
أكدت مجموعة من الخبراء الاقتصاديين أن رفع أمريكا لسعر الفائد سيعود بنتائج “كارثية” على الاقتصاد الأمريكي خاصة، وعلى الاقتصاد العالمي عامة “كما سيؤدي أيضاً إلى رفع سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى”.
ومؤخرا، قرر النك المركزي الأمريكي رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار 75 نقطة أساس إلى نطاق بين 1.50% و1.75%..
وعلى الفور سارع المحللون الاقصاديون إلى دق ناقوس الخطر، منذرين من تبعات هذه الخطوة الاقتصادية التي تحصل لأول مرة منذ عدة سنوات، مشيرين إلى أن قطاع الشركات سيتأثر بالركود الاقتصادي، إضافة إلى التباطئ الذي سيحدث فى معدلات النمو نتيجة زيادة تكاليف الاقتراض للأفراد والشركات، الأمر الذى ينعكس على تباطؤ اقتصادي ويزيد من تسريح العمالة وانخفاض فى الطاقات الإنتاجية، حسب توقعاتهم.
محللون آخرون أشاروا إلى رفع الفائدة يعني زيادة تكلفة اقتراض الأموال من البنوك مما يجبر الناس على التراجع عن الإنفاق، ويسهم في خفض نسبة التضخم (ارتفاع الأسعار)، يبطئ النمو الاقتصادي بما قد ينتج عنه ركود، ويعني إما رفع أسعار الفائدة في باقي الدول أو تفقد عملات الدول قيمتها أمام الدولار.
الخبير الاقتصادي محمد حاج بكري، قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “البنك المركزي أقدم على رفع سعر الفائدة بأعلى نسبه منذ عام 2000، وذلك سعيا منه لكبح جماح التضخم الذي ارتفع لأعلى مستوى منذ 40 عاما، وقد اضطر لذلك بسبب الارتفاع الكبير في معدل الأسعار أي معدل التضخم والذي ينعكس على اختلالات العرض والطلب المرتبطة بجائحة (كورونا) وارتفاع أسعار الطاقة، بالإضافه إلى الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها الاقتصاديه والإغلاقات المرتبطة بتفشي وباء (كورونا) في الصين”.
ورأى أن “لرفع سعر الفائدة الأميركي جوانب سلبية هامة منها نتائج كارثية على الاقتصاد بشكل عام، فهي ستدفع نحو الركود التضخمي وستدخل أنشطة وشركات ومؤسسات في مرحله الإفلاس والتعثر، وسيكون هناك القليل من فرص العمل، مما سيؤدي إلى زيادة نسب البطالة”.
وتابع بكري موضحاً “بالإضافة إلى أن زيادة سعر الفائدة على الدولار سيكون له تأثيرات خطيرة على الاقتصاد العالمي، فمن ناحية سيؤدي إلى هجرة للأموال من أوروبا والدول النامية، بالإضافة إلى التأثير السلبي على عملات وأسواق المال والبورصات وخاصة في الدول الناشئة، وستدفع دول العالم إلى رفع سعر فائدتها لمواجهة هروب رؤوس الأموال وهذا سيسبب زيادة في الدين العام لهذه الدول، والضغط على قيمه عملاتها والإسراع في تعويم العملات المحلية، وزيادة في كلفة الاقتراض الخارجي “.
واعتبر أن “زيادة سعر الفاىدة مصدر قوة للدولار وهو يجلب نوع من الضرر للاقتصاد الأمريكي من ناحية السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية. أما بالنسبة للدول النامية فإنه سيحملها عبء زيادة كلفة الواردات الخارجية، وهو سيؤدي في المحصلة إلى الضغط على موازنات تلك الدول وعملتها المحلية”.
من جهته، المهتم بالشأن الاقتصادي الخبير الأردني معن القطامين ، فرأى أن “رفع أسعار الفائدة الأمريكية، سيؤدي إلى رفع اسعار الفائدة للعملات المرتبطة بالدولار، وسيلمس المقترضون الأثر الصعب جدا لهذا، وسيتباطئ الاقتصاد بشكل ملموس”.
خبراء اقتصاديون آخرو حذّروا من أن الصورة للنظام الاقتصادي العالمي ستبقى “ضبابية” ومرهونة بتوقف الحرب الروسية الأوكرانية التى تعتبر أحد الأسباب القوية فى التأثير على سلاسل الإمدادات العالمية، حسب تعبيرهم.
وعقب رفع البنك المركزي الأمريكي للفائدة، أعلنت البنوك المركزية في كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر، رفعا فوريا لأسعار الفائدة.
بدوره، رفع الأردن سعر الفائدة بنسبة 0.50% في محاولة لتثبيت سعر الدينار ونسبة التضخم في خطوة لاحقه لرفع سعر الفائده في أمريكا، في حين رأى مراقبون أن “مثل هذه الإجراءات ستؤدي إلى إنخفاض سعر الذهب وارتفاع أسعار الطاقة وأسعار المواد الغذائية”.
محللون اقتصاديون اعتبروا أيضاُ أن “أمريكا تعالج التضخم برفع سعر الفائدة، وهذا يعني حربا اقتصادية على العالم كله، إضافة إلى نفسها طبعا، في حين كان بإمكانها معالجة كل ذلك بقرار سياسي مع روسيا (في إشارة إلى الحرب الروسية على أوكرانيا)”.
وحذّروا أن “ما سيرتفع من أسعار لن يعود للانخفاض، وبالتالي سيبقى الغلاء موجودا وسيكون تقليص السيولة في السوق سببا للركود، مما سينتج عنه وقوع الاقتصاد في ظاهرة التضخم الركودي”.
الجدير ذكره أن رئيس الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، أنذر قائلاً “لا أحد يعرف إلى أين يتجه بنا الاقتصاد العام المقبل”، الأمر الذي أثار قلق كثير من المستمثرية ورجال الأعمال والمال.
وكانت السوق الأمريكية سجلت تضخما سنويا في أيار/مايو الماضي بنسبة 8.6 بالمئة، في أعلى مستوى منذ 41 عاما، بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.