تقاريرحدث في مثل هذا اليومهام

“أكذوبة الإبادة الأرمنية”.. استغلال لادعاءات تاريخية بهدف الضغط على تركيا فقط لا غير (تقرير)

“إن كنتم واثقين من تعرض الأرمن للإبادة فتفضلوا لنفتح الأرشيف”.. بهذه الكلمات ترد تركيا وعلى لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على كل من يحاول استغلال ما تسمى “الإبادة الأرمنية”، والتي يؤكد مراقبون وحللون أنها مجرد كذبة وحدث غير مثبت تاريخياً.

وفي 24 نيسان/أبريل من كل عام، يحيي الأرمن ما يسمونه “الذكرى السنوية لضحايا المجزرة”، محمّلين تركيا المسؤولية عنها، الأمر الذي تنفيه تركيا جملة وتفصيلا، بل وترى فيه أنه ورقة ابتزاز ضدها.

ويرى مراقبون أن هناك الكثير من الأطراف وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى لاستغلال هذه الأكذوبة للضغط على تركيا سياسياً وإنسانياً حسب مخططاتهم.

ويؤكد المراقبون ومن بينهم الكاتب الكويتي حمود الحطاب، أن “الذين يبكون اليوم على كذبة إبادة الأرمن هم من تسبب في موت من مات منهم، مع ملاحظة أن الذين قتلوا من الأتراك ومن المسلمين في جناق قلعة بلغ عددهم نحو مئتين وخمسين ألفا مقابل ستين ألفا من الأرمن ماتوا ومن غير قتل، إلا الذين حاربوا الجيش العثماني من الداخل، فلم لا يبكون على المئتين والخمسين ألفا من العثمانيين الذين أبادوهم؟”.

وأشارا الخطاب إلى أن “الكثير من الباحثين الغربيين كتبوا عن الخدعة الكبرى، والكلام المعكوس الذي ادعاه الأرمن بإبادة العثمانيين لهم، وساعدتهم على نشره الدعايات الصهيونية في هذه الكذبة، وقد تحققوا من أنها كذبة كبرى، وأن المسلمين الأتراك هم الذين تعرضوا للعدوان الأرمني, ويشهد التاريخ على ولاء الأرمن للروس ضد بلادهم ومنذ قرون من الزمان.

وفي هذا الجانب، أكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، أن “ادعاء الإبادة الجماعية ضد الأرمن أكذوبة كبرى صنعها الغرب لمكايدة تركيا ولتشويه سمعة الدولة العثمانية، ولم يشهد التاريخ مثلها”.

وأضاف إبراهيم في حديثه لـ”وكالة أنباء تركيا”، أنه “في الحقيقة فإن الأرمن قد تواطؤوا مع  بريطاينا وحاربوا إلى جوار الروس ضد دولتهم الدولة العثمانية، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بالقتل الجماعي والإبادة الممنهجة في حق جيرانهم المسلمين الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء، في الوقت الذي كان رجالهم وشبابهم يحاربون في عدة جبهات أيام الحرب العالمية الأولى”.

وأكد إبراهيم أنه “يتم استغلال هذه الأاكذوبة الكبرى لعرقلة مسيرة تركيا وتعطيلها عن اللحاق بركب الدول العظمى”، مشددأً على أنها “تُستغل من قبل أعداء تركيا وأعداء العالم الإسلامي، الذين لا يريدون نهوض ولا تقدم تركيا، والذين لا يتوقفون عن تدبير المؤامرات وصنع المكائد للعالم الإسلامي وفي القلب منه تركيا”؟

وأشار إلى أن “الغرب لا يريد لتركيا أن تتقدم ولا أن تنمو وبالتالي فهم ينقبون في صفحات أكاذيبهم لتعطيل نهوض تركيا، ويريدون أن يلحقوا الضرر بالدولة التركية فيسعون لذلك بكل السبل، ومنها أكذوبة إبادة الأرمن”.

وزاد قائلاً “لو أنهم دققوا في صفحات التاريخ الحقيقي لعلموا أن الغرب بقيادة بريطانيا وفرنسا وروسيا، هم الذين أغروا الأرمن بمعاداة دولتهم (الدولة العثمانية) التي كانوا ينالون فيها كل حقوقهم، وكانوا يتولون فيها المناصب الكبرى والوظائف العليا، لكن للأسف استجاب الأرمن لوسوسة الغرب وعادى دولته وخان وطنه الذي لم يجد منه سوى كل خير”.

ودعا إبراهيم عقلاء الأرمن إلى أن “يتعلموا الدروس من التاريخ وأن يحسّنوا علاقتهم بتركيا، وليكن مساعدة أرمينيا في أعمال الإغاثة عقب الزلزال الماضي بداية لعهد جديد من العلاقات الطيبة بين الدولتين الجارتين”، مضيفاً أن “العلاقات الطيبة بين الجارتين يصب في مصلحة الشعبين، وأنه بإمكان أرمينيا أن تستفيد من أمور كثيرة موجودة في تركيا، منها الاستثمار المتبادل وتبادل الخبرات والمنافع بما يعود بالخير والنفع على الدولتين الجارتين”.

وختم أن “ذلك أفضل من عودة الحديث عن أكاذيب الماضي، التي روجها الغرب ونشرها الأرمن بالمخالفة للحقيقة”.

