استبعد ناشطون سوريون أي إمكانية لتحقق حل سياسي قريب بين النظام السوري والمعارضة السورية.
وحسب ما رصدت “وكالة أنباء تركيا”، دعا الكثير من الناشطين السورين المعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي ليل الخميس الجمعة، لعدم إجراء أي حوار مع “نظام الأسد”، مشددين أنه “لا بديل عن اسقاط نظام الإجرام” في إشارة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، حسب تعبيرهم.
الناشط الإعلامي يوسف البستاني قال في منشور على حسابه في “فيسبوك”، “شعب قصف بالكيماوي والبراميل وقتل وعذب بأبشع الأشكال ولم يقبل بالمصالحة وهو يتعرض للحصار والتجويع.. ونظام الأسد لا يفهم معنى المصالحة فهو أصل الشرور كلها في المنطقة”.
أمّا بسام شحادات المختص بالعلاقات العامة والمقيم في إسطنبول، فقال على حسابه في “فيسبوك”، “الثورة وسيلة وليست غاية وفي ظل انغلاق طرق الوصول لأهداف الثورة بشكل كامل فكل الحلول مطروحة، ومن أرد أن يستمر بالوضع الراهن فليذهب ليقيم مع أهله في أحد المخيمات أو ليذق طعم الجوع والحرمان والقهر في الداخل”.
وأضاف “طالبنا بالثورة حتى نقيم الحريات والعيش الكريم لشعبنا، شعبنا الآن يحتاج إلى حل لهذه المأساة المستمرة من 11 سنة”.
وتابع “لا أقبل بأن نعود كسوريين إلى ما قبل الثورة وإلى سلطة الطغيان والقهر، لكن أيضا حلول جزئية تحافظ على ما تبقى من هذا الشعب مع بعض المكتسبات قد تكون أفضل من الوضع الراهن”.
ومضى بالقول “أنا مع الثورة منذ اليوم الأول وقدمت من نفسي وأهلي الكثير من الشهداء والتضحيات للثورة لإيماني بأهدافها في الحرية والحياة الكريمة، لكن اليوم شباب سوريا يضيع بين المخدرات وضياع التعليم والتطرف والفوضى، نريد حلول تحافظ على سوريا وشعبها التي قمنا بالثورة من أجلها، هذا رأي قد يراه البعض تراجع واستلام أو انتحار ثوري، أنا أراه واقعية نحتاجها جدا”.
الناشط الإعلامي ميلاد الشهابي، قال أيضاً “يجب علينا كسوريين إعادة النظر في (المصلحة الوطنية السورية) بعيداً عن نظام الأسد، بعيداً عن الحلفاء الذين يدعونا مساندة الشعب السوري الثائر”.
وتابع أن “التطبيع مع الأسد أصبح بشكل علني، ويجب إن تكون مصلحة الثورة والسوريين فوق الجميع وعلى رأسهم الدول الحليفة”.
الائتلاف الوطني السوري شددّ في بيان له “على ضرورة استمرار العزلة الدولية لنظام الأسد المسؤول عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين وتهجير الملايين”، منبّهاً أن “أي تقارب وقبول بهذا النظام المجرم يناقض الحل السياسي ويُفقده جدواه، ويعزز استمرار مأساة الشعب السوري الذي يرفض هذا النظام رفضاً كاملاً”.
وأكد الائتلاف الوطني في بيانه أن “الثورة السورية العظيمة منذ انطلاقها عام 2011 هي قضية عادلة لشعب انتفض ضد الاستبداد وطالب بالحرية، كما أن مساندة السوريين هي مسؤولية دولية وأخلاقية لا يمكن التنصل منها”.
وفي وقت سابق أمس الخميس، كشف وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، أنه أجرى محادثة قصيرة مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي في العاصمة الصربية بلغراد.
كلام تشاويش أوغلو جاء خلال مؤتمر صحفي عقده، الخميس، على هامش اجتماعات المؤتمر الـ 13 للسفراء الأتراك المنعقد في العاصمة التركية أنقرة.
وقال الوزير التركي “أجريت محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري خلال اجتماع دول عدم الانحياز في بلغراد”.
وشدد على “ضرورة وجوب تحقيق مصالحة بين المعارضة والنظام في سوريا بطريقة ما”، لافتا إلى أنه “لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك، لذلك يجب أن تكون هناك إرادة قوية لمنع انقسام سوريا، والإرادة التي يمكنها السيطرة على كل أراضي البلاد لا تقوم إلا من خلال وحدة الصف”.
رئيس المكتب السياسي لحركة العمل الوطني من أجل سوريا، محمد ياسين النجار قال لـ “وكالة أنباء تركيا” إنه “لا يوجد بالأفق أي مؤشر لذلك، الواقع الحالي يدل على العكس، هناك توتر شديد قابل للانفجار حتى في مناطق سيطرة النظام”.
وتابع أن “النظام غير جاد بالحل السياسي وفق مقررات جنيف 1 والقرارات الأممية 2118 و2254، وإلغاء غير بيدرسن (المبعوث الأممي إلى سوريا) الجولة التاسعة من إحدى مسارات العملية السياسية أكبر دليل”.
ولفت إلى أن “محاولات روسيا وإيران بإخضاع السوريين ستبوء بالفشل، ما بعد عام 2011 ليس كما قبله، والمطلوب الدعوة إلى مؤتمر وطني سوري يضم كافة القوى والكيانات والفصائل المؤمنة بالثورة وأهدافها بعد ثبوت انهيار الائتلاف وهيئة التفاوض والحكومة المؤقتة”.
