كما حرص السلطان على تطوير القطاع الصحي والمساعدات الاجتماعية؛ حيث شهد عهده بناء مدرسة “حيدر باشا” الطبية، ومشفى الأطفال في حي شيشلي بإسطنبول الذي بناه من ماله الخاص، ودار العجزة الذي تكفل بجزء من تكاليفه.

من ناحية أخرى، انتشرت غرف الزراعة والتجارة والصناعة في عهد السلطان عبد الحميد في أرجاء الإمبراطورية.

وجرى تسيير ترامات كهربائية في العديد من المدن، ومد خطوط تلغراف وصلت إلى الحجاز والبصرة.

وزاد في ظل حكم السلطان عبد الحميد الإعداديات العسكرية، وتم تحديث أسلحة الجيش العثماني بأسلحة حديثة.

وفي مجال القانون، جرى تحقيق تطورات هامة أيضا؛ حيث تم استصدار قوانين جنائية وتجارية، وإعادة هيكلة جهاز الشرطة، على غرار الأجهزة في الغرب.

إقصائه عن الحكم ووفاته

بعد الأحداث التي دارت في البلقان، دفع الضباط الأتراك السلطات لإعادة تفعيل الدستور الذي كان قد تم تعطيله قبل سنوات، فأعلن السلطان عبد الحميد الثاني في 23 تموز/يوليو 1908، سريان الدستور مجددا.

وأطلق على هذه الحادثة اسم “المشروطية الثانية”، وعلى عكس المنتظر فقد ساهمت في تشتت الدولة العثمانية بشكل أسرع.

إذ قامت إمبراطورية النمسا – المجر في تشرين الأول/أكتوبر 1908 باحتلال البوسنة والهرسك، وفي اليوم نفسه أعلنت بلغاريا استقلالها، وبعد يوم واحد أعلنت غريت اتحادها مع اليونان.

وبدأ “عصيان” في إسطنبول في 13 نيسان/أبريل 1909، واستمرت الأحداث الدموية في إسطنبول لمدة 11 يوما.

وبعد وصول الجيش العثماني القادم من سلانيك، ليلة 23 نيسان/أبريل 1909، تم إخماد “العصيان” في إسطنبول.

ورفض السلطان عبد الحميد الثاني مقترح التصدي للجيش العثماني القادم من سلانيك، عبر الجيش الأول الذي كان مواليا له، وقال حينها: “بصفتي خليفة للمسلمين، لن أسمح بالإيقاع بين المسلمين”.

وفي 27 نيسان/أبريل 1909، قرر البرلمان برئاسة سعيد باشا، إنهاء سلطنة عبد الحميد الثاني.

وفي الليلة التي أُبعد فيها عن العرش، تم إرسال عبد الحميد الثاني مع عائلته إلى سلانيك على متن قطار خاص.

واستقر عبد الحميد الثاني في قصر “إلاتيني” بمدينة سلانيك، وأمضى أوقاته هناك بالعمل في النجارة والحدادة.

وعند اقتراب القوات اليونانية المتمردة من سلانيك، تم نقل عبد الحميد الثاني إلى إسطنبول، ووصل إليها في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1912، ليستقر في قصر بيلار بايي، وأمضى بقية حياته هناك.

في العاشر من شباط/فبراير 1918، توفي عبد الحميد الثاني، وبتعليمات من السلطان رشاد تم دفنه بعد يوم من وفاته في مقبرة السلطان محمود الثاني، بعد مراسم تأبين خاصة بالسلاطين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى