ركّزت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، على واحدة من الخصال التي يتمتع بها المؤمن وهي الإحسان، مؤكدة أن المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس المحتلة هو للمسلمين جميعا.
واستهلت خطبة الجمعة بقوله تعالى “بلٰى من أسلم وجهه للٰه وهو محسن فلهٓ أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون”، وبقوله صلى الله عليه وسلم “إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء”.
وأضافت أن “واحدة من الخصال التي تجعل المؤمن مؤمنا هي وعي الإحسان، فجوهر الإحسان هو أن يكون لديك إيمان كامل، والإيمان أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون وحكمه من لا شيء هو الإيمان الصادق أنه كريم مع عباده، وهو أن نحب ربنا أكثر من أي شخص وأي شيء، وهو قبول القرآن كمرشد، ونبينا الحبيب محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم كقدوة، ومبادئ الإسلام الواهبة للحياة كمقياس، وبناء قلوبنا بالتوحيد وهو السعي وراء الطمأنينة لأرواحنا في ذكر الله“.
وتابعت أن “أساس الإحسان هو الإخلاص في العبادة، هو عبادة الله وحده والاستعانة به وحده، فالإحسان هو أن نكون ذوو أخلاق حميدة أيضا، وعدم الخروج عن الأمانة والصدق وهو فعل الخير لكل كائن خلقه ربنا تعالى، وفي النهاية الإحسان هو قيام المؤمن بعمله بأكمل وجه، وأداء وظيفته بشكل صحيح، ويلتزم بواجبه بأمانة“.
واستشهدت بقوله صلى الله عليه وسلم “الإحسان أن تعبد اللٰه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”، مضيفة أنه “كما ورد في الحديث، فإن الإحسان هو أن تكون عبدا لله وحده وأن تعيش كما لو كنت ترى الله في كل لحظة“.
وأشارت إلى أن “المؤمن الذي يعيش بوعي إحسان يرث صلاته لنفسه، وبزكاته يطهر أرباحه من الشوائب الروحية، ويبارك ممتلكاته ويقوي أخوته، وبصيامه يحمي نفسه من الشر ويشفي جسده وروحه“.
ولفتت إلى أن “المؤمن الذي يحرص على الإحسان صاحب خلق نبيل، لا يؤذي أحدا، ويمكن الاعتماد عليه، ولا يخون الثقة ولا يلجأ لحق العباد والعامة، وصاحب تقوى، لا يوجد في حياته أكاذيب وافتراءات وغيبة وقيل وقال وكراهية وحسد أبدا“.
كما استشهدت بقوله تعالى “وهو معكم اين ما كنتمۜ”، مضيفة “الإحسان أن تكون مع الحق بين الناس، وأن تكون والدا مسؤولا، زوجا مخلصا، ابنا صالحا، جار جيدا، واصلا للأرحام، وتمد يد العون للمظلومين، وراعيا لليتيم“.
وزادت موضحة أن “الإحسان هو ضمان السلام والأخوة، وإن معرفة حرمة حياة كل شخص وممتلكاته وشرفه هو عدم الميل أبدا إلى العنف، والإحسان يعني عدم خداع أي إنسان في التجارة، وعدم احتكار السلع والسوق السوداء، وعدم إيذاء الناس من خلال بيع أو تأجير عقار بلا رحمة وبلا ضمير بأكثر من قيمته، ويعني أنه لا ينبغي أن نكون انتهازين، ويعني كسب من الحلال وإنفاقه على ما هو حلال“.
ونبّهت إلى قوله تعالى “وسارعوا إلىٰ مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين“، مضيفة “دعونا نستفيد من مناخ الرحمة والبركة في رمضان من خلال اتباع الأوامر الإلهية، ودعونا نستمر في مشاركة النعم التي منحها لنا ربنا عز وجل مع إخوتنا وأخواتنا المحتاجين، ودعونا نسلك طريق المغفرة لكي ننعم بمغفرة ربنا تعالى، ودعونا نجمل دنيانا ونعمر آخرتنا بوعي الإحسان، الذي هو ذروة العبودية“.
وتطرقت خطبة الجمعة في ختامها إلى الأحداث التي تشهدها مدينة القدس المحتلة، وإلى الأحداث في المسجد الأقصى، معتبرة أنه “لأمر مؤسف أنه في شهر رمضان، يراد في القدس، أرض التحية والسلام، أن تتحول إلى مكان للصراع، وأن يتم تجاهل قدسية وحرمة المسجد الأقصى، القبلة الأولى للمعراج، ويمنع المسلمون من الصلاة في مساجدهم في وطنهم، ومع ذلك، ينبغي أن نعلم أن القدس ليست قطعة أرض وحسب، فالقدس هي أرض الإسلام، ودار السلام، وهي التراث المشترك للبشرية حيث تواجدت جميع الأديان بحرية عبر التاريخ، والمسجد الأقصى مكان مقدس لجميع المسلمين وليس للفلسطينيين فقط، وإن أمتنا الحبيبة التي وقفت إلى جانب المظلوم وضد الظالم على مر التاريخ ستظل تقف إلى جانب المسجد الأقصى اليوم وغدا كما كانت بالأمس“.