مدونات TRهام

في الانتخابات التركية 2023.. سأنتخب من يستحق (مدونة)

لقد كانت تركيا ولعقود طويلة قلعة الإسلام وحامية بيضة المسلمين، وحِصناً مَنيعاً في وجه أعداء الدين والإنسانية يَصعبُ اختراقه، ثمّ تقلّبتْ فيها الحكوماتُ، وتتالتْ القيادات والسلطات بعد ذهاب الخلافة العثمانية، وقد اتصفتْ تلك الحِقبة – ما بعد الخلافة – عموماً بظلمها وبُعدها عن الدين، بل ومناقضته فساهمت في هدم العديد من أركانه، إضافة إلى ضعف تركيا بشكل عام في تلك العقود، وانتشار الفساد في جميع مفاصلها وفي كافة المجالات، إلى أن جاءتْ قيادة إصلاحيّة مُعتدلة قريبة من الشعب تسوسُ البلاد بمنهج سائدٍ لدى مُعظم الدول في هذا الزمن، مع بقاء مساحة للتصرف – ولو كانت ضيّقة – في الحكم، أي بما لا ينصّ عليه الشرع ولا يخالفه أيضاً (وهذه عبارة حساسة ودقيقة أرجو الله أن أوفق في صياغتها)، وكأن نظام الحكم في تركيا – حسب رأيي – يختلف عن أنظمة الحكم العلمانية في العالم، أو أنّه أخفّ منها، فهو كمنزلة بين منزلتين، وكان يقود تلك الحملة الإصلاحيّة السيد “رجب طيب أردوغان”، فقد عملت حملته في إصلاح شؤون الدولة والإدارات والمؤسسات، وتغيير أحوالها وتحسين وتيرتها، بقواعد قوية، وقدم راسخة، وهمّة عالية، وإرادة صلبة، ويد نظيفة.

فقد عَملتْ حكومة “أردوغان” جاهدة منذ البداية على بناء بلد مُتقدّم قوي، وتنشئةِ جيل مسلم واعٍ، وتغيير ما كانت عليه البلاد من التخلف والفساد، فأخذت تدافع عن المسلمين وحقوقهم المسلوبة من قِبل الحكومات السالفة، بل تجاوز دعمها حدود تركيا، فوقفتْ مع المظلومين والضعفاء أينما وُجدوا، فأضحتْ داراً جمعتْ كلّ مَظلوم ومَلهوف، وآوتْ كلَّ شريد ومُستغيث، كالأمّ تحمي أبنائها وتحتضنهم وتدفع عنهم الأذى والردى.

ويعيشُ اليوم هذا البلد الكريم (تركيا) مرحلة مَصيريّة وأياماً حساسة وخطيرة بامتياز، وعلى الرغم من خطورتها وأهميتها أراها أياماً تحمل في طياتها الحياة الديمقراطية (إن صحّت هذه الكلمة وصدقت) بكلّ معنى الكلمة، والتي يفتقدها عشرات الملايين من أبناء العرب، ففي هذه الأيام يحتدم التنافس على السلطة على أشدّه بين فريقين، فريق أعاد بعض أمجاد الإسلام إلى تركيا، وجعلها في مَصاف الدول القوية وفي جميع المجالات، وأعملَ ميزان العدالة والمساواة بين أبنائها، ووسّعَ مساحة الحريات، وأعاد الحقوق المسلوبة لجميع مواطنيه. 

وفريق يريد رهن البلاد وبيعها لدى الغرب والأعداء، إضافة أنّه ليس لديه أدنى خبرة في السياسة وإدارة البلاد، ساعياً لهدم ما بناه إخواننا الأتراك بقيادة “أردوغان” خلال ثلاثة عقود تقريباً من الزمن، ناهيك عن فكره المناقض تماماً لفكر تركيا وثقافتها الإسلاميّة والشرقية، البعيد عن الفضيلة ومقتضياتها، بل ويشذّ عن الفطرة البشريّة بدعمه للشواذ. 

من هنا أدعو جميع أبناء المسلمين في تركيا قاطبة، أن يُجمعوا أمرهم في دعم مشروع السيد “أردوغان”، الذي لم يتأخر في رفع راية الإسلام والعلم والعمل والبناء، والذي خَبِرنا قيادته الرشيدة، وإدارته الحكيمة، وسياسته المحنّكة والموفّقة، ونشاطه الذي ما سبقه أحدٌ إليه حسب علمنا.

كما أدعو جميع الحاصلين على الجنسية التركية لا سيما إخواننا وأهلنا السوريين في ممارسة حقّهم في التصويت والانتخاب، ودعم الرئيس أردوغان في هذه الانتخابات ليُتمّ مَسيرته التي بدأ بها، فهذا من باب الواجب لنصرة الدين وسمو الأخلاق أولاً، ثمّ لإكمال مشروع البناء والتطوير والعدالة في تركيا، ولعله يكون نموذجاً تقتدي به دول المسلمين، ولا يجوز لأحدنا أن يُهمل أو يتقاعس عن هذا الواجب في إبداء رأيه في هذه الانتخابات ودعمه لحمَلَة راية الإسلام، فخطر ذلك الإهمال غير المبرر نجاح الطرف الآخر (لا قدّر الله) الذي سيأخذ تركيا والمسلمين فيها إلى هاوية سحيقة لا قرار لها، وسيكون تقصيرنا سبب واضح في تنكيس راية الإسلام وإنجاح أعدائه، الذي لا يلبث أن يتحوّل إلى وحش كاسر يهدم المساجد، ويكتم صوت المآذن، ويقتلع الفضيلة والحجاب، ويبيع البلاد، وينشر الشواذ والفساد، ويحارب الحريات، ويقمع الأصوات والآراء، وينتهك المحرمات، ويصالح الإرهابيين ويُشركهم في الحكم، كيف لا.. وزعيم هذا الفريق الـمُتطرّف يدعم مجرم سورية الإرهابي بشار!، ويتوعّد السوريين اللاجئين بتسليمهم إلى قاتلهم ومُهجّرهم حيث فروعه الأمنية وأقبية الموت؟! 

فيا أيها الإخوة الكرام من الترك والعرب والكرد وجميع مُكونات الشعب التركي: حذار حذار أن تفوّتوا هذا الفرصة العظيمة في إنجاح صوت المسلمين، صوت القوة والتقدم والعدالة، صوت من يعمل على إعادة مجد دولة الإسلام القوية “أردوغان”، صوت الضعفاء والمظلومين والمقهورين، ولتكن نيّتكم في تصويتكم هذا نصرة دين الإسلام، وإعزاز المسلمين كافة، وإعلاء كلمة الحق، ودعماً لتقوية شوكة هذه البلاد على أعدائها. والله من وراء القصد.

فراس السقال

كاتب وباحث سوري أستاذ جامعي
زر الذهاب إلى الأعلى