في الآونة الأخيرة شهدت بعض المناطق التركية أحداثا تسببت بمضايقات لعدد من السياح العرب، أكدت جهات تركية رسمية لـ”وكالة أنباء تركيا” أنها “كانت معدودة وليست نتيجة توجه شعبي”، في حين عمل ما بات يعرف بـ”الذباب الإلكتروني” على تضخيمها ونشر الأكاذيب بهدف الإساءة لسمعة تركيا، وذلك بالتعاون مع جهات مشبوهة تعمل على ضرب الاقتصاد التركي بمختلف الوسائل والأساليب.
ورغم تلك الأحداث والحملة الإعلامية “الذبابية”، إلا أن السياحة العربية مزدهرة وتزداد ازدهارا في تركيا يوما بعد يوم، فمطلع آب/أغسطس الجاري، أعلنت مديرية الثقافة والسياحة في إسطنبول تجاوز عدد السياح الذين زاروا المدينة، المليون سائح، كثير منهم من دول عربية، وذلك خلال شهر واحد فقط.
وقالت المديرية في بيان، إن “عدد السياح الأجانب الذين زاروا إسطنبول خلال حزيران/يونيو الماضي، بلغ مليونا و470 ألف و585 سائحاً، محققاً نمواً بنسبة 115% بالمقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي”.
وأوضحت المديرية أن “عدد زوار اسطنبول بلغ 6 مليون و755 ألفا و300 سائح خلال النصف الأول من العام الجاري 2022”.
وأجمع العديد من المهتمين بالشأن التركي في أحاديث لـ”وكالة أنباء تركيا”، أن بعض المضايقات تقف خلفها أطراف تريد ضرب الاقتصاد التركي وحتى السياحة في تركيا من خلال توجيه الرأي العام العربي لمقاطعة تركيا.
الناشطة في حملات المناصرة والدفاع عن القضايا الإنسانية والحقوقية إيمان ظريفة، تحدثت لـ”وكالة أنباء تركيا”، حيث قالت إنه “لوحظ في الآونة الأخيرة حالات تظهر تعرض بعض من السياح العرب في تركيا لمضايقات وانتهاكات متعمدة، إلى جانب حملات تدعو لمقاطعة السياحة في تركيا، ما يضر بتركيا من الناحية الاقتصادية”.
وأضافت أن “أحد أهم أسباب هذه الأحداث هو قرب الانتخابات في تركيا وإثارة الفوضى في البلاد من قبل فئات معينة تقوم على التحريض ضد الوجود العربي حتى بغرض السياحة”.
ورأت ظريفة أنه “من واجب الجهات المسؤولة نشر الوعي بين أفراد المجتمع للحد من الأضرار الواقعة، والنظر للمسألة على أنها ضارة بالبلد، وكذلك الدعوة إلى ضبط النفس وعدم التعرض بالمضايقة لأيٍّ كان حسب القوانين المعمول فيها”.
نشطاء اعتبروا أن “الجماعات الإرهابية لها دور بالعمل على تشويه تركيا وزعزعة الأمن، وكذلك خلايا إيران، بالإضافة إلى ضعاف النفوس من الذين اشترت ذممهم المخابرات الأمريكية وتنظيم (فتح الله غولن) في الداخل التركي”.
الناشطة في المجال الحقوقي بتول الشامي، قالت لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “التعرض للسياح العرب في تركيا هو محاولة لإرباك العلاقات بين تركيا والدول العربية، ومحاولة لجعل تركيا منعزلة عن الوضع الإقليمي”.
وأشارت الشامي إلى أنه “منذ فترة قصيرة عادت العلاقات التركية السعودية الإماراتية إلى مجاريها نوعا ما، وبالتالي فإن هذا الأمر قد لا يعجب جهات خارجية ترغب بعزل تركيا عن محيطها المسلم”.
ورأت أن “توتير العلاقات يبدأ من أمور صغيرة من خلال تجييش الجماهير (عرب ضد الأتراك وأتراك ضد العرب)، ويمكن القول إن الجهات التي تقف خلف ذلك هي الجهات التي لا يروقها النظام الحاكم في تركيا”.
