تقاريرهام

طبول الحرب تقرع بين روسيا وأوكرانيا.. لماذا تسعى تركيا للتهدئة؟ (تقرير)

بالتزامن مع طبول الحرب التي تقرع منذرة ببدء صراع محتمل بين روسبا وأوكرانيا، تسعى تركيا للتدخل دبلوماسياً ونزع فتيل الأزمة بين الطرفين قبل أن تتفاقم وتلقي بظلالها السلبية على المنطقة.

وتوترت العلاقات بين أوكرانيا وروسيا على خلفية ضم موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا.

وهنا، يبرز الدور الهام لتركيا من خلال مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للجمع بين نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بهدف إيجاد حل للأزمة بين روسيا وأوكرانيا.

وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قد قال في تصريحات له، إن “مقترح الرئيس أردوغان للجمع بين قائدي روسيا وأوكرانيا، في الواقع هو الاقتراح الأكثر أهمية وواقعية للتغلب على هذه الأزمة”.

وأبدت تركيا مراراً استعدادها للتوسط بين أوكرانيا وروسيا لحل النزاع بالوسائل الدبلوماسية، حيث قال أردوغان، مؤخراً، إنه “يمكن عقد اجتماع ثلاثي في اسطنبول بمشاركة زعيمي البلدين”.

وتعقيبًا على ذلك قال المحلل الروسي ديمتري بريدجة لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “تركيا لا تريد الحرب بين روسيا أوكرانيا لثلاثة أسباب أولها العلاقات الاقتصادية بين روسيا وتركيا وبين أوكرانيا وتركيا والتي تتعدى عشرات مليارات الدولارات، وثانيها وجود القوميات التتارية والإسلامية في روسيا وأوكرانيا والتي لا تريد لها تركيا أن تتأثر بهذه الحرب، وثالثها اللاجئون والهاربون من الحرب والذين سيكونون بالملايين في تركيا من الأكرانيين والروس، إذ يكفي تركيا أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري وعراقي وأفغاني موجودين على أراضيها”.

وأضاف بريدجة أن “تركيا ترى أن الأمم المتحدة ومحاولاتها لحل النزاعات فاشلة، وبالتالي يرى أردوغان أن الأمم المتحدة يجب أن تكون ذات عدة أقطاب لكي يكون هناك سلام عادل وأكثر استدامة، لذلك تركيا تحاول أن تستعمل الدبلوماسية وأن تكون وسيطة في النزاعات فهي تريد العدل في العالم بين الشعوب وهذا ما يقوله أردوغان في كتابه (نحو عالم أكثر عدلا)”.

ومؤخرا، وجهت الدول الغربية اتهامات إلى روسيا بشأن حشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، فيما هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على موسكو في حال شنت هجوما على كييف.

من جانبه، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، من العاصمة البلجيكية بروكسل، أن “تركيا تدعم وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا وجورجيا”، لافتا إلى أن “تركيا وبقيادة أردوغان سعت وما تزال تسعى لنزع فتيل التوتر”.

واستضافت بروكسل يومي الأربعاء والخميس الماضيين، اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي الـ”ناتو”، تزامنا مع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب عقب الحشود العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا.

ووسط الأحداث المتسارعة بين موسكو وكييف، تطفو على سطح تلك الأحداث مجموعة من الأسئلة وعلى رأسها: ما هو الدور الذي ستلعبه تركيا لنزع فتيل الأزمة بين الطرفين؟

وفي هذا الجانب، قال المحلل السياسي علي تمي لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “تركيا وكونها تشكل صلة الوصل ما بين أوروبا وروسيا فإن من مصلحتها أن يعم الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها، لكن بوجود الروس والأمريكان على الأرض السورية فهذا أمر غير محبذ لها لأنها تدرك جيدا خفايا وأسباب تواجد هذه القوات على أرض سوريا”.

