تقاريرهام

روسيا أم أوكرانيا.. هل تتصرف تركيا بذكاء في هذه الحرب؟ (تقرير)

تواصل تركيا وبحنكتها الدبلوماسية متعددة الأبعاد جهودها المستمرة من أجل ضمان السلام والاستقرار في أوكرانيا، مؤكدة في الوقت ذاته رفضها الحرب الروسية التي تشنها موسكو ضد أوكرانيا .

وتؤكد تركيا على لسان مسؤوليها أن “الأمر المستعجل حاليًا هو وقف إطلاق النار وسيكون هناك متسع من الوقت لاحقًا لإجراء لقاءات حول القضايا السياسية، فلا يمكن الحصول على نتيجة وسط القصف المتواصل”.

وفي وقت قال فيه المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن “محاوري تركيا الغربيين يطلبون منها إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع روسيا، وألا تهدم جسور التواصل في هذا الصدد”، يتساءل مراقبون إلى أي جهة ستنحاز تركيا؟ ومن هو الطرف الذي ستواصل الوقوف إلى جانبه.. روسيا أم أوكرانيا؟ ولماذا؟

وفي هذا الجانب رأت الناشطة الإيطالية، فرانشيسكا سكالينجي، أن “موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليس سهلاً، من ناحية أن تركيا هي إحدى دول الـ(ناتو)، ومن ناحية أخرى أنها واحدة من المشترين الرئيسيين للغاز الروسي”.

وأضافت سكالينجي في حديثها مع “وكالة أنباء تركيا” أنه “على الرغم من أن البلدين (تركيا وروسيا) يجدان نفسيهما على جبهات متعارضة في العديد من القضايا (سوريا وليبيا وأذربيجان)، إلا أن قنوات الاتصال والدبلوماسية كانت مفتوحة دائمًا بينهما”.

وتابعت “لكن تركيا أيضًا على علاقة جيدة مع أوكرانيا التي اشترت بالمناسبة مسيّرات تركية من طراز Bayraktar TB2، المستخدمة حاليا في هذه الحرب”.

وزادت قائلة “لدى تركيا وأوكرانيا أيضًا تبادل تجاري مهم بقيمة 5 مليارات دولار سنويًا”.

واعتبرت سكالينجي أنه “لكل هذه الأسباب.. أعتقد أنه رغم إدانة أردوغان بالكلمات للعدوان الروسي، إلا أنه لن يتدخل عسكريًا بشكل ثقيل، وأعتقد أنه من المحتمل أن يتطوع أردوغان في المستقبل القريب كوسيط في الصراع”.

وحذّر المتحدث باسم الرئاسة التركية، من أن “مواصلة الحرب ستكون كارثة كبيرة للروس، العقوبات الاقتصادية تتوالى، وعلى الأرجح سيصاب الاقتصاد الروسي بالشلل في غضون أشهر”.

وذكر أن “الروس وضعوا أنفسهم في مكان المذنب عبر هذه الحرب حتى لو كانت لديهم بعض المطالب المشروعة في السابق”.

ومضى موضحاً “أعتقد أنهم سيرون هذا في المدى القريب، وهذه العملية لن تعود بالفائدة على روسيا بل ستضعفها اقتصاديًا وعسكريًا، وستضعفها أكثر في العالم. وإدراة هذه الأمور لن تكون سهلة”.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني نائل بركات لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “تركيا تبحث عن مصالحها الاستراتيجية.. لهذا وقعت تركيا وأوكرانيا اتفاقية للتجارة الحرة وأعلنتا عن صفقة لأوكرانيا لتصنيع طائرات مُسيّرة تركية خلال الزيارة الأخيرة للرئيس رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الأوكرانية كييف”.

ورأى بركات أن “هذه الزيارة تمثل جزءًا من خطة أردوغان لتعميق علاقات تركيا مع أوكرانيا، التي لا تعد فقط سوقًا مهمًا لتصدير منتجات الدفاع التركية، ولكنها أيضًا أساسية لجهود أنقرة للتخفيف من التداعيات السلبية للعقوبات الأمريكية على صناعتها الدفاعية، وإحدى هذه المجالات التي خلقت فيها العقوبات الأمريكية مأزقًا للصناعات الدفاعية التركية هي تكنولوجيا المحركات، إذ ترغب تركيا بتطوير تكنولوجيا محلية لصناعة المحركات وتأمل أن يؤدي التعاون مع أوكرانيا، التي تصمم وتصنع محركات تشغل عشرات الأنواع من الطائرات في العديد من البلدان، إلى نقل هذه المعرفة إلى تركيا”.

