تقاريرهام

ولي العهد السعودي في تركيا بعد أيام.. دبلوماسية تركية قوية بتحريك الملفات (تقرير)

يستعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزيارة تركيا، يوم الأربعاء المقبل، للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتوقيع اتفاقيات عديدة مع مع الجانب التركي، في مجالات الاقتصاد والاستثمار والصناعات الدفاعية والسياحة والزراعة وغيرها، ما يؤكد العنوان العريض لقوة الموقف التركي وحجم ثقله في كثير من الملفات.

والجمعة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بن سلمان سيزور تركيا الأربعاء المقبل، لافتاً إلى أنه سيعقد لقاء ثنائيا مع ولي العهد السعودي، يعقبه اجتماع موسع بمشاركة مسؤولين من تركيا والسعودية.

وذكر أردوغان أنه سيبحث مع بن سلمان، سبل الارتقاء بالعلاقات التركية السعودية إلى مستويات أعلى بكثير خلال الفترة المقبلة.

وحول هذه الزيارة، أجمع محللون مهتمون بالشأن التركي والعربي وتطورات المنطقة إقليمياً وعربياً ودولياً على قوة الدبلوماسية التركية والدور المحوري لها في المنطقة.

الأكاديمي والباحث السياسي مهند حافظ أوغلو، قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “إعلان الرئيس أردوغان عن هذه الزيارة بحد ذاته دليل قوي على أهميتها، وهذا الإعلان رسالة سياسية تركية للجانب السعودي أن تركيا مهتمة بهذا اللقاء الذي يأتي في توقيت بالغ الأهمية إقليميا ودولياً، لأن هناك ضررا حاصلا على كلا الطرفين من قبل بعض الدول الإقليمية، وبعض الأزمات الدولية.. وباتحاد المواقف وتنظيم الخطوات سياسيا وعسكريا وتجاريا وغذائيا وأمنياً”.

وأضاف حافظ أوغلو أنه “عندما تكون الأهداف مشتركة لدولتين سُنيتين بحجم الجمهورية التركية والمملكة العربية السعودية، فإن محاولات عواصم غربية تدعم أو تغض الطرف عن سلوك بلد يريد المساس بالأمن القومي لكيليهما ستبوء بالفشل، وستكون الرؤية للمستقبل وبداية مرحلة مختلفة جذرياً عن الماضي لأن المرحلة تتطلب هذا التعاون الخاص”.

وتابع أنه “بالإضافة إلى أن هذا الانفتاح سيكون تحرك عملي ورسالة مهمة سياسياً للحليف المشترك للدولتين وهنا أعني الولايات المتحدة الأمريكية، وأنهما دولتان إذا ما وصلا لتعاون متعدد الجوانب فإنهما يرسمان واقعا جديدا في المنطقة، وهذا الواقع يفرض نفسه على سياسة البيت الأبيض (اقتصاديا/ سياسيا)”.

وختم حافظ أوغلو بالقول إن “زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى أنقره تعتبر قوة للدبلوماسية التركية التي استطاعت تحريك المياه السياسية في المنطقة، لتنعكس بطبيعة الحال على ملفات دولية فضلا عن ملفات ثنائية وإقليمية”.

وكان أردوغان قد زار السعودية أواخر نيسان/أبريل الماضي، والتقى الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان.

وأواخر أيار/مايو الماضي، أشار أردوغان إلى أن “لتركيا قواسم مشتركة مع السعودية”، مؤكدا أن “الخلافات معها تم تجاوزها”.

وبيّن يومها أن “العلاقات مع السعودية أيضا تسير في اتجاه أكثر إيجابية”.

وأعرب أردوغان عن ثقته أن “المسار الذي بدأته تركيا تجاه البلدين، سيقدم مساهمات مهمة للغاية سواء على الصعيدين التجاري أو السياسي”.

الصحفي اليمني فهد سلطان، قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “زيارة ولي العهد السعودي إلى العاصمة التركية أنقره سيكون لها تأثير جيد من خلال إذابة الجليد بين البلدين بعد حادثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2018، في قنصلية بلاده في إسطنبول.. ومن جانب أخر رفع العزلة الدولية عن الأمير محمد بن سلمان والبداية من تركيا، كونها دولة محورية”.

وزاد سلطان قائلاً إنه “على الجانب التركي، فالجانب الاقتصادي واحد من أبرز الملفات إلى جانب ملفات أخرى متعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية والملف السوري وملف الطاقة”.

وتربط تركيا والسعودية علاقات دبلوماسية تاريخية، تعود إلى عام 1929، بعد عام من توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بينهما”، بحسب تقارير سابقة نشرتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وشهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية منذ أن تولي الرئيس أردوغان الرئاسة في 28 آب 2014، والملك سلمان حكم المملكة في 23 كانون الثاني 2015.

الصحفي اليمني ياسين التميمي، قال لـوكالة أنباء تركيا، إن “الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تركيا، مهمة للغاية ومن شأنها أن تضع حدا لمرحلة من التوتر بين بلدين إسلاميين رئيسيين، وتعيد ضبط هذه العلاقة وفق معايير المصالح المشتركة والتفهم الكامل لهذه المصالح”.

وأشار إلى أن “خيار تركيا في بناء علاقات بينية قوية بين دول المنطقة يبدو أنه هو الذي يسود اليوم، بعد أن أثبتت أحداث الفترة الماضية مدى خطورة ربط مستقبل هذه المنطقة الحيوية بإرادة اللاعبين الغربيين، الذين حرصوا باستمرار على تغذية الصراع والتوتر الذي أحكم قبضتهم على المنطقة وبدد مصالح دولها في صراعات ومغامرات قصيرة النظر”.

ورأى التميمي أن “هذه الزيارة تأتي وسط مؤشرات على رغبة مشتركة في تجاوز المشاكل المستحدثة على خط العلاقات بين تركيا والسعودية، وفتح آفاق جديدة للتعاون من المتوقع أن تشمل كافة المجالات وتغطي الاحتياجات الحيوية العسكرية والأمنية والاقتصادية للبلدين، ولهذا الأمر دلالاته الحيوية كونه يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الإقليمية، ويقوض الترتيبات السيئة التي كانت قد أنتجت تحالفات غاشمة دفعت بالمنطقة إلى حافة الهاوية”.

وختم قائلاً إن “الاستراتيجية التركية في عهد الرئيس أردوغان لطالما راهنت على إمكانيات دول المنطقة وعلى قدراتها وإرادتها المستقلةـ في خلق فضاء من المصالح المشتركة التي تحررها من هيمنة القوى الكبرى وتحصن خياراتها وتدعم قدراتها في حماية مصالحها”.

الجدير ذكره أن أردوغان أكد خلال زيارته للسعودية، نهاية نيسان/أبريل الماضي، على حرص تركيا على أمن واستقرار منطقة الخليج، قائلا “نحن نؤكد في كل مناسبة أننا نولي أهمية لاستقرار وأمن أشقائنا في منطقة الخليج مثلما نولي أهمية لاستقرارنا وأمننا”.

زر الذهاب إلى الأعلى