
أكد محللون سياسيون مهتمون بالشأن التركي، أن منظمة الدول التركية على درجة عالية من الأهمية أمنياً وسياسياً واقتصادياً، لافتين إلى أنها أصبحت لاعباً إقليمياً هاماً في سياسات آسيا الوسطى.
كلام المحللين يأتي بالتزامن مع قمة تحتضنها العاصمة التركية أنقرة، الخميس، للدول الأعضاء في هذه المنظمة، لبث ملفات إقليمية ودولية متعددة.
ووُضعت أسس منظمة الدول التركية بمبادرة من تركيا مع قمة الدول الناطقة باللغة التركية في عام 1992، حيث برز المجلس التركي من خلال عملية “رؤساء الدول الناطقة بالتركية” منتدى وفرته الظروف التي أوجدها تفكك الاتحاد السوفييتي السابق في عام 1991.
وقبل تغيير اسمه إلى منظمة الدول التركية في 2021، تأسس “المجلس التركي” في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2009، بعضوية تركيا، وأذربيجان، وكازاخستان، وقرغيزيا، وأوزبكستان، والمجر وتركمانستان التي تحمل صفة “مراقب”.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2022، انضمت تركمانستان إلى منظمة الدول التركية بعد أن كانت بصفة مراقب، ومع انضمام تركمانستان يرتفع عدد دول المنظمة إلى 6 دول.
وتهدف منظمة الدول التركية التي تتخذ من ولاية إسطنبول مقرا لها، إلى تطوير التعاون بين الدول الناطقة بالتركية في العديد من المجالات بينها التعليم والتجارة.
وحول ذلك قال المحلل السياسي التركي طه عودة أوغلو لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “المنظمة كانت في السابق تسمى المجلس التركي، وتم تحويلها بعد حربتحرير قره باغ الأذري من الاحتلال الأرمني إلى منظمة الدول التركية“.
وأضاف “هي منظمة اقتصادية مهمة تجتمع تحت مظلة واحدة، فحجم التجارة وصل خلال الفترة الأخيرة إلى 7 مليار دولار، وعلى المستوى العسكري لاحظنا خلال الفترة الماضية بأن المنظمة لعبت دورا كبيرا بالتعاون مع تركيا، وخاصة بين عامي 2021 و2022 بعد النجاح الذي حققته المسيرات التركية في تحرير قره باغ الأذري”.
وأشار إلى أن “الهدف الأساسي في هذه المنظمة هو التعاون في مجال الاقتصاد والسياسة والمجال العسكري، وكانت لها فوائد صبت في تلك البلدان، والجميع من تلك الدول يحاول التقرب من تركيا بعد النجاحات التي حققتها على الصعيد الخارجي حيث باتت رقما صعبا في المعادلة الدولية“.
وتابع “لقد لاحظنا الاجتماعات المتتالية والمستمرة لهذه المنظمة التي تتخذ من إسطنبول مقراً لها، وبالتالي تقوم بترجمة القرارات التي تخرج من هذه الاجتماعات على أرض الواقع“.
وتتكون منظمة الدول التركية من مجالس زعماء الدول الأعضاء، ووزراء الخارجية، وأصحاب اللحى البيضاء (في إشارة إلى قادة الرأي القادمين من البلدان الأعضاء)، ولجنة كبار الموظفين والأمانة العامة التي مقرها حالياً إسطنبول، كما تضم بنيتها آليات تعاون، أبرزها: جمعية برلمانات البلدان الناطقة باللغة التركية، ومجلس العمل التركي، ومنظمة الأكاديمية والثقافة التركية الدولية، واتحاد الغرف والبورصات المشتركة في العالم التركي.
وبعد أن اتخذ المجلس اسم منظمة الدول التركية في إسطنبول، في العام2021، أُجري عديد من التحليلات والتقييمات في وسائل الإعلام الغربية والشرقية، والتي جرى خلالها التأكيد على أن المنظمة التركية التي تمثل العالم التركي هي قوة صاعدة في قلب الجغرافيا السياسية العالمية.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي محمود علوش لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “المنظمة أضحت منظمة إقليمية مهمة ولاعباً إقليمياً هاماً في سياسيات آسيا الوسطى، كما أنها ساعدت تركيا على لعب دور أكبر في الجغرافيا السياسية لآسيا الوسطى“.
وتابع قائلاً “لذلك تفعيل هذه الاتفاقية ورفع مستوى التواصل بين أعضائها وإنشاء مشاريع استراتيجية في التعاون بين دول المنظمة، سينعكس بشكل إيجابي على مصالح تلك الدول وعلى دور تركيا في منطقة آسيا الوسطى عموماً”.
وزاد قائلاً “أعتقد أن التحولات العالمية التي رفعت من الأهمية الجيوسياسية لمنطقة آسيا الوسطى لا سيما على صعيد مجال الطاقة، إضافة إلى تراجع الدور الروسي والتأثير الروسي على الفضاء السوفياتي السابق، أتاح لدول لآسيا الوسطى هامشاً أكبر لبناء شراكات استراتيجية خارجية أخرى بمعزل عن الاعتماد المطلق على روسيا“.
ولفت إلى أن “تركيا إحدى الدول التي تقدم نفسها الآن كشريك موثوق لهذه الدول، ليس فقط على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني، بل هناك روابط دينية وتاريخية وعرقية وثقافية بين تركيا ودول آسيا الوسطى“.
وختم أن “كل تلك الأمور لعبت دورا مهماً في تطوير العلاقات بين تركيا ودول آسيا الوسطى إلى هذا المستوى، وسنشهد في الفترة المقبلة دوراً أكبر لهذه المنظمة الإقليمية في السياسات العالمية وفي سياسات آسيا الوسطى على وجه التحديد، وسنشهد أيضا انخراطاً تركياً أكبر في آسيا الوسطى من بوابة هذه المنظمة الإقليمية“.
ما هي "منظمة الدول التركية" التي اجتمع قادتها، اليوم الخميس، في العاصمة التركية أنقرة برئاسة أردوغان. pic.twitter.com/sWzJ37vTE9
— وكالة أنباء تركيا (@tragency1) March 16, 2023
وتسعى المنظمة إلى إنشاء مناطق اقتصادية مشتركة وإنشاء بنك للتنمية لتسريع العمل المشترك في مشروعات البنية التحتية، كما تتعاون دول المنظمة حالياً في أكثر من 20 مجالاً مختلفاً.
الجدير ذكره، أنه مطلع عام 2022، استضافت إسطنبول الاجتماع الـ 12 لحكماء منظمة الدول التركية، حيث ترأس الاجتماع حينها رئيس هيئة الحكماء في منظمة الدول التركية بن علي يلدريم، بمشاركة ممثلين عن كل من أذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان.
وقال يلدريم خلال الكلمة الافتتاحية، إن “المنظمة تنمو وتزداد قوة وتتزايد مسؤوليتها يوما بعد يوم، وتتحول إلى منظمة أكثر أهمية في كل من المنطقة والعالم“.