إسطنبول / أحمد يلدز / وكالة أنباء تركيا
يوصف أنه “أيقونة من أيقونات العهد العثماني” تلفت أنظار كل من يتواجد في مدينة كيب تاون جنوب إفريقيا، إنه مسجد “نور الحميدية” الذي بني قبل 139 عاماً بدعم من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
سبب التسمية:
سمّي المسجد بـ“نور الحميدية” كتعبير عن الحب للخلافة العثمانية والسلطان عبد الحميد الثاني في جنوب إفريقيا، وذلك حسب الوثائق الموجودة في الأرشيف العثماني، والتي تفيد أن الجالية المسلمة جنوب إفريقيا كانت تلجأ دائما إلى الدولة العثمانية ضد القوى الاستعمارية.
ووفقاً للوثائق ذاتها، فقد زارت المسجد العديد من الشخصيات في العهد العثماني، إضافة إلى أنه كان أحد المراكز التي تم فيها جمع التبرعات لمشروع سكة حديد الحجاز.
ويؤكد وجود مسجد نور الحميدية حتى اليوم في إحدى كبرى مدن جنوب إفريقيا، على مدى اهتمام إفريقيا بالحفاظ على الميراث العثماني، ومدى الحرص على إبقاء ذكرى العثمانيين حية.
عدد كبير من المصلين:
يقع المسجد الذي تم افتتاحه عام 1884 في شارع لونج ستريت، أحد أكثر شوارع مدينة كيب تاون، حيث يعتبر المسجد الوحيد في المنطقة، وهو يتسع لـ 400 مصل وغالبا ما يتجاوز هذه السعة وخاصة أثناء صلاة الجمعة، إذ يضطر القائمون على المسجد إلى إغلاق الشارع المقابل له.
من صاحب الفكرة؟
يروي مؤرخون أن القاضي والفقيه التركي أبو بكر أفندي (مبعوث السلطان العثماني لجنوب إفريقيا عام 1863) هو صاحب فكرة بناء مسجد نور الحميدية، وأن السلطان عبدالحميد الثاني شارك بالتبرع للإسراع ببنا المسجد.
وأبو بكر أفندي، هو فقيه ابتعثه السلطان الثاني والثلاثين للدولة العثمانية السلطان عبد العزيز خان، إلى رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، من أجل حلّ القضايا الفقهية للمسلمين، وتعليمهم شعائر دينهم، حسب المؤرخين.
وبقي أبو بكر أفندي في مهمته 17 عاما حتى وافته المنية في 29 آب/أغسطس 1880 في مدينة كيب تاون، ليترك وراءه إرثا كبيرا من المساجد والمدارس التي بناها، إضافة لموروثاته التعليمية التي حفظها عنه طلابه.
ومن أبرز ما يميز هذا المسجد العثماني إضافة إلى تاريخه ورمزيته، هو العلم التركي عند باب المسجد، إضافة إلى أن الأتراك الذين يأتون إلى المنطقة أول ما يتوجهون إليه هو مسجد نور الحميدية “لأنهم يعلمون أنه يمكنهم دائما رؤية شخص يعرفونه هنا“، حسب القائمين على المسجد.
السلطان عبد الحميد أمل المسلمين:
وحسب المؤرخين، فإن مسجد “نور الحميدية” تم بناؤه في نفس الفترة التي أمر فيها السلطان عبد الحميد الثاني بناء مسجد “يلدز الحميدية” في إسطنبول عام 1885.
ومن المعروف أيضا أن مسجد نور الحميدية شهد أداء الصلاة ورفع الدعاء للجيش التركي خلال الكفاح الوطني من أجل الاستقلال عام 1921.
ويروي المؤرخون أن السلطان عبد الحميد الثاني كان أملا لمسلمي جنوب إفريقيا ولهذا السبب تم تسمية الكثير من أطفال المسلمين في رأس الرجاء الصالح (منطقة قريبة من كيب تاون) في ذلك الوقت باسم عبد الحميد.
ويعود سبب تبرع السلطان عبد الحميد الثاني لبناء مسجد على طرف إفريقيا، هو إظهار أنه يمكنه الوصول حتى إلى المسلمين في أقصى زاوية من العالم، والحصول على موافقة الناس تحت حمايته.
ترميم المسجد وإعادة افتتاحه:
أوائل العام 2019، تم افتتاح مسجد نور الحميدية بعد الانتهاء من أعمال ترميمه على يد وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا”.
ويحافظ القائمون على المسجد على تقليد عثماني قديم وهو توزيع التبرعات على الفقراء في شهر محرم، وفقاً للمؤرخين.