تقاريرحدث في مثل هذا اليومهام

42 عاما على انقلاب كنعان أفرين.. أكثر الانقلابات دموية في تاريخ تركيا (تقرير)

تمر، الإثنين، الذكرى الـ 42 لانقلاب 12 أيلول/سبتمبر 1980 في تركيا، والذي ترك بصمة سوداء على تاريخ الديمقراطية في البلاد.

وعلى الرغم من مرور 42 عامًا على تلك الواقعة الأليمة، إلا أن الألم الذي خلفته وراءها لا يزال حاضرًا كما كان في اليوم الأول.

وفي هذا التقرير نقوم بتسليط الضوء على تلك الفترة التي اشتهرت بالإعدامات وسوء المعاملة وانتهاكات حقوق الإنسان، وعملية إحالة مهندسها الانقلابي كنعان أفرين إلى المحاكمة بعد مرور 32 عامًا من الانقلاب.

جاءت الشرارة الأولى لفكرة الانقلاب بناءً على تعليمات من أفرين، حيث أعد رئيس الأركان العامة الثاني في تلك الفترة، الجنرال حسن سالتيق، بعد 4 أشهر من العمل خطة الانقلاب المسماة “عملية العلم”، والتي ستغرق البلاد في الظلام.

بعد ذلك، أُبلغ قادة الجيش أن العملية ستتم في الرابعة فجر يوم 11 تموز/يوليو، لكن أرجأ مدبرو الانقلاب تنفيذ هذه الخطة بعد أن حصلت الحكومة بقيادة سليمان دميرل على تصويت بالثقة في الثاني من الشهر نفسه.

بعد ذلك قرر قادة الانقلاب تنفيذ خطتهم فجر يوم 12 سبتمبر حيث وجهوا ضربة قاضية للديمقراطية في ذلك اليوم لا زالت تركيا تعاني من ويلاتها حتى يومنا هذا.

وعندئذ باتت كافة السلطات والصلاحيات بيد مجلس الأمن القومي الانقلابي، المكون من رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال كنعان أفرين، وقائد القوات البرية الفريق نور الدين أرسين، وقائد القوات الجوية الفريق تحسين شاهين قايا، وقائد القوات البحرية الأدميرال نجاة تومر والقائد العام لقوات الدرك الفريق سادات سيلاسون.

كما ألغى الانقلابيون العمل بالدستور، وألغوا كذلك المجلس الوطني التركي الكبير(البرلمان)، وسرّعوا من وتيرة أنشطتهم المناهضة للديمقراطية.

وبعد إعلان الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد، قام مدبرو الانقلاب الذين استهدفوا المنظمات غير الحكومية بإغلاق جمعيات أخرى غير جمعية الطيران التركية ووكالة حماية الطفل والهلال الأحمر.

وضع الانقلابيون قفلًا على أبواب الأحزاب السياسية، ونفى سليمان دميرل وبولنت أجاويد، وكذلك، نجم الدين أربكان وألب أرسلان تركش إلى عدة أماكن متفرقة، وفرضوا حظراً سياسياً في البلاد.

بداية عمليات الإعدام

إضافةً إلى ممارساتهم المناهضة للديمقراطية كل يوم، وقع الانقلابيون أيضًا أحكامًا بالإعدام، لن تمحى آلامها من الذكريات لسنوات.

ففي يوم 9 تشرين أول/أكتوبر 1980، تم إعدام اليساري نجدت أدالي، والشاب مصطفى بهلوان أوغلو.
كما حكم على أردال أرن البالغ من العمر 17 عامًا، بالإعدام بذريعة إدانته بقتل حارس عسكري قبل الانقلاب.

وعلى الرغم من إلغاء حكم الإعدام بحق أرن مرتين من قبل المحكمة العليا، إلا أنه أُعدم في سجن أنقرة أولوكانلار في 13 كانون الأول/ديسمبر 1980 بالقرار الذي وافق عليه مجلس الأمن القومي، وذلك بعد رفع سنه.

كلمات كنعان أفرين آنذاك عن أرن، “إذا كنا لن نعدمه فهل علينا أن نقوم بتعذيته؟” كانت تصريحًا بأن الانقلابيين لن يحدوا من انتهاكاتهم لحقوق الإنسان.

بالإضافة إلى الممارسات الدموية، تم اعتقال 650 ألف شخص خلال فترة توقف العملية الديمقراطية، وحوكم 230 ألف شخص في 210 آلاف قضية، وطُلب بإعدام أكثر من 7 آلاف شخص.

