فتح القسطنطينية.. بشارة نبوية تحققت على يد السلطان الفاتح قبل 570 عاما
تصادف اليوم الإثنين، الذكرى الـ 570 لفتح القسطنطينية (ولاية إسطنبول حالياً) على يد السلطان محمد الفاتح.
ويحتفل الأتراك في الـ 29 من أيار في كل عام، بذكرى فتح القسطنطينية، وهي المدينة التاريخية التي فتحها السلطان العثماني محمد الفاتح، من الإمبراطورية البيزنطية عام 1453، بعد أن ظلت عصية على الفتوحات الإسلامية لعدة قرون.
وشهدت صلاة الفجر في “مسجد آيا صوفيا الكبير” بإسطنبول، اليوم الإثنين، إقبالا كثيفا مع ذكرى فتح القسطنطينية، ودخول أول يوم بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية جديدة في رئاسة تركيا، وذلك في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، التي أجريت أمس الأحد 28 أيار/مايو الجاري.
بشارة نبوية بفتح القسطنطينية
يروي مؤرخون أن المسلمين انتظروا أكثر من ثمانية قرون حتى تحققت البشارة النبوية بفتح القسطنطينية، وكان حلمًا وهدفا يثير في النفوس رغبة عارمة في تحقيقه حتى يكون صاحب الفتح هو محل ثناء النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: “لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش”.
وكان العثمانيون بحسب المؤرخين من أشد الناس حماسا للإسلام، وفي عهدهم تجدد الأمل بفتح القسطنطينية بعد فشل حملتين متتاليتين في عهد معاوية بن أبي سفيان سنة 49 هجرية، فحاصر المدينة العتيدة كل من السلطان بايزيد الأول ومراد الثاني، ولكن لم تكلل جهودهما بالنجاح والظفر، وشاء الله أن يكون محمد الثاني بن مراد الثاني هو صاحب الفتح العظيم والبشارة النبوية الكريمة.
فتح القسطنطينية
- كان السلطان محمد الثاني يفكر في فتح القسطنطينية ويخطط لما يمكن عمله من أجل تحقيق الهدف والطموح.
- ساقت له الأقدار مهندس مجري يدعى “أوربان”، عرض على السلطان أن يصنع له مدفعا ضخما يقذف قذائف هائلة تكفي لثلم أسوار القسطنطينية، فرحب به السلطان وأمر بتزويده بكل ما يحتاجه من معدات.
- وصل السلطان العثماني في جيشه الضخم أمام الأسوار الغربية للقسطنطينية المتصلة بقارة أوروبا يوم الجمعة الموافق (12 من رمضان 805هـ/ 5 نيسان/أبريل 1453م).
- ونصب السلطان الفاتح ونصب سرادقه ومركز قيادته أمام باب القديس “رومانويس”، ونصبت المدافع القوية البعيدة المدى، ثم اتجه السلطان إلى القبلة وصلى ركعتين وصلى الجيش كله، وبدأ الحصار الفعلي وتوزيع قوات.
- وتحرك الأسطول العثماني الذي يضم 350 سفينة في مدينة “جاليبولي” قاعدة العثمانيين البحرية في ذلك الوقت، وعبر بحر مرمرة إلى البوسفور وألقى مراسيه هناك، وهكذا طوقت القسطنطينية من البر والبحر بقوات كثيفة تبلغ 265 ألف مقاتل.
- واستمر حصار القسطنطينية لفترة طوبلة، ووفي فجر يوم الثلاثاء (20 من جمادى الأولى 857هـ/ 29 أيار/مايو 1453م)، كان السلطان العثماني قد أعد أهبته الأخيرة، ووزَّع قواته وحشد زهاء 100 ألف مقاتل أمام الباب الذهبي، وحشد في الميسرة 50 ألفًا، ورابط السلطان في القلب مع الجند الإنكشارية، واحتشدت في الميناء 70 سفينة.
- اشتد لهيب المعركة وقذائف المدافع يشق دويها عنان السماء ويثير الفزع في النفوس، وتكبيرات الجند ترج المكان فيُسمع صداها من أميال بعيدة، والمدافعون عن المدينة يبذلون كل ما يملكون دفاعا عن المدينة، وما هي إلا ساعة حتى امتلأ الخندق الكبير الذي يقع أمام السور الخارجي بآلاف القتلى.
- خاف البيزنطيون خوفاً عظيماً وشرعوا بدق نواقيس الكنائس والتجأ إليها كثير من النصارى وكان الهجوم النهائي متزامناً برياً وبحرياً، وكان الهجوم موزعاً على كثير من المناطق، ومع استبسال البيزنطيين وشجاعة العثمانيين كان الضحايا من الطرفين يسقطون بأعداد كبيرة.
- دخل محمد الفاتح المدينة ظافرا ترجل عن فرسه، وسجد لله شكرا على هذا الظفر والنجاح.
- توجه إلى كنيسة “أيا صوفيا”؛ حيث احتشد فيها الشعب البيزنطي ورهبانه، فمنحهم الأمان، وأمر بتحويل كنيسة “أيا صوفيا” إلى مسجد، وأمر بإقامة مسجد في موضع قبر الصحابي الجليل “أبي أيوب الأنصاري”، وكان ضمن صفوف الحملة الأولى لفتح القسطنطينية، وقد عثر الجنود العثمانيون على قبره فاستبشروا خيرًا بذلك.
- قرر الفاتح الذي لُقِّب بهذا اللقب بعد الفتح اتخاذ القسطنطينية عاصمة لدولته، وأطلق عليها اسم “إسلام بول” أي “دار الإسلام”، ثم حُرفت واشتهرت بـ “إسطنبول”.
- انتهج الفانح سياسة سمحة مع سكان المدينة، وكفل لهم حرية ممارسة عبادتهم، وسمح بعودة الذين غادروا المدينة في أثناء الحصار والرجوع إلى منازلهم، ومنذ ذلك الحين صارت إسطنبول عاصمة للبلاد.
- توسعت الدولة العثمانية في عهد محمد الفاتح بسبب الفتوحات التي فتحها واشتهر في جميع أنحاء العالم، واعتبر المؤرخون عهده نقطة انتقالية من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة.
يشار إلى أن السلطان العثماني محمد الفاتح ولد في 30 آذار/مارس عام 1429 بمدينة أدرنة، وتوفي 3 أيار/مايو 1481، عن عمر ناهز 49 عاماً، بعد أن حكم 30 عاماً.