قال موقع “بي بي سي” البريطانية إن “تركيا تطورت علاقاتها مع إفريقيا بشكل ملحوظ وكبير منذ تولي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحكم في تركيا”، مشيرا إلى أن “أردوغان سيعمل على تعزيز هذه العلاقة في حال فاز في الانتخابات، عى عكس منافسه كما كيليتشدار أوغلو الذي قد تكون إفريقيا خاسرة بسبب توجهاته السياسية”.
جاء ذلك في تقرير نشره الموقع، الخميس، حسب ما ترجمت “وكالة أنباء تركيا”.
وأوضح التقرير أن “نفوذ تركيا في إفريقيا نما بشكل كبير على مدار العشرين عامًا الماضية، وسيتعين على من يفوز بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يوم الأحد 28 أيار/مايو الجاري أن يفكر بالنقطة التالية التي ستنتقل إليها هذه العلاقة”، لافتا إلى أنه “منذ أن تولى رجب طيب أردوغان السلطة في تركيا قبل عقدين من الزمن، كرئيس للوزراء أولاً ثم كرئيس للجمهورية، أخذ اهتماماً متزايداً بإفريقيا”.
ورأى أنه “من المرجح أن تتقوى الرابطة بين تركيا والقارة الإفريقية فقط إذا أعيد انتخاب أردوغان رئيسا، لأن منافسه كمال كيليتشدار أوغلو يضع عينه على أوروبا والغرب، ومن غير المرجح أن يجعل إفريقيا أولوية عنده”.
الصناعات الدفاعية التركية في إفريقيا
وذكر التقرير التقدم التركي في إفريقيا في ما يتعلق بالصناعات الدفاعية، قائلا إنه “بالإضافة إلى مالي، باعت تركيا طائرات مسيّرة إلى بوركينا فاسو وتوغو والنيجر، كما انخرطت تركيا بمحادثات مع بنين.. أما المغرب وتونس وإثيوبيا ونيجيريا والصومال فهم أيضًا يهتمون بقوة بالمسيّرات التركية الصنع”.
وأوضح أنه “صحيح لا تزال الصين تهيمن على هذا السوق في القارة الإفريقية إلا تركيا تقدم للأفارقة خيارًا ميسور التكلفة مع مدة انتظار أقل من الصين”.
وتابع أن “تركيا تتقدم في إفريقيا ليس فقط في مجال الطائرات المسيّرة بل كذلك المركبات المدرعة ومركبات إزالة الألغام وأنظمة الاستشعار والمراقبة والبنادق، وكل هذه المعدات كانت ضمن العديد من صفقات الأسلحة التي وقعتها تركيا مؤخرًا مع الدول الإفريقية”.
وشدد التقرير أن “الطائرات المسيّرة التركية أثبتت نفسها في ليبيا وأرمينيا وأوكرانيا”.
وأضاف “في المحصلة هناك 30 دولة في القارة الإفريقية لديها نوعًا من الاتفاقيات المتعلقة بالأمن مع تركيا”.
ولفت التقرير إلى أن “إقامة تركيا قاعدة عسكرية في العاصمة الصومالية مقديشو إلى جانب مشاركتها بتدريب أكثر من 20 ألف جندي صومالي.. وبالإضافة إلى الاستثمار الكامل في مجال مكافحة الإرهاب، زادت أنقرة أيضًا من مساعدتها الإنسانية لدول مثل نيجيريا وموريتانيا والنيجر”.
متى انطلقت العلاقات التركية الإفريقية
وأجاب التقرير عن هذا السؤال، قائلا إن “بذور التعاون المعزز بين إفريقيا وتركيا بدأت خلال فترة رئاسة أردوغان للوزراء أي عام 2003”.
وأضاف أن “القارة الإفريقية تعتبر سوقا متنوعا يضما أكثر من 50 دولة وأكثر من 1.2 مليار شخص، الأمر الذي يوفر فرصًا مربحة للمصدرين ورجال الأعمال الأتراك.. كما زادت تجارة تركيا السنوية مع القارة من 5.4 مليار دولار إلى 34.5 مليار دولار بين عامي 2003 و2021 وفقًا لأرقام وزارة الخارجية التركية، وخاصة في قطاعات الكيماويات والصلب والحبوب”.
وأوضح أن “الأتراك يحرصون على التأكيد أن هذا التوجه لم يكن علاقة استغلالية، حيث قال أردوغان عام 2013 خلال زيارته إلى الغابون إن (إفريقيا ملك للأفارقة، ولسنا هنا من أجل ذهبكم)”.
ولفت إلى أنه “في آذار/مارس الماضي وصلت عشرات من الطائرات المسيّرة إلى مدرج المطار في باماكو عاصمة مالي، وذلك بحضور زعيم المجلس العسكري المالي الكولونيل عاصمي غويتا وعدد من الدبلوماسيين الأتراك.. رحب وزير الدفاع المالي بالدفعة الجديدة من الأسلحة قائلاً إنها (يمكن أن تساعد بجعل القصف المدفعي والضربات الجوية أكثر دقة)”.
