السلطان “أبو الملوك” مؤسس الدولة العثمانية.. في الذكرى الـ 696 لوفاته (تقرير)
تصادف الإثنين 1 آب/أغسطس 2022، الذكرى السنوية الـ 696 لوفاة مؤسس الدولة العثمانية وأول سلاطينها والذي تنسب إليه تسميتها، السلطان عثمان، أبو الملوك السلطان الغازي فخر الدين قره عثمان خان الأول بن أرطغرل بن سليمان شاه.
ولد عثمان بن أرطغرل في منطقة “سوغوت” شمال غربي تركيا، عام 656هـ/1258م، وهو العام الذي سقطت فيه عاصمة الخلافة الإسلامية العباسية بغداد بيد هولاكو وجيشه المغولي.
ولد عثمان خان وكَبُر وسط أجواء الاضطراب والضعف الذي أصاب الحكم الإسلامي آنذاك.
وتذكر المصادر التاريخية المعتمدة، أن والده الغازي أرطغرل، حصل على أراض أقطعه إياها السلطان السلجوقي علاء الدين، على حدود الدولة البيزنطية، لما أظهرته قبيلته الـ “قايا” من شجاعة في دعم السلطان ضد خصومه، وأصبح أرطغرل، عامل الثغر التابع للدولة السلجوقية.
تولى عثمان زعامة القبيلة، ثم شغل منصب والده عاملاً تابعا للسلطنة السلجوقية،حيث بدأ عثمان باسم السلطان السلجوقي في فتح الحصون المترامية على ساحل بحر مرمرة والبحر الأسود، مما منحه قوة وامتدادا كبيرا لسيطرة قبيلته، فأصبحت قبيلة فاتحة تبسط نفوذها على مناطق واسعة من الشواطئ التركية الحالية.
هذه الانتصارات جعلت السلطان السلجوقي يقُرّه على الأراضي الجديدة التي فتحها ويعطيه لقب “بك” وأجاز له كتابة اسمه على العملة والدعوة له في خطبة الجمعة، وهي الطقوس التي كانت عادةً للسلاطين والملوك.
وتذكر المصادر التاريخية التركية بأن “عثمان المؤسس رأى فيما يراه النائم، قمرا منيرا خرج من حضن الشيخ (إيده بالي) ودخل في حضنه، وعند ذلك نبتت من سرّته شجرة عظيمة سدت أغصانها الآفاق، وكان تحتها جبال عظيمة تتفجر منها الأنهار، والناس ينتفعون بتلك الأنهار لأنفسهم ودوابهم وبساتينهم وعندما قص عثمان الرؤيا على معلمه، قام بتأويلها على أنها السلطنة يهبها الله له ولأولاده من بعده، ثم قام بتزويجه من ابنته (رابعة بالا خاتون)”.
أخلص عثمان الولاء للدولة السلجوقية على الرغم مما كانت تتخبط فيه من اضطراب وما كان يتهددها من أخطار، وأظهر منذ بداية عهده براعة سياسية حيث ألزم نفسه من البداية بعدم الدخول في صراعات مع الإمارات التركية والتركمانية الإسلامية الأخرى في الأناضول، ابتعاداً عن الحرب مع المسلمين.
كما أظهر براعته الإدارية حيث وضع النظم الإدارية لإمارته، بحيث قطع العثمانيون في عهده شوطًا كبيرًا على طريق التحول من نظام القبيلة المتنقلة إلى نظام الإدارة المستقرة، ما ساعدها على توطيد مركزها وتطورها سريعًا إلى دولة كبرى.
وحين تغلّب المغول على دولة قونيا السلجوقية، أعلن عثمان عن استقلاله عن السلاجقة ولقّب نفسه “پاديشاه آل عثمان” أي عاهل آل عثمان، أو “الملك السيد”.
وقد اتصف عثمان بالعديد من الصفات والمناقب الحميدة والمميزة التي خلدت اسمه في التاريخ وكانت محط دراسة المؤرخين وموضع عنايتهم مثل: الشجاعة والإقدام والحكمة في الرأي والصبر للوصول لما يصبو إليه والجاذبية الإيمانية والتي كانت سببا في إسلام العديد من القادة والأعلام ، بالإضافة إلى التجرد والبعد عن البذخ والمظاهر الدنيوية والإخلاص والعدل والوفاء.
أمضى عثمان عشر سنوات من عمره في حصار مدينة بورصة لما لها من أهمية سياسية وإستراتيجية، وظل جنده يحاصرونها ويرابطون على أسوارها حتى جاءته البشرى بفتحها وانهيار صمودها وانكسار حاميتها وهو على سرير الموت، فدخلها ابنه أورخان فاتحا.
وعهد عثمان لابنه الصغير أورخان بالحكم من بعده، ووافته المنية عن 70 عاماً، دفن أورخان أباه في بورصة بعدما جعلها عاصمة لدولته الناشئة، واستمرّت عاصمةً للدولة طيلة 40 عاماً.
وخلال حكم عثمان زادت رقعة الأراضي العثمانية أربعة أضعاف عمّا كانت عليه في حكم والده أرطغرل، واضعاً حجر الأساس لأقوى وأهم دولة إسلامية استمرت قائمة لما يقرب من 600 سنة، وامتدت أراضيها لتشمل أنحاء واسعة من قارات العالم القديم الثلاث: أوروبا وآسيا وأفريقيا، حيث خضع لها كامل آسيا الصغرى، وأجزاء كبيرة من جنوب شرق أوروبا، وغربي آسيا، وشمالي أفريقيا.