ودافع المراقبون ومنهم الكاتب الكويتي حمود الحطاب، عن تركيا في وجه أكذوبة الإبادة الأرمنية بالقول “اسألوا تاريخ روسيا عن إجرام روسيا وعن وحشية روسيا التاريخية ونزعاتها الانتقامية، واسألوا فرنساعن تاريخها وافتحوا صفحاته، وافتحوا فقط صفحة الجزائر فماذا فعلت فرنسا في الجزائر، وكم من المشانق نصبت لبشر الجزائر، ,وكم أحرقت من البشر بنيران عنصريتها, وهي تدعي حمل القانون الإنساني والحقوقي، اسألوهم جميعاً واسألوا تاريخهم، فأي تاريخ يقدرون أن يعرضوه؟، ولتعرض تركيا تاريخها فهل يوجد فيه غير الإنسانية والحضارة والتمدن واحترام الحقوق البشرية حتى مع الأرمن وهم يطعنونها من الداخل”.

من جانبه، قال الباحث والمختص بعلم الآثار أحمد الخنوس لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه “من المؤكد أن اتهام تركيا بالإبادة الأرمنية هو كلام يحمل الكثير من التسييس”.

وتابع موضحاً أنه “في عامي 1914 و1915، كانت هناك الدولة الإمبريالية التي تضم بداخلها روسيا ودول أخرى، وكانت هذه الدولة تريد الإنقضاض على الدولة العثمانية التي كانت في البداية ضعيفة، فشكلوا عصابات أرمنية وارتكبوا مجزرة الأرمن لاتهام الدولة العثمانية وإنهائها”.

وزاد بالقول، إن “الفرصة أصبحت سانحة للدولى الإمبريالية بعد الحرب العالمية الأولى لتحقيق مآرب لها، أي أن الأرمن استغلوا فرصة ضعف الدولة العثمانية وشاركوا إلى جانب الروس والمعسكر الإمبريالي بحربهم ضد الدولة العثمانية وتمردوا على الدولة العثمانية من الداخل”.

وتابع “هناك مصادر تقول إن الأرمن أصبحوا طرفا بالحرب العالمية الأولى ضد الدولة العثمانية وقدموا مساعدات للروس واستولوا على مدينة (وان) التي تقع جنوب شرقي تركيا وقاموا بقتل عشرات الآلاف من المسلمين من الشيوخ والنساء والأطفال ضمن الدولة العثمانية”.

ومضى بالقول “تؤكد الوثائق العثمانية أيضاً أن الأرمن ارتكبوا في تلك الفترة مجزرة وإبادة حقيقية ممنهجة، وقاموا بقتل أكثر من نصف مليون مسلم من الأتراك والأكراد العرب من رعايا الدولة العثمانية، علما أن الدولة العثمانية حذّرت كلٌ من البطريرك والوجهاء والأعيان من الأرمن من ارتكاب مجازر ضمن الدولة العثمانية لكن من دون جدوى”.

وختم قائلاً “باختصار فإن الأرمن قاموا بأعمال تخريبية وتدميرية وقتل أبرياء ومسلمين ضمن الدولة العثمانية، ووقفوا إلى جانب الروس والإمبرياليين أثناء الحرب العالمية الأولى ضد الدولة العثمانية”.

الجدير ذكره، أن تركيا تؤكد عدم إمكانية إطلاق “الإبادة الجماعية” على تلك الأحداث، بل تصفها بـ”المأساة” لكلا الطرفين.

وفي تصريحات سابقة، فنّد رئيس جمعية متخرجي الأزهر في لبنان، الشيخ الدكتور أحمد فارس، ادعاءات “إبادة الأرمن” في أحداث عام 1915، داعيا لـ”عدم اعتماد الاستنسابية لأغراض سياسية بحتة”.

وقال فارس إن “التاريخ مليء بالأحداث المؤلمة التي ذهب ضحيتها كثير من الناس. وكان فيها ظالمون ومظلومون. وهناك صفحات سوداء لمن ارتكب المجازر بحق الشعوب والإنسانية”.

وأرفد أنه “لا بد من استنكار المجازر التي ارتكبت بحق الشعوب المظلومة قديما وحديثا، وعدم اعتماد الاستنسابية لأغراض سياسية بحتة، وتجاهل مجازر أكثر هولاً وقساوة ارتكبها ويرتكبها الأمريكيون وحلفاؤهم”.

وواصل أنه “لا بد من العودة إلى الوقائع التاريخية التي رافقت المجزرة بحق الأرمن، وقد كانت ردة فعل عما قام به فريق منهم عندما كان الجيش التركي في جبهات القتال في الحرب العالمية، إذ أغرى الروس بعض الأرمن للقيام بمهاجمة القرى التركية الخالية من الشباب، والتي لم يكن فيها سوى العجزة والنساء والأطفال”.

وأشار فارس إلى أن “هذه الفئة قامت بقتل الشيوخ والأطفال واغتصاب النساء، وسرقة المحتويات ثم إحراق البيوت. حيث فاق عدد الضحايا في هذا الاعتداء الخمسمائة والستين ألفا من الأتراك، فضلا عن عدد من العرب والأكراد، فما كان من القيادة التركية إلا أن سحبت بعض الفرق العسكرية من الجبهات لحماية الداخل التركي وملاحقة المعتدين القتلة”.

وأوضح أنه “في المقابل ضخم الروس والغرب هذه الحادثة و سموها مجزرة الأرمن. واستغلوها سياسيا حتى يومنا هذا لإثارة الفتن والنعرات بين الأتراك و الأرمن. والذي يتحمل وزر الفعل ورد الفعل هم الروس وهذا ما فعلوه في البوسنة والهرسك وكوسوفو بتحريض الصرب على ارتكاب أبشع المجازر”.

وتدعو تركيا في كل مرة إلى تناول الملف بعيدا عن الصراع السياسي وحل القضية بمنظور “الذاكرة العادلة” الذي يعني التخلي عن النظرة الأحادية إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لكل طرف.

زر الذهاب إلى الأعلى