
تتعالى الأصوات مطالبة بعدم تحريف الحقيقة خاصة فيما يتعلق بمسألة ما يسمى “الديانة الإبراهيمية”، منبهة إلى أن هذه “الديانة” أحد مشاريع دولة الاحتلال الإسرائيلي للـ”الاندماج مع شعوب المنطقه، وإيجاد قواسم مشتركة”.
وأجمع البعض على أن هذه الديانة “كفر” ومن يدعو إليها “كافر”، مضيفين أنها “ديانة باطلة ما أنزل الله بها من سلطان”.
وقبل أيام، حذّر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من فكرة ما يسمى “الدين الإبراهيمي الذي يقوم على المشترك بين عقيدة الإسلام وغيره من العقائد”، قائلًا إن “ما سبق فكرة باطلة في ظل أن الإسلام يقوم على التوحيد والوحدانية وإفراد الله تعالى بالعبادة، بينما الشرائع المحرفة قد دخلها الشرك وخالطتها الوثنية وأن التوحيد والشرك ضدان لا يجتمعان”.
وأكد البيان أن “الزعم بأن إبراهيم عليه السلام على دين جامع للإسلام واليهودية والنصرانية زعم باطل ومعتقد فاسد”.
من جهته، قال عضو مجلس أمناء وقف أم القرى الإسلامي في بلدة عاصون اللبنانية الشيخ الدكتور خالد عبد القادر لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الديانة المسماة بالابراهيمية هي ديانة جديدة محدثة من مزيج من الشرائع ذات الأصل السماوي (اليهودية والنصرانية والإسلام)”.
وأضاف أنه “من المجمع عليه إسلاميا أن شريعة اليهود والنصارى قد طالها التحريف والتبديل والتغيير حتى وصل هذا إلى الذات الإلهية، وصارت هذه الشرائع لا يجمعها رابط واحد صحيح إلا النسبة إلا السماء، وقد حكم الله عليهم بالكفر بعد أن ذكر ظلمهم وكذبهم وتحريفهم وتلاعبهم”.
وتابع عبد القاد “ومن هنا لا يمكن شرعا أن تُنسب إلى إبراهيم، بل إبراهيم نفسه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا بل كان حنيفا مسلما، فالجمع بين التوحيد والشرك وبين الإيمان والكفر مرفوض شرعا وبالإجماع”.
وختم عبد القاد قائلاً “هي تسمية انطلقت من أهداف سياسية ولا علاقة لإبراهيم بها”.
وفي هذا الجانب، أوضح بيان الاتحاد العالمي للمسلمن أن:
- القرآن الكريم هو أعظم كتاب احتفى بإبراهيم عليه السلام وفي القرآن سورة باسمه وسور بأسماء آله وبعض بَنيه، والمسلمون مأمورون باتباع هديه وهدي سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قال تعالى (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ)، ولذلك فإن أَولى الناس بإبراهيم عليه السلام هم أهل الإسلام والإيمان قال سبحانه (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).
- علماء المسلمين مع التعاون الإنسانـي والتعايش القائم على الحرية والعدل وعدم ازدراء الأديان أو الأنبياء، ومع الحوار الإنساني لبناء المجتمعات ولكنهم يقفون متحدين ضد تحريف الإسلام وتشويه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا هو دين المسلمين، قال سبحانه (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين).
- إن أساس فكرة الدين الإبراهيمي يقوم على المشترك بين عقيدة الإسلام وغيره من العقائد وهي فكرة باطلة إذ الإسلام، إنما يقوم على التوحيد والوحدانية وإفراد الله تعالى بالعبادة، بينما الشرائع المحرفة قد دخلها الشرك وخالطتها الوثنية، والتوحيد والشرك ضدان لا يجتمعان، والزعم بأن إبراهيم عليه السلام على دين جامع للإسلام واليهودية والنصرانية زعم باطل ومعتقد فاسد، قال سبحانه (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
ويؤكد مراقبون أنه “لا يوجد في ميزان الله ولا في الإسلام ديانة جديدة”، لافتين إلى أن “التسمية ابتداء غير صحيحة ومقياسنا كلام الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم.. ورضيت لكم الإسلام دينا)، وقوله تعالى (ومن يبتغ غير الإسلام ديننا فلن يقبل منه ..)”.
وتابعوا موضحين أن “التوحيد هو أساس عقيدتنا.. إنما المعاملة الطيبة مطلوبة مع الجميع”.
من جانبه، الكاتب معاذ عبد الرحمن الدرويش قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، “بسم الله الرحمن الرحيم الدين عند الله دين واحد ألا و هو الإسلام: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) سورة آل عمران”.
