تقاريرمميز

العلاقات التركية الإيرانية.. تكتيكية أم استراتيجية؟ (تقرير)

كثيرون يصفون العلاقات التركية الإيرانية أنها “علاقات الضرورة” رغم أهمية الملفات المشتركة بين الطرفين وعلى رأسها الملف السوري، حيث يتم النظر لهذه العلاقات بعد قمة العاصمة الإيرانية طهران الأخيرة بأهمية كبرى لما لها من تداعيات على المنطقة، سواء سلبا أو إيجابا.

وحول العلاقات التركية الإيرانية ودورها في المنطقة، قال الناشط السياسي مصطفى النعيمي لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “العلاقات التركية الإيرانية تقتصر على بعض المسارات المشتركة لما يخص الملف السوري، لا سيما مع الإعلان التركي عن البدء بعمليات عسكرية لإنشاء منطقة آمنة خالية من التهديدات الإرهابية وفقا لتصور أنقرة، والتي ستشمل في المرحلة الأولى منطقتي (تل رفعت ومنبج)، على أن يتم بعدها تأمين كامل الشريط الحدودي المحاذي لسوريا وبعمق تقريبي 30 كلم”.

وأضاف النعيمي أن “التصور التركي رافقه معوقات كبيرة لا سيما أن طهران تخشى على منطقتي النفوذ المذهبية في (نبل والزهراء) بريف حلب، لذلك تحاول تقويض العملية العسكرية بممارسة سياسة الضغط القصوى مع روسيا على تركيا لثنيها عن تنفيذ العملية”.

وبيّن أن “إيران حاولت من خلال لعب دور الوسيط ما بين روسيا من طرف والنظام السوري من الطرف الآخر، وذلك من أجل حل تنظيم PKK/PYD الإرهابي ودمجه مع قوات النظام السوري وتحييد من تصفهم أنقرة بالإرهابيين PKK/PYD، ومنح قوات نظام الأسد بدعم من الميليشيات المحلية ومتعددة الجنسيات القدرة على السيطرة على المناطق التي سيستلمها PKK/PYD، وذلك لتحقيق هدف تكتيكي وفقا لتصورات طهران يخدم مشروع بقائها ويعيق إي تحرك تركي قد يؤدي إلى صدام مع الميليشيات الرديفة لقوات النظام”.

وعقب قمة طهران، أشار مراقبون إلى”وجود هدف لدى تركيا وإيران يتمثل بتعزيز العلاقات الثنائية من خلال التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والعلمي والأمني، فضلا عن الزيارات المستمرة للوفود رفيعة المستوى بين البلدين”.

في حين رأى النعيمي أنه “ليس هناك أي مصلحة بين تركيا وإيران لكن الظروف الدولية ضيقت الخناق على PKK/PYD الإرهابي ووضعته أمام خيارين لا ثالث لهما إما الاندماج مع قوات النظام السوري أو مغادرة مناطق العمليات، مما أدى بالنتيجة إلى تفاهمات بين PKK/PYD الإرهابي والنظام السوري تتيح لقوات النظام دخول مناطق العمليات التركية المزمع تنفيذها وفقا لتهديدات أنقرة، وتعالج تدريجيا ملف من تصفهم أنقرة بالارهابين وبذلك تكون قد قوضت العملية التركية وأبعدت المخاطر عن حدود تركيا بوجود قوات النظام السوري”.

وزاد بالقول إن “التساؤل اليوم ماذا عن المنطقة الآمنة التي ستنشئها تركيا بعد اتفاقيات الضرورة التي أبرمت؟، تساؤلات من الصعب التكهن بالإجابة عنها في هذه الإيام نظرا لمجموعة متغيرات دولية مرتبطة بالملف السوري لا سيما الحرب الأوكرانية التي باتت ترهق المنظومة الدولية وبقائها بماهيتها الحالية، وما ستسفر عنها من أزمات على صعيد الطاقة والحبوب”.

وختم النعيمي بالقول “ربما عولجت مرحليا بعض الملفات لكن الملفات العالقة ما زالت هي الأهم نظرا لتعطيل روسيا لكافة المبادرات الدولية المعنية بالملف الأوكراني”.

وخلال قمة طهران، لفت مراقبون إلى أن تركيا وإيران أكدتا على “حماية وحدة أراضي العراق ودعمهما للعملية السياسية فيه، ودعم الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب، وعدم السماح للإرهابيين باستخدام الأراضي العراقية لتنفيذ هجمات على دول الجوار”.

وأكدت إيران وتركيا على أن “قضية فلسطين والقدس، هي القضية الأساسية للعالم الإسلامي، وأنهما تعهدتا على تقديم الدعم للجهود المبذولة في تحقيق العدالة للقضية الفلسطينية، كما أكدا على أهمية وضع حد لجميع السياسات الأحادية، بما في ذلك الاستيطان غير المشروع، والحفاظ على قدسية القدس”، حسب مراقبين.

من جانبه، وصف الخبير الاستراتيجي العقيد أحمد حمادة العلاقات التركية الإيرانية بـ”علاقات الضرورة”.

وأضاف في حديثه لمنصة SY24 أن “الدولتين بينهما عدة ملفات مشتركة أهمها سوريا ومسار أستانا، لذلك تحاول الدولتين إدارة هذه الملفات رغم وجود فجوات عديدة في المواقف وهناك تباين فيها”.

وذكر أن “العلاقات الإقتصادية هي الأهم وخاصة حاجة إيران للتصدير بعد فرض عقوبات عليها وحاجة تركيا للغاز والنفط”.

وتوقع حمادة أن “العلاقات هي تكتيكية وليست استراتيجية إنما المصلحة هي إدارة الملفات وعدم حدوث تصادم في سوريا والعراق، وبالتالي فإن إيران تستخدم العلاقات الإقتصادية للتنفيس عن العقوبات المفروضة عليها، ورأينا  اخيرا في العراق استهداف المصالح التركية من قبل ميليشيات إيرانية للضغط على أنقرة في ملفات أخرى”.

وفي 22 تموز/يوليو الجاري، أجمع عدد من المحللين والمختصين بالشأن العسكي والأمني والسياسي أن هناك الكثير من الأطراف وعلى رأسها تنظيم PKK الإرهابي، تسعى لتشويه سمعة تركيا وما جرى في دهوك شمالي العراق أكبر دليل على ذلك.

وكان اللافت للانتباه هو توقيت الهجوم الإرهابي، الذي جاء بعد قمة طهران الثلاثية التي جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بنظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني إبراهيم رئيسي، وبالتزامن مع نية تركيا إطلاق عملية عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية شمالي سوريا ومن أبرزها PKK/PYD الإرهابي.

الجدير ذكره، أن  من القضايا التي اتفقت تركيا وإيران عليها هي تأسيس شركات صناعية مشتركة بين البلدين، حسب ما أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في 19 تموز/يوليو الجاري، الذي أكد على الأهمية الكبيرة للتعاون بين تركيا وإيران في المجال الأمني، ورفض ازدواجية معايير الغرب وتمييزه بين التنظيمات الإرهابية.

اقرأ أيضا| تركيا وإيران توقعان 8 اتفاقيات تعاون مشترك في مجالات مختلفة.. تعرف عليها

زر الذهاب إلى الأعلى