وتابع قائلا إن “الشراكة الدفاعية بين تركيا وأوكرانيا تعد عنصرًا رئيسيًا بدفع أردوغان لإنشاء صناعة دفاعية محلية تساعده على إبراز قوته العسكرية في الخارج وجعل تركيا قوة عالمية مستقلة عن الغرب”.

وأضاف “لهذا السبب يحرص أردوغان على تعميق العلاقات مع أوكرانيا على الرغم من احتجاجات روسيا وخوفها من هذا التعاون”.

وتطرق بركات في حديثه إلى دور المسيرات التركية في الحرب الدائرة على الأرض الأوكرانية، حيث قال إن “الطائرات المسيرة التركية (بيرقدار) حسمت معركة طرابلس في ليبيا بعد أن اجتاح حفتر ليبيا وطوّق طرابلس، ولم يكن إلا ساعات وينتهي الحدث الليبي بانتصار حفتر مدعوما من الإمارات وفرنسا ومصر وروسيا، فكانت المفاجأة الطائرات المسيرة التركية (بيرقدار) لتحسم معركة في سابقة لم تحدث من قبل في معركة تقلب الموازين وتهزم حفتر وجميع ما حشد”.

وقال إن “تلك الصناعة التركية أصبحت تشكل رعبا حقيقيا للجيوش وأصبح من يمتلك تلك الطائرة يمتلك مفتاحا مهما لنجاح المعركة، والمعركة في أرمينيا كذلك تشهد على هذا”.

وكان رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، قال إن “الرئيس رجب طيب أردوغان اقترح عدة مرات الوساطة بين روسيا وأوكرانيا نظرًا للعلاقات القوية مع البلدين”.

وبيّن ألتون في بيان له، أن “أردوغان عمل للتوسط بين روسيا وأوكرانيا لأن لدينا علاقات قوية مع البلدين، وبذلنا قصارى جهدنا على المستوى الدبلوماسي لمنع الوضع الحالي، وتم تجاهل دعواتنا لإصلاح نظام الأمم المتحدة ورأينا في الأزمة الأخيرة النتائج الوخيمة لذلك، وكان من الممكن تفادي هذه الحرب لو تم أخذ دعواتنا بعين الاعتبار”.

وهنا، قال المحلل السياسي المقيم في أوكرانيا منتصر البلبل، لـ”وكالة أنياء تركيا”، إن “تركيا لها مصالحها مع روسيا في سوريا وليبيا ومناطق أخرى ولا تريد أن تخسرها بسبب الأوضاع الاقتصادية الحالية في تركيا، ولكن الآن لا تقف مع روسيا بغزوها لأوكرانيا، وبالتالي فإن روسيا يمكن وصفها بالثعلب السياسي على المستوى الدولي والإقليمي كونها تعرف متى تهاجم ومتى تسكت ومتى تناور، في حين أن أوكرانيا هي دوله مقربة جدا من تركيا من حيث المصالح الاقتصادية والعسكرية والثقافية، ولا أعتقد أن تركيا ستتركها لوحدها بمواجهة روسيا، بل ستتصرف بطريقة ذكيه كعادتها”.

وزاد قائلا “يجب ألا ننسى أن تركيا عضو في حلف الـ(ناتو)، والآن هذا الحلف مع أوكرانيا بشكل كامل، لذا لننتظر ونرى ما سيحدث من تطورات في الأيام القادمة”.

وأشاد البلبل بالمسيرات التركية، مؤكدا أنها “تقوم بدور جيد بإيقاف الأرتال العسكرية المحاصرة للمدن أو التي تحاول التقدم إلى المدن”.

ولفت في الوقت ذاته إلى أنه لا يستطيع التحديد إلى أين ستتجه الأمور “لأن الحالة هي حالة حرب ولا يمكن لنا التنبؤ بما سيحصل”، حسب تعبيره.

وأطلقت روسيا فجر 24 فبراير/ شباط الماضي، عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية مشددة على موسكو.

اقرأ أيضا| مقترح أوكراني للتفاوض مع الروس في إسطنبول.. لماذا إسطنبول؟ (تقرير)

زر الذهاب إلى الأعلى