أكد عدد من المحللين والمهتمين بالشأن التركي والعلاقات الدولية على أهمية التقارب التركي السعودي والمتمثل بزيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السعودية، لافتين إلى أنها تحمل بين طياتها العديد من الرسائل اللافتة للانتباه.
والخميس، قال أردوغان إن زيارته إلى السعودية “مؤشر على الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين الشقيقين”، مشدداً على أن “السعودية تحظى بمكانة خاصة لدى تركيا على صعيد التجارة والاستثمارات والمشاريع الكبيرة التي نفذها المقاولون الأتراك بنجاح لسنوات طويلة في هذا البلد”.
وحول أهمية التقارب بين تركيا والسعودية، قال المحلل السياسي محمود علوش لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “زيارة أردوغان تشكل حقبة جديدة في العلاقات التركية السعودية”، مضيفاً “لا زال هناك الكثير يتعين فعله من أجل إعادة ترميم الثقة بين قادة البلدين، لكن العملية بدأت بالفعل”.
وزاد علوش قائلاً إنه “بالنظر إلى أهمية تركيا والسعودية في الوضع الإقليمي فإن التقارب بينهما لن تنحصر نتائجه على العلاقات الثنائية بل ستمتد لتشمل تعاونا في القضايا الإقليمية. وهذا الأمر مرهون بتحويل التقارب الراهن إلى تعاون سياسي، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة آثار هذا التقارب على المشهد الإقليمي”.
وأضاف علوش أن “التحولات التي تشهدها المنطقة منذ مطلع العام الماضي مهدت الأرضية للمصالحة التركية السعودية، بدءً من التحول في السياسة الخارجية التركية نحو الإقليم إلى إنهاء الأزمة الخليجية مروراً بالمصالحة التركية الإماراتية والمفاوضات التركية المصرية”.
وتابع قائلاً “وصلت هذه الأطراف إلى قناعة أن التنافس بينها على مدى 10 سنوات لم يؤد إلى تغيير جوهري في الوضع الإقليمي لصالح أي منها، بقدر ما شكّل استنزافاً لفرص التعاون بينها لمعالجة الأزمات الإقليمية التي أثرت بشكل سلبي على مصالحها. كما ساعد هذا الاستنزاف قوى أخرى منافسة لهما كإيران في تعزيز دورها الإقليمي”.
ومضى بالقول إن “حاجة السعودية والإمارات إلى البحث عن بدائل أخرى لتلبية احتياجاتها الأمنية في ضوء تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، تدفعها إلى الاهتمام بصناعات الدفاع التركية الصاعدة”.
وختم علوش قائلاً “يُمكن التنبؤ أن العصر الجديد في العلاقات السعودية التركية سيتصاعد بزخم في المرحلة المقبلة، مدفوعاً بشكل رئيسي برغبة البلدين بالتعاون الإقليمي لاحتواء النفوذ الإيراني الذي يُتوقع أن يكتسب زخماً أكبر مع اتجاه إدارة بايدن إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي مع طهران، ورغبتها في دفع حلفائها في المنطقة إلى تشكيل تكتل لتولي مسؤوليات أكبر في إدارة الوضع الإقليمي في المستقبل”.
وشهدت الفترة الأخيرة تنشيطا مكثفا للعلاقات بين تركيا والسعودية، وتأكيداً على أهميتها، كان من أبرز ملامحه اتصال هاتفي بين الرئيس أردوغان والملك سلمان بن عبد العزيز في 4 أيار/مايو 2021، بحثا خلاله تعزيز العلاقات الثنائية وقضايا عديدة مشتركة واتفقا على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بينهما.
من جهته، قال المختص بالشأن التركي مهند حافظ أوغلو لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “العنوان (أردوغان في السعودية) بحد ذاته يوجه رسائل متعددة سواء للداخل التركي أو لدول إقليمية أو دولية”.
وأضاف “قطبا المنطقة السُنيتين يستأنفون العلاقات (الاقتصادية، العسكرية، الأمنية، والسياسية) فيما بينهما”.
ولفت حافظ أوغلو الانتباه قائلا “لا المجتمع الغربي ولا إيران فرحين بهذا التقارب لأنه يشكل درعاً في مواجهة مخططاتهم في المنطقة، وكانوا مستغلين ذلك الجمود في العلاقات بين أنقرة والرياض”.
واعتبر أن “الواقعية السياسية حركت المياه الراكدة بين الجانبين بسبب وجود حاجات داخلية لكل طرف، ووجود متغيرات دولية سيكون لها ارتداد على المنطقة، وبما أن الحكمة ضالة العاقل لزم أن تتجه العلاقات إلى التعاون بينهما، ومن هنا جاءت دعوة الملك سلمان بن عبدالعزيز للرئيس أردوغان لزيارة المملكة العربية السعودية، وبدأ مرحلة جديدة أمنية واقتصادية وسياسية”.
ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والسعودية إلى عام 1929، بعد عام من توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بينهما”، بحسب تقارير سابقة نشرتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
بدوره، قال المحلل السياسي زكريا ملاحفجي، حسب ما تابعت “وكالة أنباء تركيا”، إن “اللقاء بين الأشقاء في المملكة العربية السعودية وتركيا خطوة هامة أمام مجريات الأحداث في المنطقة والمشروع الإيراني، ونأمل أن يحمل الخير للشعب السوري الذي لا يزال يعاني التشريد والنزوح واللجوء بتقارب أهم حلفاء الشعب السوري في قضيته”.
ومطلع العام الجاري 2022، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تركيا والسعودية تواصلان الحوار بين بعضهما البعض، مشيرا إلى أنه “من المنتظر تحقيق تقدم عبر اتخاذ خطوات ملموسة في المرحلة المقبلة”.
أمّا الباحث السياسي، سمير العبد الله، وحسب منشور له على “فيسبوك”، فأشار إلى انعكاسات هذه الزيارة وهذا التقارب على ملفات عدة وعلى رأسها الملف السوري، قائلا إن “زيارة الرئيس التركي أردوغان للسعودية مهمة، وسيتم خلالها بحث الكثير من ملفات المنطقة، وتأتي بعد فترة من توتر العلاقات بين البلدين”.
وأضاف أن “عودة العلاقات السعودية التركية فيه مصلحة لكل شعوب المنطقة ماعدا إيران ومن يدور بفلكها، ويبدو أنها ستنعكس بشكل إيجابي على الوضع السوري”.
اقرأ أيضا.. أردوغان: زيارتنا إلى المملكة العربية السعودية ستفتح الأبواب أمام عهد جديد