أكد محللون سياسيون ومهتمون بالملف التركي والعربي، أن “كارثة الزلزال المدمر ورغم بشاعتها إلا أنها أظهرت مدى اللحمة الحقيقية الموجودة بين الشعوب العربية الإسلامية، وأظهرت المعدن الأصيل للشعبين العربي والتركي المسلميَن”.
ورصدت “وكالة أنباء تركيا”، آراء عدد من المحللين والباحثين حول كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وامتدت آثاره إلى الشمال السوري، الأسبوع الماضي، وخلّف خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وقال الصحفي اليمني صدام الحريبي “لقد أوقعت حادثة الزلزال في سوريا وتركيا فاجعة كبيرة بين البشرية، حيث تسابقت كل الشعوب في العالم خصوصا العربية والإسلامية لإغاثة المنكوبين، وقد جسّد ذلك التسابق اللحمة الحقيقية الموجودة في الشعوب العربية والإسلامية، والتي يعمل أعداء هاتين الأمتين على محاولة تمزيقها”.
وأضاف “لذلك لقد أوصلت هذه الشعوب رسالة لأعدائها ولحكامها، أن الانتماء العربي والإسلامي جدار مصنوع من أقوى وأصلب المبادئ والشعور المفعمة بالحب والتآخي والانتماء، ولا يمكن لأي قوة أن تسقط هذا الجدار، فقط تعرض (الجدار) لبعض الأوساخ والغبار وسيتم نفض ذلك الغبار والتخلص من الأوساخ على يد جيل لن يرحم من يتلاعب بدماء البشر ومصائرهم”.
من جانبه، قال الكاتب والباحث السياسي المصري، ياسر عبد العزيز، إن “الأزمة كبيرة جدا وغير متوقعة ولا يمكن في أي حال من الأحوال ومهما كانت الدولة أن تواجه أزمة كهذه، وهذا الزلزال الأقوى من 100 وهو ربما مصنف الأقوى في العالم خلال الفترة الأخيرة، ومهما كانت إمكانيات الدولة كبيرة لا يمكن مجابهة أزمة كبيرة طالت 10 ولايات وأحياء بأكملها سويت على الأرض”.
وتابع قائلاً “ومع ذلك شاهدنا ومنذ اللحظة الأولى الدولة كلها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والجميع يقوم بدوره تجاه المناطق المنكوبة وكأن إدارة الدولة كلها خلية نحل تعمل على الأزمة”، مضيفا أنه “كان من الواضح أن الإدارة التركية عازمة على الخروج من هذ الأزمة بشكل علمي مخطط له”.
وزاد بالقول، إنه “على المستوى الشعبي، ومنذ أول لحظة وجدنا المعدن الأصيل للشعب التركي المسلم والذي تحرك لإغاثة إخوانه المنكوبين في الولايات العشر من خلال الدعم بالمال أو الأشياء العينية، أو عن طريق المساعدة في إجلاء المنكوبين بتنسيق ودعم واضح من الحكومة التركية”.
وعلى مستوى الجاليات العربية، حسب عبد العزيز، “فكان الوضع قمة في الروعة والمسؤولية، وكان الدافع الإنساني والديني واضحا جدا، حيث تحرك الناس وكل الجاليات العربية من أول لحظة، حتى أن الجالية المصرية كانت أول من تحرك بشكل قوي جدا وعلى وجه السرعة بشكل ملحوظ من مجموعات شبابية مصرية وأطباء ومهندسين لمساعدة المنكوبين والشعب التركي، إلى جانب باقي الجاليات العربية من سوريين ويمنيين وعراقيين، والتي تحركت بدورها صوب المناطق المنكوبة كنوع من رد الجميل لتركيا التي أصبحت مأوى ووطن للجميع”.
ولفت إلى أنه “كان للسوريين دور كبير جدا في هذه الأزمة، فقال السوريون كلمتهم أنهم أبناء هذا الدين وأبناء هذه المنطقة ويحملون الجميل في قلوبهم للإدارة التركية العظيمة التي حملتهم خلال الـ 12 سنة الفائتة، لذا أنا أرى أن هذه الكارثة ورغم صعوبتها وظروفها إلا أنها في النهاية أرسلت رسائل إيجابية جدا وسيظهر الفرق في الأيام القادمة وستغير المشهد بأكمله”.