الناشطة الإيطالية فرانشيسكا سكالينجي قالت لـ”وكالة أنباء تركيا”:
- في أخبار اليوم، هناك العديد من العناصر المهمة التي يجب أن نأخذها في الاعتبار، خاصة فيما يتعلق بالمحادثة التي ادعى السيد تشاويش أوغلو أنه أجراها مع فيصل مقداد في بلغراد في عام 2021.
- بوتين هو من يدفع باتجاه حوار بين أردوغان والأسد، وهذا يقول الكثير عن هذه المبادرة.
- يقترح أنه على مستوى الاستخبارات كانت هناك دائمًا اتصالات.
- تدعي تركيا أنها ضد التقسيم الكردي الإقليمي لسوريا وتستغل هذا الموضوع للحديث عن الموضوع.
- أنا شخصياً أعتقد أن سبب وجود تركيا شمالي سوريا منذ البداية، هو تجنب فكرة إنشاء دولة كردية محتملة في تلك المنطقة (أي ممر إرهابي تابع لتنظيم PKK).
- تعمل الدول لمصلحتها الخاصة، وليس باسم القيم المجردة أو لأسباب إنسانية.
- الهدف الرئيسي لأردوغان هو تدمير حزب العمال الكردستاني (تنظيم PKK الإرهابي) ووحدات حماية الشعب (تنظيم PKK/PYD الإرهابي) في نهاية المطاف.
- أعتقد أن هذا هو ما سيضعه على الطاولة في تفاعل محتمل مع النظام السوري.
- كما أنه يشعر بالحاجة إلى إعادة أكبر عدد ممكن من السوريين في أسرع وقت ممكن.
- الآن بالنسبة للمعارضة السورية، آمل ألا يقبلوا المصالحة في حال قررت تركيا المضي في هذا الاتجاه.
- أعتقد أن قرارهم سيعتمد على إحساسهم بالاحترام والتوقير تجاه تركيا.
- أنا شخصياً رغم أنني لست سورية، أعتقد أن مثل هذه المصالحة غير ممكنة.
- كيف يمكن التصالح مع نظام أيده ملطخة بدماء السوريين؟ كيف نفعل هذا بالشهداء والمعتقلين والنازحين؟.
- سقوط الأسد والنظام الذي يمثله هو الفرضية الأساسية المطلقة لأي مشروع حوار مستقبلي.
ومساء الخميس، خرجت مظاهرات عارمة في الشمال السوري تعبيراً عن رفض الأهالي لأي مصالحة أو محاولة للتقارب مع النظام السوري، ورفض أي مصالحة وحل سياسي بين النظام السوري والمعارضة السورية.
السياسي التركماني والعضو السابق في الائتلاف الوطني السوري، زياد حسن قال لـ”وكالة أنباء تركيا”:
- دعنا نحدد طبيعة الصراع في سوريا، فالصراع ليس بين أطراف سياسية متصارعة على مقاعد برلمانية او حقائب وزارية، وهو ليس صراعا انتخابياً تتقاذف الاطراف فيه الاتهامات والادعاءات الانتخابية.
- المشكلة في فحواها الحقيقي هي بين شعب تعرض للظلم والاستبداد لعقود من الزمن، وسلطةٍ استبدادية سلبت هذا الشعب حريته وكرامته و حقه في حكم نفسه بنفسه عبر انتخابات حرة ونزيهة.
- كانت الثورة رد فعلٍ طبيعي من الشعب السوري على استبداد النظام و تسلطه وجبروته، وجاءت تحت عنوان : الشعب يريد اسقاط النظام، أي اسقاط كل ما يتعلق بهذا النظام، من رموز وشعارات ومؤسسات تعينه على ظلم الشعب وقهره.
- دعنا نلقي نظرة سريعة على الوضع القائم في سوريا اليوم، هل تحقق شيءٌ من هذه المطالب؟ هل السوريون أكثر حرية اليوم عن ذي قبل؟ هل نحن أمام واقع ديمقراطي في سوريا؟ الجواب بالطبع: لا، بل نحن أمام واقع أكثر مرارة عما كان عليه الحال قبل 2011، فما كان يفعله النظام الطائفي الاستبدادي بالسر يفعله اليوم بالعلن، بعد أن قتل مئات الآلاف من السوريين وهجر الملايين، وعذب ويعذب مئات الالاف من المعتقلين، فكيف يمكننا الحديث عن اتفاق بين المعارضة والنظام في ظل هذه الأوضاع؟ وكيف تستطيع المعارضة القفز فوق مطالب الشعب الثائر.
- هذا ليس ممكناً في ضوء المعطيات السياسية الحالية، ولا بد من تحولات سياسية كبيرة في المشهد السياسي السوري حتى يمكن الحديث عن هكذا اتفاق.
وتوالت ردود الفعل من قبل كثير من الناشطين والسياسيين السوريين، منهم المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية، يحيى العريضي الذي قال في منشور على حسابه في “فيسبوك”، “لن نصالح، ولن نعود، والقاتل موجود، ولا نحتاج رعاة أو أولياء أمور، وحقنا كالرمح، وثائقنا بيدنا، وإرادتنا من فولاذ؛ وستكون كلمتنا واحدة، وبلدنا واحد حر ومستقبل بلا احتلال أو استبداد، والزمن طويل طويل”.