تقاريرهام

هل تفلح محاولات كسب ود تركيا للموافقة على انضمام السويد للـ”ناتو”؟ (تقرير)

تتوجه الأنظار إلى الاجتماع الذي تحتضنه تركيا، والذي سيجمع وفودا من السويد وفنلندا وحلف شمال الأطلسي الـ”ناتو”، في حين يرى مراقبون أن هذه الأطراف “تحاول تليين موقف تركيا وكسب الود التركي” لرفع الفيتو عن السويد والموافقة على دخولها إلى الحلف.

وأفاد بيان لدائرة الاتصال بالرئاسة التركية، الإثنين، أن الجولة الرابعة من المباحثات الرباعية بين الأطراف المذكورة، ستُعقد في العاصمة التركية أنقرة، يوم 14 حزيران/يونيو الجاري.

وأضاف البيان أن الاجتماع سيُعقد في المجمّع الرئاسي باستضافة عاكف تشاغاتاي قيليج، كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حين يمثّل الـ “ناتو” في الاجتماع مدير المكتب الخاص لأمين عام الحلف، ستيان جنسن، فيما يترأس الوفد السويدي سكرتير وزارة الخارجية السفير جان كنوتسون، والوفد الفنلندي سكرتير الخارجية يوكا سالوفارا.

واليوم الأربعاء، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريحات “‏لا يمكننا الموافقة على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي “ناتو” قبل إيجاد حل لمسألة مكافحة الإرهاب”.

ويرى مراقبون أن هذا الاجتماع سيكون على درجة عالية من الأهمية، خاصة بالنسبة للسويد التي تسعى جاهدة لكسب ود تركيا من أجل إقناعها بالموافقة على انضمامها لحلف شمال الأطلسي، متسائلين “هل ستفلح هذه المحاولات؟”.

وحول ذلك قال الكاتب والباحث السياسي محمود علوش لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الاجتماع مهم وسيشكل اختبارا لمدى جدية ومصداقية السويد في تنفيذ المطالب التي تعهدت بها لتركيا بموجب الاتفاقية الثلاثية في حزيران/يونيو 2022”.

وأضاف أن “تركيا أوفت بتعهداتها فيما يتعلق بهذه المذكرة من خلال المصادقة على انضمام فنلندا إلى الحلف، لأن فنلندا استجابت للمطالب التركية في حين أن السويد حتى الآن لم تقدم الخطوات التي تأملها تركيا من أجل تسهيل مصادقة انضمامها إلى الـ (ناتو)”.

ولفت إلى أن “بعض الخطوات السويدية التي جرت مؤخرا إيجابية وتدعو إلى التفاؤل، ولكن تركيا تنتظر أفعال وليس أقوال من الجانب السويدي، مثل تشديد القيود في كافحة الإرهاب وتقييد نشاط المنظمات التي صنفتها تركيا إرهابية”.

وتابع علوش “لا أعتقد أن تركيا ستزيل اعتراضها عن انضمام السويد للحلف قبل أن تنفذ السويد الأمور المطلوبة منها بموجب المذكرة الثلاثية”.

ورأى أن “التحرك الأمريكي مهم جدا، أي محاولة تسهيل أمريكا صفقة مقاتلات (اف 16) لتركيا”، معتبراً أن “مثل هذه الخطوة سيكون لها أصداء إيجابية في العلاقات التركية الغربية، وربما تساعد في دفع عملية انضمام للسويد إلى حلف الـ (ناتو)”.

ولفت علوش إلى أن الضغط الغربي يتم الآن لكي تصادق تركيا على انضمام السويد قبل قمة الـ “ناتو” في تموز/يوليو المقبل، وربما العامل الزمني قد لا يكون كافيا لتحقيق خرق في هذه المسألة، ولكن لو توفرت النوايا يمكن أن نشهد انفراجة في قضية انضمام السويد إلى الحلف، حسب وجهة نظره.

وكانت تركيا والسويد وفنلندا قد وقعت، في 28 حزيران/يونيو 2022، مذكرة تفاهم ثلاثية بشأن انضمام البلدين الأخيرين إلى الـ “ناتو”، بعد تعهدهما بالاستجابة لمطالب تركيا بشأن التعاون بملف مكافحة الإرهاب.

وفي 17 آذار/مارس 2023، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدء البرلمان التركي عملية الموافقة على بروتوكول انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي الـ”ناتو” بدون السويد، لافتاً إلى أن فنلندا ستفي بالتزاماتها بموجب الاتفاقية الثلاثية التي تم توقيعها سابقاً.

من جانبه، رأى الناشط السياسي مصطفى النعيمي، أن “نجاحات تركيا باستثمار موقعها الجيوسياسي المؤثر في الأزمات المحيطة بها منحها المزيد من التقدم نحو مصاف الدول المؤثرة، وبالتالي وصول وفود الـ (ناتو) يأتي بذات السياق، فلتركيا هواجس تهدد أمنها الإقليمي متمثلة بحدودها الجنوبية والشرقية وتحديد الشريط الحدودي المحاذي لها مرورا بإيران انتقالا إلى العراق وصولا إلى سوريا، وترغب في استثمار أعلى المكتسبات التي تنعكس إيجابا على فرض ثقل تركيا إقليميا ودوليا”.