تركيا تتقدم إنمائيا في إفريقيا
وأضاف “بعيدا عن الصفقات العسكرية والتجارية، كان أردوغان نشطًا للغاية لتعزيز العلاقة بين تركيا وإفريقيا، ففي عام 2005 أصبحت تركيا عضوًا مراقبًا في الاتحاد الإفريقي قبل ترقيتها إلى دور الشريك الاستراتيجي بعد 3 سنوات.. لقد زار الرئيس أردوغان السنغال 4 مرات كما يزور الصين أو ألمانيا، وأينما ذهب اصطحب معه وفدا من رجال الأعمال ما أدى إلى منح مشاريع البنية التحتية الرئيسية للشركات التركية، مثل مسبح داكار الأولمبي أو ملعب كيغالي في رواندا، أكبر ملعب شرقي إفريقيا”.
وتابع “في الآونة الأخيرة، أنهت أوغندا عقدها مع شركة صينية مسؤولة عن بناء خط سكة حديد إلى الحدود الكينية، وهي تفكر بإبرام صفقة مع شركة تركية بدلاً من ذلك”.
ورأى أن “الحقيقة الأكثر دلالة علة تطور العلاقات التركية الإفريقية هي عدد السفارات التركية في القارة السمراء، إذا إنه لتركيا 44 سفارة في جميع أنحاء إفريقيا، على غرار الولايات المتحدة 49 سفارة وفرنسا 46 سفارة”.
ماذا تقدم تركيا أيضًا لإفريقيا؟
وقال التقرير إن “تركيا تحاول أيضًا زيادة قوتها الناعمة في القارة، حيث كان التوسع الأخير في بصمتها إطلاق TRT Afrika” (قناة تلفزيونية رسمية تخاطب إفريقيا).
وأضاف “قل اعتمدت هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية TRT على انسحاب العديد من المنافسين في المنطقة لإطلاق هذه المنصة الإخبارية الرقمية باللغات الفرنسية والإنجليزية والسواحيلية والهوسا.. لكن ربما يأتي التأثير الثقافي الأكبر من المسلسلات التركية التي حققت نجاحًا كبيرًا في العديد من البلدان الإفريقية من إثيوبيا إلى السنغال”.
الأعمال الخيرية التركية في إفريقيا
ولفت التقرير إلى أن “تركيا تشارك بالأعمال الخيرية في بلدان مختلفة وخاصة من خلال وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) التي تدعم المدارس والمؤسسات الدينية والمرافق الطبية”.
وتابع “في الصومال يتمتع أردوغان بتأييد شعبي بسبب الدعم الذي قدمه للبلاد، حيث بنت تركيا واحدة من أكبر المستشفيات في مقديشو وهي تحمل اسم (رجب طيب أردوغان).. هناك أيضًا مستشفيات بنتها تركيا في ليبيا وجنوب السودان”.
الجانب الأقل شهرة للعلاقة التركية مع إفريقيا
وأشار التقرير إلى أن “الطاقة هي الجانب الأقل شهر في العلاقات التركية الإفريقية”، مشيرا إلى أنه “في أعقاب الزيارات الرئاسية، وقعت شركة Karpowership التركية، صفقات لمحطات الطاقة المركبة على السفن، من أجل تزويد العديد من دول غربي إفريقيا بالكهرباء”.
وأشار إلى أن “الأسبوع الماضي شهد رسو إحدى هذه السفن على سواجل جنوب إفريقيا.. يتم توصيل هذه السفن مباشرة بالشبكة الكهربائية حيث تزود ما بين 30 ميغاواط و 470 ميغاواط”.
مستقبل العلاقات التركية الإفريقية بعد الانتخابات
وختم التقرير قائلا إنه “إذا فاز أردوغان فمن المتوقع أن يبني على هذه العلاقة مع إفريقيا.. قد يؤدي انتصار كمال كيليتشدار أوغلو إلى دفع إفريقيا إلى أسفل قائمة الأولويات التركية، لكن من غير المرجح أن يفعل أي شيء يهدد مثل هذه العلاقات العميقة والمربحة”.
وشهدت تركيا، يوم الأحد الماضي 14 أيار/مايو الجاري، انتخابات رئاسية وبرلمانية، حيث حقق “تحالف الجمهور” بقيادة حزب العدالة والتنمية أغلبية برلمانية، فيما تأجل الحسم في الانتخابات الرئاسية إلى الجولة الثانية المقررة داخل تركيا يوم 28 أيار/مايو الجاري، ويتنافس فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمرشح كمال كيليتشدار أوغلو.
وأكدت الهيئة العليا للانتخابات التركية أن نسبة المشاركة في التصويت داخل تركيا بلغت 88.92%، فيما بلغت 52.69% في الخارج.
اقرأ أيضا.. معهد فرنسي للدراسات السياسية يعرب عن أسفه لـ”عدم محاسبة الشعب التركي لأردوغان”