دعاة ومفكرون يحذرون من “الديانة الإبراهيمية”: أموال تضخ لمسخ هوية أبناء المنطقة
حذّر عدد من الدعاة والأكاديميين والمفكرين من مشروع أو مخطط ما تسمى بـ”الديانة الإبراهيمية”، لافتين إلى “الأموال الضخمة التي يتم ضخها بهدف محاولة تغيير الخطاب الديني ومسخ هوية ومعتقدات أبناء شعوب المنطقة”.
جاء ذلك في برنامج “موازين” الذي يعرض على قناة “الجزيرة” القطرية، ويقدمه الإعلامي الكويتي الدكتور علي السند.
وسلّطت الحلقة الأخيرة من البرنامج الضوء في إحدى حلقاته على “الديانة الإبراهيمية” والتوظيف السياسي لها والغرض من هذا التوظيف.
وشارك في الحلقة الأكاديمي والداعية الإسلامي، محمد يسري إبراهيم، والدكتور عصام عبد الشافي، أستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ومن فلسطين كمال الخطيب رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة في الداخل الفلسطيني.
وبرنامج حواري أسبوعي على قناة “الجزيرة” تقوم فلسفته على تناول قضايا الفكر الإسلامي المعاصر بالبحث والنقاش.
ووصف الداعية محمد يسري إبراهيم، مشروع أو مخطط “الديانة الإبراهيمية” بالكيد المنظم الموجه للأديان وخاصة الإسلام، حسب تعبيره.
وأضاف أن “أصحاب هذا المشروع بدأوا بالحديث عن التقارب بين الأديان ثم توحيدها وصولا إلى دمجها في دين عالمي واحد”، مشددا على “إجماع المسلمين على بطلانه والإصرار على التصدي له لتعارضه مع معتقدات وثوابت الأمة”.
وأكد أن مشروع “البيت الإبراهيمي” الذي أسسته الإمارات في أبو ظبي “هو مصطلح من مصطلحات (الديانة الإبراهيمية) التي لها أكثر من 20 مصطلحا يروج له اليوم من قبل قوى سياسية عالمية ومؤسسات وجامعات ومراكز عالمية.
ولفت أن “مشروع (الديانة الإبراهيمية) تعرض لهجوم واسع من قبل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي وصفه بالباطل والمرفوض شكلا وموضوعا”.
وذكّر بأن “شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، اعتبر أن (الديانة الإبراهيمية) تصادر حرية الاعتقاد وحرية الإيمان والاختيار”.
من جانبه، نوّه عصام عبد الشافي، إلى أن “الحديث عن (المسار الإبراهيمي) أو (الديانة الإبراهيمية) أو غيرها من المسميات ليست وليدة السنوات الـ 5 الأخيرة أو وليدة اتفاقيات التطبيع التي أطلق عليها اتفاقات أبراهام عام 2020، بل هناك مجموعة من الدراسات والأوراق والتقارير الرسمية سبقت هذه الخطوة بـ 10 سنوات”.
وأشار في هذا السياق إلى وثيقة صدرت في جامعة هارفارد عام 2013 سميت “مسار إبراهيم”، ووثيقة رسمية صدرت عن جامعة فلوريدا الأميركية عام 2015 تتحدث عن “الاتحاد الفدرالي الإبراهيمي”. وفي عام 2013 تم تشكيل إدارة خاصة سميت “إدارة الحوار الاستراتيجي مع المجتمع المدني” داخل وزارة الخارجية الأميركية عندما كانت تتزعمها هيلاري كلينتون، حسب تعبيره.
وضمت “إدارة الحوار الاستراتيجي مع المجتمع المدني” 50 شخصا دبلوماسيا و50 ممن أطلق عليهم القادة الروحانيين في المنطقة العربية أو الشرق الأوسط، ويقصد بهم رجال دين من الديانات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية)، وكان الهدف هو الاستفادة من التأثير الكبير للشخصيات الدينية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية للدفع باتجاه المسار الإبراهيمي. ومنذ ذلك الحين ظهرت الدبلوماسية الروحانية التي تهدف إلى توظيف الدين في خدمة الأجندات السياسية أو ما يعرف بالإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، وفق قوله.
وللترويج لتلك المعتقدات، حسب عبد الشافي، استخدمت المراكز البحثية والمؤسسات المدنية وعشرات الكيانات التي تم تأسيسها قبل وبعد التطبيع الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين وغيرهما، وتم ضخ مليارات الدولارات على وسائل الإعلام إضافة إلى تنظيم عشرات الفعاليات سنويا، في محاولة لتغيير الخطاب الديني ومسخ هوية ومعتقدات أبناء شعوب المنطقة.
وأكد أن “الإدارات الأميركية ترتبط بمصالح إستراتيجية ولا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين في مسألة “المسار الإبراهيمي)”.
بدوره، ربط كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، بين “الديانة الإبراهيمية” و”صفقة القرن” قائلاً، إن “الترابط واضح جدا، فقد نص أحد بنود (صفقة القرن) على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وأعلن في (اتفاق أبراهام) بين الإمارات وإسرائيل أن على كل أبناء الديانات ممن هم من سلالة إبراهيم الصلاة في جبل الهيكل الذي هو الاسم العبري للمسجد الأقصى المبارك، ما يعني أخذ الشرعية من العرب بأن المسجد الأقصى ليس خالصا للمسلمين، وهو بند خطير لأنه يعطي حقا مزعوما لليهود للصلاة في المسجد”.
وقلل الخطيب من احتمال نجاح مخطط “الديانة الإبراهيمية”، وذلك “بسبب اصطدامه بمعتقدات وثوابت وتاريخ الأمة الإسلامية”.
ومطلع العام 2021، أكد رئيس رابطة علماء المغرب العربي وعضو رابطة علماء المسلمين وعضو لجنة الدعوة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ الحسن بن علي الكتاني، أن “(الديانة الإبراهيمية) مجرد بدعة مصدرها مراكز بحثية ضخمة وغامضة”، لافتا النظر إلى أن “الإمارات تتولى بقوة الدعوة لهذه البدعة الكفرية الجديدة”.
وعن آلية مواجهة هذه الديانة، قال الشيخ الكتاني إن “مواجهة هذه البدعة ستكون كما كانت مواجهة سابقاتها من قبل، وذلك بصدع العلماء بالحق وتبيان أن هذه الدعوة تناقض الإسلام تمام المناقضة، فهي كفر صريح وخروج من الملة والدين، وكذلك بعقد المؤتمرات التي ترد على شبهات القوم وتفضح مخططاتهم، وعلى العلماء أن ينشروا العقيدة الإسلامية الصافية ويحذروا من مثل هذه الضلالات.