ودع الملايين في العالم الإسلامي عامة وتركيا خاصة إلكترونيا وفي الميدان، اليوم الجمعة، العلامة الشيخ محمود أفندي إلى مثواه الأخير بعد أن وافته المنية فجر أمس الخميس، عن عمر ناهز 93 عاما، قضاها في دعوة الخلق إلى الله ونشر العلوم الشرعية وتربية الأجيال وتهذيب النفوس ودلالة الخلق على الله.
وشارك في تشييع الشيخ أفندي ووداعه من مسجد الفاتح في مدينة إسطنبول التركية، مئات آلاف الأشخص إلى جانب ثلة من العلماء والمشايخ والمفكرين وطلبة العلم من العرب والأتراك، وحشد غفير من الشخصيات السياسية التركية والعربية، على رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ونعى أردوغان، العلامة الشيخ محمود أفندي، حيث قال “أدعو إلى الله بالرحمة للشيخ محمود أسطي عثمان أوغلو، أحد القادة الروحيين لبلادنا، الذي كرس حياته للإسلام، أتمنى الصبر والسلوان لأهله وطلابه وكل من يحبونه.. فليرقد في سلام”.
كما نعى آلاف من المشايخ وأهل العلم حول العالم إضافة إلى المجلس الإسلامي السوري، الشيخ محمود أفندي، متقدمين بأحر التعازي للأمة الإسلامية والعربية وللشعب التركي والحكومة التركية، داعين الله أن يرحم الله الفقيد وأن يلهم أهله ومحبيه وتلامذته ومريديه الصبر والسلوان.
في حين ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العالم الإسلامي بملايين المنشورات والتغريدات والبيانات المعزية بالشيخ محمود، والمشيدة بمسيرته العلمية.
العلامة الشيخ محمود أفندي
- هو الشيخ محمود أسطى عثمان أوغلو الشهير باسم محمود أفندي.
- من مواليد عام 1929 ميلادية في ولاية طرابزون التركية.
- حفظ القرآن الكريم طفلا في السادسة من عمره.
- تلقى علوم الشريعة واللغة العربية عن كبار علماء عصره، مثل شيخ الإسلام ومفتي المذاهب الأربعة الإمام علي حيدر.
- تصدر للدعوة وتدريس العلوم الشرعية، مواجها مضايقات عديدة من جنرالات العسكر والعلمانيين فتعرض للسجن والضرب إلا أن الأمر لم يثنه عن الدعوة وتدريس العلوم الشرعية.
- حين أغلقت المدارس الدينية في تركيا، صار يذهب إلى البيوت يطلب منهم إرسال أبنائهم إليه ليدرسهم خفية، ويقول: إذا ماتت علوم الشريعة فسيموت الإسلام في تركيا.
- تعرض لعدة محاولات اغتيال فاشلة (حسب شهادت متطابقة للعديد من أهل العلم وتلامذته).
- أبرز مشايخ الطريقة النقشبندية في تركيا وأحد أشهر العلماء في هذا العصر.
- من أكابر المرشدين الذين جمعوا بين التربية بالأقوال والأفعال والأحوال والهمة والنظر.
- تميز بالذكاء والفطنة وحفظ القرآن الكريم والحديث الشريف من صغره.
- أحد أبرز من ساهم بالنهضة الدينية الحالية في تركيا وأبرز علمائها.
- يقدر عدد محبيه وتلاميذه بالملايين حول العالم.
- ساهم في إنشاء جيل من حفظة القرآن الكريم في تركيا.
- علم من أعلام التصوف المعتدل في العالم الإسلامي.
- منارة في العلوم الشرعية والقرآن الكريم وعلوم العربية، وهو أحد زعماء النهضة الإسلامية وكبار العلماء في تركيا.
- أستاذ للعديد من المشايخ مهّد الدرب بعلمه لأجيال لاحقة.
- عرف عن الشيخ الراحل مواقفه المشرفة في الوقوف مع قضايا الأمة ومساندة المظلومين حول العالم.
- للشيخ مؤلفات في العلوم الشرعية والدعوة، منها تفسير للقرآن باللغة التركية، وهو مطبوع.
- وجه تلاميذه ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا في 15 تموز/يوليو 2016 للنزول إلى الشارع ومواجهة الانقلابيين والتصدي لهم.
الشيخ العراقي وليد الحسيني ذكر أنه “بعد أن فاز الإسلاميون بحكم تركيا، وجد الشيخ محمود فسحة للدعوة ونشر العلوم، فابتدأ بفتح المدارس الحلقية على المنهج الإسلامي القديم، بتدريس علوم الشريعة”.
وأضاف أن “الله بارك جهوده، فصار الطلاب يفدون إلى مدارسه بأعداد غفيرة، وكان كل طالب يكمل الدراسة، يصير مدرسا فيها، وهي مدارس غير حكومية، والدراسة فيها مجانا، حتى بلغت مدارسه داخل تركيا آلافاً ، وامتدت حتى فتحت منها خارج تركيا”.
وأشار إلى أن:
- طلاب الشيخ محمود أفندي يتميزون بأزياء خاصة، حيث ترتدي النساء زيًا أسود اللون فضفاضا، لا يظهر من الوجه سوى العينين والأنف، أما الرجال فيرتدون السروال العريض والجبة والعمامة، ويطلقون لحاهم. ويلبس أطفالهم مثلهم.
- يمتاز طلابه بحسن الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- صار مظهر العمامة والجبة، ولباس النساء الأسود الفضفاض مألوفا في إسطنبول وسائر ولايات تركيا، بل صار ضمن الأزياء التركية، وله خياطون متميزون، لأن من يرتديها يعدون بالملايين.
- كان لطلاب الشيخ دور في إسقاط محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016، حيث نجى الله به تركيا من كارثة كانت ستحل بها، وذهب منهم شهداء في الواقعة.
ولفت إلى أنه “عام 2005 دخل الشيخ محمود أفندي المسجد الحرام لأداء العمرة ومعه 30 ألف من تلاميذه، يملؤون ساحة الطواف”، مبيناً أن “طلاب الشيخ يكنون له احتراما وتكريما وطاعة قل مثيلها، ويعدونه مجدد هذا الزمن، ومن يرى هذه الانجازات وهذه الفتوح من رجل واحد، يرى أنه من أهل القبول عند الله تعالى، فإننا لم نر في زماننا من كان له مثل هذا الإنجاز”.
وتابع قائلاً “تشرفت بزيارته ومجالسته وتقبيل يده غير مرة بفضل الله تعالى، وله وجه مضيء قلما يرى مثله والله، تلوح فيه سيما الصالحين”.
وأشار إلى أن الشيخ أفندي “توفي وقت السحر، ليلة الخميس الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام سنة 1443 ، الموافق سنة 2022 ميلادية”.
وحسب عدد من العلماء والدعاة والمشايخ، فإن العلامة الشيخ محمود أفندي “رحل تاركا وراءه أثرا عظيما في الأمة الإسلامية في تركيا والعالم الإسلامي، فقد تأثر به وانتفع بعلمه وتربيته ومواعظه الملايين من المسلمين، كما ربى عددا من العلماء يتابعون حمل راية العلم والتصوف من بعده”.