من جانبه، قال الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، “لا أعتقد أن هناك كارثة أكبر منها في العقد الماضي على مستوى العالم، فعلى مستوى المنطقة هي أكبر كارثة منذ 100 عام، وعلى مستوى العالم هي أكبر كارثة منذ 10 سنوات خلال العقد الأخير بحجم الضحايا وبحجم الضرر”.
ومضى بالقول “هذه الكارثة الإنسانية التي كان من المفترض أن تتداعى لها جميع الدول وجميع المنظمات بشكل عاجل للتقليل من عدد الضحايا، لكن للأسف تُركت تركيا في اليومين الأول والثاني لتتحمل هذه الكارثة لوحدها، وتُرك الشمال السوري في أول 5 أيام والكثير من الأرواح فُقدت بسبب التأخر والتباطؤ وما سماه السوريون التخاذل من المجتمع الدولي”.
وأشار إلى أن “تركيا قامت بكل ما تستطيع وهي دولة لديها بنية قوية جدا في مكافحة الكوارث وهي كانت تقدم المساعدة لغيرها من الدول عندما تتعرض للكوارث، ومع ذلك عجزت تركيا ومنذ الساعات الأولى عن أن تتدارك الأمر وطلبت المساعدة الأممية والدولية، فكيف بشمالي سوريا الذي لا يملك أي مقومات يستطيع بها مواجهة هذه الكارثة الكبيرة وإنقاذ آلاف المدنيين في المناطق المنكوبة؟”.
من جانبه، وصف رئيس “مؤسسة المغرب” الخاصة بالجالية المغربية في تركيا أيوب سالم، الوضع بعد الزلزال بـ”الكارثي” و”غير المسبوق”، مؤكدا وجود حالات إصابات ووفيات بين الجالية المغربية المقيمة في تركيا.
وقال سالم إن “مكتب الجالية بتركيا “شكّل خلية أزمة للتواصل مع المغاربة المقيمين في مناطق الزلزال تتكون من طلبة متطوعين و نساء في المجتمع المدني التركي ويوفرون خدمات الترجمة لفرق الإنقاذ” الأجنبية، كما تم تشكيل فرق متطوعين لجمع اللوازم الضرورية من بطانيات ومواد غذائية لمساعدة المتضررين في مناطق مختلفة من تركيا”.
وأضاف أن “الأرقام الأولية ما زالت تصل بشكل تقديري”، لافتاً إلى أن “الأمل في الله كبير أن تمر هذه المحنة بسلام على جميع أفراد الجالية التي تتكون في غالبيتها من الطلاب وعائلات خصوصا في ولاية غازي عنتاب وهاتاي”.
وحول أعداد مواطني المملكة المغربية المقيمين في تركيا، قال سالم إنه “لا توجد إحصائية رسمية، إلا أن الملاحظ خلال الأعوام الأخيرة زيادة في حجم الجالية المغربية المقيمة في عموم تركيا، حيث يزيد عددهم على 22 ألف نسمة”.
واستطرد سالم شارحا “تنقسم فئات الجالية المغربية المقيمة في تركيا إلى أنواع عدة، والغالبية من فئة الشباب خاصة فئة الطلاب”، إضافة إلى أن “هناك بعض رجال الأعمال والمستثمرين والموظفين في المؤسسات التركية”، مبيناً أنهم على تنسيق مع إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، والهلال الأحمر التركي وبعض جمعيات المجتمع المدني التركي.
يشار إلى أن الكثير من الدول العربية والإسلامية أرسلت ومازالت ترسل المساعدات العينية والمادية لمنكوبي الزلزال، فضلا عن تنظيم الكثير من الحملات الشعبية الداخلية في تلك الدول لإغاثة المتضررين، إلى جانب تسجيل مواقع التواصل الاجتماعي في العالمين العربي والإسلامي حملات تضامن واسعة جدا مع ضحايا الكارثة.
وفجر الإثنين 6 شباط/فبراير 2023 ، ضرب زلزال بقوة 7.7 درجات جنوبي تركيا وامتدت آثاره المدمرة إلى سوريا ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة في مختلف الولايات التركية العشر وفي الشمال السوري.