وأضاف الدرويش أن “النبي إبراهيم يعتبر أبو الأنبياء (عليهم السلام جميعاً) نسباً، وتلتقي عنده جميع الشرائع السماوية والمتمثلة بالإسلام واليهودية والنصرانية، والتي هي بالأساس ديناً واحداً، كما قال الله تعالى( أمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)سورة البقرة”.
وذكر أن “دين الله على اختلافات الشرائع التي جاءت عبر الأمم، جاءت من أجل توحيد الله عز وجل، والإسلام يعني التسليم بوحدانية الله عز وجل، لكن أتباع الديانة اليهودية والمسيحية هدموا العمود الفقري للدين عندما أشركوا بالله الخالق عز و جل ،(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (30) سورة التوبة، ومن أجل ذلك جاءت الآية الكريمة (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) سورة آل عمران، ففي هذه الآية لا يتم تجريد الديانتين اليهودية والنصرانية عن الإسلام، أو اعتبارهما دينين منفصلين أساساً، وإنما يدل على الخلل والانحراف الذي مارسه معتنقو تلك الديانات، والابتعاد عن الغاية التي جاءت من أجلها الرسائل السماوية والمتمثلة بوحدانية الله عز وجل.“.
وزاد الدرويش موضحا “ولعل أكبر دليل على أن دين الله واحد، دين متصل متواصل، و أن الاختلاف كان عبارة عن اختلاف شرائع بما يتناسب مع العصر الذي أرسلت فيه، والدليل أن النبي عيسى ابن مريم (عليهما السلام) أُرسل لليهود، وبنفس الوقت بشر بالنبي محمد عليه الصلاة و السلام من بعده : (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ)(6) سورة الصف، ثم تأتي الآية الكريمة لتؤكد مدى سماحة هذا الدين وفتح باب الحوار والالتقاء مع الشرائع التي انحرفت عن الرسالة الإلهية، بالعودة للدين الواحد و بدون أية شروط و بعيداً عن أية تفاصيل لكن دون الإخلال بتوحيد الله خالق الأنبياء و منزل الكتب ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) سورة آل عمران”.
وقال أيضاً إنه “من أجل ذلك ترى أعداء الإسلام ينشؤون الجماعات التكفرية و الإرهابية في سبيل النيل من دين الله، دين التسامح والرحمة والتعايش مع الأمم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (107) الأنبياء، فالدين الإبراهيمي هو دين الله، و هو الإسلام، والإسلام بدأ مع نبينا آدم ونوح ومن ثم إبراهيم وموسى وعيسى وجميع الأنبياء من قبلهم، وصولاً إلى خاتم الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وغير ذلك فما هو إلا محاولة خلط الحق بالباطل، ومساواة الخالق بالمخلوق، وهذا يتنافى مع الفطرة الإنسانية السليمة”.
رافضون آخرون لهذه الديانة، أكدوا أن “الديانة الإبراهيمية ليست حديثة العهد فقد تبنتها عائلة روكفلر (هي أسرة أمريكية صناعية عملت وبرزت في مجال الصناعة والسياسة والصيرفة) دعما و تمويلا و اعتمدتها وزارة الخارجية الأمريكية سياسيا”، منوهين إلى أن “دين الإسلام لا يدعو إلى التعايش مع الآخر فحسب بل يدعو إلى حماية أتباع الديانات الأخرى وحفظ حقوقهم في الحياة و ممارسة شرائعهم و حماية أملاكهم و أعراضهم على نحو لم تأت به شريعة أخرى، حيث كان القتل و السحل و الاستعباد و التهجير نصيب الآخر و الأدلة على ذلك تكاد لا تحصى والتاريخ يشهد، ومن هنا فإن الديانة الإبراهيمية قامت على أساس التطبيع و هدفها أن تجعل التطبيع بين الشعوب والدول أيضاً”.
وشددوا أيضاً أنه “لا وجود لمصطلح إخاء الأديان، الدين عند الله واحد ولكن لكل له شرعة ومنهاجا حسب أزمنة النزول وتكليف الرسل، وجاء الإسلام ناسخا لكل ما سبقه من شرائع وجاء القران ناسخا لكل الكتب التي قبله، وجعله الله خاتم الأديان وحفظ الله القرآن وجعله حجته على الناس كافه إلى يوم القيامة، وهذا هو مفهوم الإسلام وعلاقته مع باقي الملل والنحل، كما جاء بالقرآن والسنة، وهذا ما يجب أن تكون عليه ثقافة المسلم، لا نزدري أديانهم ولا نعتدي عليهم ولا نجبرهم على اعتناق الإسلام، بل ندعوهم بالحكمة والموعظة الحسنه ونجادلهم بالتي هي أحسن، ونتعايش معهم إنسانيا واقتصاديا ونترك لهم خياراتهم فهم أحرار كما خلقهم الله في اختيار شريعتهم، وهم من سيساءل عنها يوم القيامة”.