ورغم أن من يسمى “الذباب الإلكتروني” الذي ينشط على منصات التواصل الاجتماعي يحاول تشويه صورة تركيا، لكنّ الكثير من الناشطين العرب يدافعون عن تركيا ويؤكدون أن “تركيا من أجمل البلدان طبيعةً وجواً وبنية تحتية وتسوق ومطاعم، ونادراً ما تجدها مجتمعة في دولة واحدة”، لافتين إلى أن “بعض الأخطاء التي تجري كلها أخطاء فردية ولا يجب التعميم ضد تركيا”.
“الذباب الإلكتروني” يعمل جاهدا على تشويه صورة تركيا بالادعاء أن “تركيا بلد غير آمن لا للسياحة ولا للاستثمار، ودائماً ما ينظرون للخليج أو العرب بشكل عام نظرة دونية”، حسب زعمه، الأمر الذي يُكذبه كثيرون بالقول “تركيا هي الخيار الأفضل للعائلات الخليجية في التسوق والخدمات والمأكولات والسكن والحريات، وفي الصلاة والحجاب والتنزه”.
ومؤخرا، صنفت مجلة “تايم” الأميركية مدينة إسطنبول ضمن “أروع 50 مكاناً في العالم”، ووصفتها بأكثر المدن سحراً في تركيا.
وأصدرت المجلة قائمة تتضمن أروع الأماكن في العالم، وتخطت مدينة إسطنبول في الترتيب مثل تورنتو وميامي وبوغوتا ومرسيليا ونيروبي وسيول ومنطقة القطب الشمالي ومورافيا.
وأطلقت المجلة عنوان “نهضة كلاسيكية” على مدينة إسطنبول، ووصفتها بـ “المدينة الأكثر سحراً في تركيا” بسبب النهضة التي تشهدها المدينة.
ونهاية تموز/يوليو الماضي، أكدت النائب في البرلمان التركي بهار أيواز أوغلو، أن الأشخاص الذين يعترضون على وجود السياح العرب القادمين من الشرق الأوسط ودول الخليج إلى تركيا عامة وإلى ولاية طرابزون شمال شرقي تركيا خاصة “هم عملاء لدول منافسة يستخدمون حفنة من العنصريين لضرب الاقتصاد التركي عبر السياحة”.
وقالت أيواز أوغلو في تصريحات صحفية “نعلم جميعاً أن السياحة في منطقة طرابزون وشرقي البحر الأسود لها قيمة اقتصادية عالية، ويشكل القادمون من الجغرافية العربية أهم عناصرها بإسهامهم في زيادة الدخل للسياحة التركية”.
ولفتت أيواز أوغلو إلى أن “التصريحات التي تستهدف ضيوفنا العرب في وسائل التواصل الاجتماعي مشبوهة، يبدو لي أنهم أشبه بوكلاء السياحة في البلدان المنافسة، يستخدمون حفنة من العنصريين لضرب الاقتصاد التركي عبر السياحة”.
وأكدت أن “تركيا لن تسمح لحفنة من العملاء والعنصريين الحاقدين والخونة، تدمير وبعثرة الجهود التي بذلت لسنوات لتعزيز السياحة في المنطقة، عبر اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة”.
وأوضحت أن “هذه التصريحات شريرة وخائنة ليس فقط لمدينتنا طرابزون، ولكن أيضًا لكل تركيا، لن نصمت حيال هذا، وعلى الجميع أن يعلم ذلك”.
وفي وقت سابق من العام الجاري، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، أن “معاداة العرب التي بدأتها بعض الجهات تحظى بدعم من قبل دول أخرى”.
ويرى مراقبون أن “هذا التصريح بكل وضوح أن هناك أطرافا شمّرت بالفعل عن سواعدها لتقويض الحيوية التي ظهرت خلال الموسم السياحي في تركيا”.
وكان الكاتب التركي توران قشلاقجي، أكد في مقال رأي له، أنه “كلما ازداد عدد السياح العرب في تركيا، وتسارع النشاط الاقتصادي بالتوازي مع ذلك، تتصدر بعض الجهات المشهد على الفور، وكأنها تبذل قصارى جهدها لتقويض المسار الإيجابي”.
وأشار إلى “الحكومة التركية تراقب الوضع عن كثب، وبدأت بالفعل في معاقبة المتورطين في الاعتداءات التي أثارت في الوقت نفسه، انزعاجا كبيرا لدى الشركات السياحية”.