في تلك الأيام التي تم فيها تعليق القانون، حُكم على 517 شخصًا بالإعدام ونفذ الحكم على 50 شخصًا.

وطُلبت أحكام بالسجن تصل إلى آلاف السنين على عشرات الصحفيين، وجُرد 14 ألف شخص من جنسيتهم التركية، وفُصل 30 ألف شخص من وظائفهم بذريعة أنهم “غير مقبولين”.

في 12 أيلول/سبتمبر ، تم استهداف الحياة الثقافية والفنية أيضًا، وتم حظر ما يقرب من ألف فيلم لاعتبارها مرفوضة.

محاكمة مدبري الانقلاب

حصل الدستور، الذي أعده المجلس الاستشاري الذي حدده جنرالات الانقلابيين، على 92 % من الأصوات بنعم في استفتاء “موجه” عام 1982.

واتخذ أفرين وغيره من الانقلابيين احتياطات ضد محاكمة محتملة من خلال الحصول على حصانة مدى الحياة من خلال “المادة المؤقتة رقم 15” التي تضمنها دستور الانقلاب.

إلا أن “المادة المؤقتة 15” التي تنص على أنه “لا يمكن مقاضاة أعضاء مجلس الأمن القومي” حُذفت من الدستور في استفتاء 12 أيلول/سبتمبر 2010، ومهد هذا الطريق لمحاكمة الجناة.

وبعد يوم واحد من الاستفتاء، تم تقديم شكاوى جنائية من جميع أنحاء تركيا ضد الانقلابيين ومن اتبع تعليماتهم.

وبناءً على ذلك، بدأ مكتب المدعي العام في أنقرة تحقيقًا ضد كنعان أفرين وتحسين شاهين قايا، اللذين كانا على قيد الحياة من أعضاء مجلس الأمن القومي الانقلابي، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الدولة.

وقبلت المحكمة الجنائية العليا الثانية عشرة في أنقرة لائحة الاتهام في 10 كانون الثاني/يناير 2012، واتُهم الانقلابيان بـ”محاولة تغيير دستور جمهورية تركيا بشكل كلي أو جزئي، وإلغاء البرلمان المنصوص عليه بحكم الدستور، أو منعه من أداء وظيفته”

لم يقبل الجنرالات مدبري الانقلاب، الذين لم يحضروا الجلسات لأسباب صحية، الاتهامات الواردة في دفاعاتهم عبر الفيديو كونفرنس، وادعوا أنهم “القوة المؤسسة” وأن المحاكم القائمة لا يمكنها مقاضاتهم.

عندما أُغلقت محكمة أنقرة الجنائية الثانية عشرة بموجب القانون خلال فترة المحاكمة، تم تحويل القضية إلى المحكمة الجنائية العليا العاشرة في أنقرة.

وفي 18 حزيران/يونيو 2014، حكمت المحكمة على أفرين وشاهين قايا بـ”المؤبد المشدد” إثر إدانتهما بـ”السعي لإلغاء الدستور والبرلمان ومنعه من أداء وظيفته” بالمذكرة التي قدماها عام 1979، و “إلغاء أو تعديل أو تغيير الدستور ومنع البرلمان من أداء وظيفته جبرًا” بالانقلاب الذي شاركا في تنفيذه عام 1980.

وخففت المحكمة هذا الحكم إلى “السجن المؤبد” مع سلطة تقديرية مخففة، وتقرر تخفيض رتبتي الانقلابيين.

سقوط القضية لموتهما

وبعد النطق بالحكم استأنف محامو المدعى عليه ضد القرار، وأثناء نظر القضية في المحكمة العليا، توفي أفرين في 10 مايو 2015 عن عمر يناهز 98 عامًا، بينما توفي شاهين قايا في 9 يوليو 2015 عن عمر يناهز 90 عامًا.

قررت الغرفة الجنائية السادسة عشرة في محكمة الاستئناف العليا إسقاط القضية بسبب وفاة المتهمين.

واتبعت المحكمة الابتدائية، التي نظرت في الملف مرة أخرى، القرار وقررت إسقاط الملف وأحيل الملف إلى غرفة الجنايات مرة أخرى.

وجدير بالذكر أن الانقلابي، كنعان أفرين يرمز لحقبة هيمن فيها الجيش على السياسة التركية، وذلك لدوره في قيادة انقلاب عام 1980 الذي شكل ملامح البلاد لثلاثة عقود، إلى أن قلصت إصلاحات من سلطات قادة الجيش.

زر الذهاب إلى الأعلى