وزاد قائلا “تركيا باعتقادي ستلتزم الصمت وبحذر، لأنه في الأساس ما يحدث في أوكرانيا لازال في إطار الـ (بروبوغندا) والتصعيد الإعلامي فقط، وربما هناك نوايا أخرى لهذا الصراع فنحن نتجاهله لكن المؤكد أن أوكرانيا ستنضم إلى الـ (ناتو) وستبقى موسكو مكتوفة الأيدي ولن تفعل شيئا وستكتفي بالمواجهة الإعلامية فقط “.

ورأى تمي أن “تركيا ستستفيد من الـ(ناتو) وسترفع اسمها داخل سوريا، لكن طرح موسكو مشروع مشاركة الكرد في العملية السياسية السورية والمقصود هنا (قسد) واضح أنه رد فعل على موقف الأتراك من أوكرانيا، ومن هنا وباعتقادي فإن تركيا تتبع السياسة الهادئة في التعامل مع معظم الاخطار المحدقة بها، فلها تجارب كثيرة في هذا الإطار وفي معظم الأحيان تجد نفسها ضمن حقل الألغام فتخرج سالمةً منها”.

وختم قائلا إن “تركيا ستلعب على حبل التناقضات بين واشنطن وموسكو، فهي على الأرجع مستفيدة من التطورات المتصاعدة في أوكرانيا”.

وكان اللافت لأهمية الدور التركي في مساعي حلّ الصراع الدائر بين موسكو وكييف، هو تصريحات السفير الأوكراني في أنقرة، فاسيل بودنار، الذي قال في تصريحات صحفية له  “يمكننا حل هذا الوضع سلميا بوساطة من تركيا”، مشيراً إلى أن “أوكرانيا تدرك الدعم والتضامن التركي حكومة وشعبا لها، وأنها تثمن لها موقفها”.

وكانت تركيا حذّرت وعلى لسان وزير خارجيتها مولود تشاويش أوغلو، من احتلال الروس لأوكرانيا، مُنذرة أن “الأمر لن يكون صائبا”.

ودعا تشاويش أوغلو في تصريحات متلفزة، الدول الغربية لـ”توخي الحذر في تصريحاتها طالما لا توجد وضعية احتلال نظرا لأنها تثير الهلع في أوكرانيا”.

وأكد أن “تركيا ليست طرفًا في الحرب أو الصراع أو الأزمة، وهدفها هو منع الاشتباك الذي من شأنه أن يؤثر على الجميع في المنطقة، من حيث الاقتصاد وأمن الطاقة والسياحة وغيرها من المجالات”.

وحول هذا الأمر، قال الكاتب السياسي معاذ عبد الرحمن الدرويش لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “تركيا ربما تكون في موقف محرج تجاه التوتر الروسي الأوكراني، فمن الناحية السياسية قد يكون لتركيا مصلحة في أي خلاف غربي روسي، لكن من الناحية العسكرية تركيا لا تريد إندلاع حرب بالقرب من البحر الأسود و بالتالي إنشغالها عبر الحدود الشمالية في حين حشدت معظم جيشها على الحدود الجنوبية مع سوريا والعراق”.

ومضى الدرويش قائلا “أمّا من الناحية الإقتصادية، فبينما تركيا تحاول لملمة تداعيات هبوط الليرة التركية في حال اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فإن الاقتصاد التركي سيتأثر سلبا وبشكل كبير خاصة وأن روسيا وأوكرانيا من أكبر الدول في التبادل التجاري مع تركيا”.

ورأى الدرويش أن “من مصلحة تركيا العودة إلى الحل الدبلوماسي وإطفاء فتيل الحرب بين روسيا وأوكرانيا و هذا ما تقوم به”.

ومع قرع طبول الحرب، وجّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تهديدا مبطّنا إلى روسيا، ملوحاً في الوقت ذاته بعصا الدول الغربية.

ودعا الرئيس الأوكراني الدول الغربية إلى الكشف عن العقوبات التي ستفرضها على روسيا لكبحها وتقليم أظافرها في حال تجرأت على التوجه عسكريا صوب أوكرانيا.

واعتبر أن “نشر العقوبات ستكون خطوة قوية، لتعرف موسكو العواقب إذا ما تجرأت على الدخول في نزاع مسلح مع أوكرانيا”، محذرًا “لسنا بحاجة إلى عقوبات بعد حدوث القصف”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى