100 يوم هي التي تفصل العالم وجماهير كرة القدم عن انطلاق مباريات المنتخبات المتأهلة للمشاركة في منافسات كأس العالم 2022، مدّةٌ بقدر ما قد تبدو طويلةً بالنسبة لعشاق هذه الرياضة، بقدر ما ستكون قصيرةً بالنسبة للقيّمين على تحضيراته في قطر.
فمنذ 2 كانون الأول/ديسمبر عام 2010 وقطر تسابق الزمن لتجعل من بطولة كأس العالم “قطر 2022″ نسخة خاصة ومميزة ومختلفة عن كل البطولات السابقة، وذلك عقب اختيارها في التصويت الذي جرى بمقر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” في مدينة زيورخ السويسرية، لتصبح قطر أول في بلدٍ عربيّ وخليجيّ ومسلم وشرق أوسطيّ تنظم أبرز حدث رياضي في العالم، متقدمة على اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والولايات المتحدة الأميركية.
وتميز ملف قطر لمونديال 2022 باستخدام تقنيات حديثة وصديقة للبيئة في إنشاء الملاعب ومناطق التدريب ومناطق المتفرجين، حيث سيكون بمقدرة اللاعبين والإداريين والجماهير التمتع أجواء رائعة خاصة وأن تنظيم فعاليات المونديال سيكون في شهر تشرين الثاني/نوفمبر حيث اعتدال الطقس وسقوط الأمطار الموسمية.
وأنشأت قطر ثمانية ملاعب على أعلى المستويات ومزودة بأحدث تقنيات التكنولوجيا وفق المعايير العالمية لاستضافة الحدث الرياضي الكبير، وهي ملعب 974، والجنوب، والمدينة التعليمية ويسمى جوهرة الصحراء، وأحمد بن علي، والثمامة، ولوسيل، وخليفة، والبيت وهو الملعب الذي من المقرر أن يستضيف المباراة الافتتاحية التي ستجمع بين منتخبي قطر والإكوادور في 20 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، كما من المقرر أن يستضيف المباراة النهائية.
وبالإضافة لتحقيقها المعايير التي وضعها “الاتحاد الدولي لكرة القدم” (فيفا) لاستضافة المباريات الدولية، فإنها تتمتع بميزات مذهلة لا تتواجد في غيرها من الملاعب حول العالم، إذ زُودت الملاعب القطرية الثمانية بتكنولوجيا متطورة لتبريدها في مواجهة درجات الحرارة المرتفعة.
مهندس تقنية التبريد في ملاعب المونديال، الأستاذ في كلية الهندسة في جامعة قطر، سعود عبد الغني، قال في لقاء سابق مع “وكالة أنباء تركيا”، إن “عملية التبريد تشمل ثلاث وجهات أساسية، هي العشب واللاعبين والجمهور”.
وأضاف عبد الغني أن “عملية التبريد تمنح العشب في الاستاد درجة حرارة ورطوبة معينان ليبقى بأفضل حالاته أثناء المباراة، كما تمنح اللاعبين القدرة على خفض درجة حرارة أجسامهم أثناء ارتفاع درجات الحرارة”.
ولفت عبد الغني إلى أنه “وبالنسبة للمتفرجين، فإن مدرجات الملاعب تحتوي على دافقات هواء تدفعه بلطف يخرج بطريقة دورانية يغمر المتفرجين وكأنها فقاعة حرارية، خاصةً أن جسم الإنسان يفرز حرارة بدرجة معينة، وعند اجتماع عدد كبير من الناس في مكان واحد فإن هذه الحرارة ترتفع بشكل كبير”.
وأوضح أن “تقنية التبريد تعمل بآلية تبريد الهواء الخارجي من خلال مراوح تكييف، ثم دفع الهواء البارد إلى داخل الاستاد من خلال فتحات هواء منتشرة في المدرجات، يلي ذلك سحب الهواء المبرد باستخدام تقنية دوران الهواء ليعاد تبريده وتنقيته قبل دفعه مجددا إلى الاستاد”.
ومن أبرز مميزات مونديال قطر 2022، خاصية “الاستدامة” في الجانب البيئي وفي الأبنية.
فمن حيث البيئة، سيكون هذا أول مونديال يعتمد مشروع “الاستدامة البيئية”، من خلال تطبيق أفضل ممارسات البناء التي ستؤثر إيجاباً في الإرث المناخيّ لقطر والمنطقة، عبر إعادة تدوير واستخدام النفايات والمياه حيثما أمكن ذلك، مع الاستعانة بأنظمة تحكّمٍ ذكية لمنع الاستخدام المفرط للموارد في المنشآت كافة.
وينسحب مبدأ الاستدامة على خطة “بناء مستدام”، حيث أدّى تصميم وبناء الملاعب ومواقع التدريب والبنية التحتية للمواصلات وفقاً لمعايير البناء المستدام، إلى حصولها على عدد من الجوائز لاتّباعها مبادئ التفكير الاستشرافيّ.
وتلقّت ملاعب كأس العالم “قطر 2022″ الثمانية استحساناً لتصاميمها المستدامة، وكيفية إنشائها، وحسن إدارتها اليومية، والتي تتضمّن اتّباع أفضل الطرق للتقليل من الغبار في مواقع البناء.
ونجحت بطولة كأس العالم “قطر 2022″ في اجتذاب أنظار أساطير كرة القدم العالمية حتى قبل انطلاقتها، ولم يأت الإعجاب بالاستعدادات القطرية من قبل الأساطير من فراغ، بل من مشاهدتهم للاستعدادات والتجهيزات التي نفذتها قطر طوال 12 عاماً.
وذكر لاعب المنتخب الهولندي السابق رونالد دي بور في تصريحات خاصة لـ “وكالة أنباء تركيا” في العاصمة القطرية الدوحة، أن “مشجعي منتخبات كأس العالم في قطر سيحظون بتجربة فريدة وسيتمكنون من الاستمتاع بأوقاتهم أثناء وخارج أوقات المباريات، يُضاف إليه شغف الملايين من سكان المنطقة العربية وهم يتطلعون بشغف لرؤية منتخباتهم وهي تتنافس للفوز بالبطولة”.
وأضاف “كم تمنيت لو أنني ما زلت لاعباً، حتى أتمكن من المشاركة في تجربة نسخة مميزة من كأس العالم في قطر”.
وتحدث اللاعب الأسبق في المنتخب القطري إبراهيم خلفان في لقاء خاص مع “وكالة أنباء تركيا” في العاصمة القطرية الدوحة، حول العلاقة بين تركيا وقطر “بما يعجز عنه التعبير”.
ولفت خلفان إلى أن “تركيا تساهم بشكل كبير لإنجاح بطولة مونديال 2022 في قطر، وهو أمر يُسعد ويُشرف المجتمع القطري أن يتواجد الأخوة الأتراك في الدوحة”.
وأضاف خلفان أن “قطر تتشرف أن تكون ممثلة للعرب والشرق الأوسط بتنظيم المونديال، وفوز قطر بتنظيم هذا الحدث الثقيل والعالمي لم يأتي من فراغ، بل بثقة دولية تحظى بها قطر في الوسط الرياضي”.
وكانت قطر قد أكدت جاهزيتها لكأس العالم من خلال استضافتها لعدة بطولات، وكان آخرها كأس العرب بين شهري تشرين الثاني/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2021، في احتفالية رياضية أبهرت العالم.
وساهمت تركيا بشكل كبير في البنية التحتية الخاصة ببطولة كأس العالم “قطر 2022″، بالإضافة إلى أن تركيا وقطر ووقعتا اتفاقية مشتركة لتنظيم الفعاليات الكبرى، وتتضمن مشاركة تركيا بالتنظيم الأمني لبطولة كأس العالم، فيما أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في كانون الأول/ديسمبر 2021 عن إرسال 3 آلاف شرطي تركي للمشاركة في تأمين البطولة.