ركزت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، على أخلاقيات العمل الحميدة التي حثنا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، على الالتزام بها واحترامها.
واستهلت الخطبة بقوله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعٰىۙ. وأن سعيه سوف يرٰىۖ.”، وبقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم “إن اللٰه تعالىٰ يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” .
وأضافت أن “أحد مقاصد ديننا العظيم، الإسلام هو بناء مجتمع يتخذ الأخلاق الحميدة مرشدا له في جميع مجالات الحياة، وكما أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نعبده من أجل سعادة الدنيا والآخرة، فقد طلب منا أيضا أن نكون على خلق في عملنا”.
وتابعت “إنها تعكس القيم الأساسية مثل أخلاقيات العمل والنزاهة والثقة والاحترام والعدالة لعملنا، والقيام بعملنا بشكل سليم، واحترام حقوق العامة والعباد، وأن نكون صادقين في كلمتنا وجوهرنا، وأن نهدف دائما إلى الحلال، وعدم تلويث أرباحنا بالحرام وألسنتنا بالكذب”.
وزادت أن “أخلاقيات العمل هي قيمة تغطي الحياة العملية بأكملها، فمثلما توجد أخلاق للموظف، هناك أيضا أخلاق للمدير، ومثلما توجد أخلاق للعامل، هناك أيضا أخلاق لصاحب العمل، ومثلما توجد أخلاق للتاجر، هناك أيضا أخلاق للزبون”.
وأوضحت أن “العبرة من أن تكون موظفا حكوميا هي أن تكون مخلصا للدولة وأن تخدم الأمة بلطف وتفان، وإن العبرة الأخلاقية من كونك مديرا هي عدم الخروج عن الحق والعدالة ومعاملة من هم تحت حمايتك بإنصاف، وإن المغزى من كونك عاملا هو القيام بعمل متقن وعالي الجودة، والنظر إلى مكان العمل على أنه ثقة صاحب العمل، وعدم استخدام مرافق مكان العمل للاحتياجات الشخصية، فإن العبرة من كونك صاحب عمل هي خلق بيئة عمل سلمية للعامل، وعدم حرمانه من الحقوق الاجتماعية ودفع أجره بالكامل وفي وقته المحدد قبل أن يجف عرقه”.
وأضافت أن “العبرة من كونك تاجرا أن لا تحيد عن الصدق، وعدم إخفاء عيب البضائع، وعدم اللجوء إلى الاحتكار والسوق السوداء، وعدم تلويث أرباح الحلال بالحرام وفقا لحديث نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا)، فلا يخدع عميله، ولا يجعل المقايس والموازين ناقصة، وإن المغزى كونك عميلا هو الوفاء بالوعد الذي قطعته للتجار، وسداد ديونه في الوقت المحدد، وتجنب جميع أنواع الوعود والإجراءات التي من شأنها أن تضر به”.
وجاء في الخطبة أيضاً “نحن نعيش في عصر تقل فيه الحساسية في الحياة التجارية، وتضعف الفضائل مثل القناعة والنزاهة والأمانة، ويتم تفريغ مفهوم الأخلاق وإساءة استخدامه، فالمواقف والسلوكيات الخاطئة مثل الدنيوية والأنانية والرغبة في كسب الكثير عن طريق بيع أو تأجير عقار بأكثر من قيمته تؤثر بعمق على السلام الاجتماعي والهدوء”.
وفي هذا السياق استشهدت بقوله صلى الله عليه وسلم والذي أرسل لإتمام مكارم الأخلاق “لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، مضيفة أن النبي الأكرم “أمرنا ألا نتمسك بمصالحنا الشخصية، وأن نراعي حقوق وقوانين الآخرين، وأن نكون عادلين ومتوازنين في الحياة الاجتماعية. فواجبنا هو أن نحتضن بولاء نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم كل أعمالنا بوعي الأمانة، وعدم إهدار حق العامل بالالتزام بحساسيته للحقوق وإبداء مزيد من الحساسية للصحة والسلامة المهنية”.
وفي ختامها أكدت خطبة الجمعة أن “دعونا نعلم أن كل فرصة تعطى لنا هي أمانة من ربنا سبحانه وتعالى، وفرصة لنيل رضى الله، ولنعمر دنيانا وآخرتنا من خلال القيام بعملنا بشكل جيد، ودعونا نهتم بالحلال في جميع أعمالنا، ولنسعى لتحقيق مكاسبنا الحقيقية في رضا الله تعالى، ودعونا ننفق معرفتنا وثروتنا في طريقه، ولنجعل الثقة تسود في كل جانب من جوانب حياتنا، ودعونا لا نخدع ولا ننخدع، ودعونا لا نحيد أبدا عن الأمانة والصدق والعدالة والحقيقة، ولا ننسى أن ما يجعلنا قيمين في نظر الله تعالى هو أننا نتصرف وفقا للغرض من خلقنا وأننا نلبس القيم الأخلاقية الإسلامية في جميع أعمالنا”.