وأضاف النعيمي في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا” أن “أولى ملامح تعاظم الدور التركي تمثلت في إدارتها للملف السوري والأوكراني وحققت مكاسب كبيرة من تلك المكانة، التي فرضت بموجب الثقل الذي مثلته سواء على صعيد برنامج الحبوب الأوكرانية أو حتى في إدارة التفاهمات بين الجانبين الروسي والأوكراني، إضافة إلى مسارات التهدئة في الملف السوري والولوج عسكريا إلى داخل الحدود السورية ضمن مناطق العمليات الثلاثة (غصن الزيتون ودرع الفرات ونبع السلام)، ومنعت ما تصنفهم بالجماعات الإرهابية PKK/PYD عن حدودها الجنوبية إضافة إلى القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي في مناطق عملياتها في سوريا”.

وزاد قائلاً “وبالتالي أرى بأن تركيا ستطالب بأبعاد من نصفهم بالارهابيين عن حدودها الجنوبية مع سوريا، وتسليم بعض الشخصيات الذين تصفهم أنقرة بالإرهابيين كشرط أساسي لقبول انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، وكذلك يمكن لتركيا المطالبة باستكمال صفقة الطائرات الأمريكية المقاتلة اف 16 إضافة إلى إعادة تقييم صفقة اف 35 المعلقة”.

من جهة أخرى، كان اللافت للانتباه ما تحدثت به وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية في تقرير لها، أنه “من غير المتوقع التوصل لاتفاق يقضي بموافقة أنقرة على انضمام السويد لحلف الـ (ناتو) خلال الاجتماع المرتقب بينهم”، مضيفة أنه “بالرغم من الخطوات التي اتبعتها السويد لإرضاء تركيا، يرى محللون أن حل هذه العقدة يكمن عند أردوغان و ما يريده من واشنطن، بالإشارة لصفقة طائرات F-16 ، حيث أثار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قضية الصفقة خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي”.

وقبل يومين، أعلنت الحكومة السويدية اعتزامها إعادة متهم مطلوب إلى تركيا.

وقال رئيس المجلس القانوني في وزارة العدل السويدية أشرف أحمد في تصريحات إن “الحكومة صادقت على قرار محكمة عليا بإعادة أحد المتهمين إلى تركيا”.

وحسب وسائل إعلام سويدية، فإن المتهم البالغ من العمر 35 عاماً، مطلوب قضائياً من قبل تركيا بتهم متعلقة بالإرهاب وتجارة المخدرات.

وأضافت الصحيفة أن المتهم حكم عليه عام 2013 بالسجن في تركيا لأكثر من 4 سنوات.

وعقب إطلاق سراحه لاحقاً بشكل مشروط، فرّ المتهم إلى السويد قبل أن يُلقى القبض عليه في آب/أغسطس 2022، بناء على قرار قضائي تركي.

والأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون إنه “إذا لم توافق تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) فلن نستطيع الانضمام”، مشددا أن “انضمام السويد إلى الحلف مرهون بموافقة تركيا”.

وادعى أن “السويد أوفت بكل التزاماتها التي تعهدت بها في نص الاتفاق الثلاثي مع تركيا”.

ومطلع العام الجاري، أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” ينس ستولتنبرغ، أن عضوية السويد وفنلندا في الحلف لن تكتمل إلا بتصديق موافقة تركيا عليها.

وتعد السويد واحدة من بين أكبر الداعمين لتنظيم PKK الإرهابي في أوروبا، مما أدى إلى انعدام الثقة بين تركيا والسويد، إذ لا يتردد السياسيون السويديون في الدفاع علانية عن توجهات التنظيم الأرهابي.

أما بالنسبة إلى فنلندا فأنه على الرغم من أنها لا تقدم دعمًا بشكل مباشر، ولا تعترف مباشرة بأن تنظيم PKK تنظيم إرهابي، إلا أنها تقر ذلك ضمنيا وفقا لقرارات الاتحاد الأوروبي الصادرة بحقه، والتي تصنفه على أنه تنظيم إرهابي، ولكنها تغض النظر عن الدعم المالي الفردي المقدم لهم.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد خلال مؤتمر صحفي في ختام قمة الـ”ناتو” في مدريد، في 4 تموز/يوليو الماضي، أن مذكرة التفاهم مع فنلندا والسويد انتصار دبلوماسي لتركيا، لافتاً إلى أن البلدين “عليهما الإيفاء بوعودهما قبل إرسال المذكرة إلى البرلمان التركي”.

ومنتصف آذار/مارس الماضي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدء البرلمان التركي عملية الموافقة على بروتوكول انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي الـ”ناتو” بدون السويد، لافتاً إلى أن فنلندا ستفي بالتزاماتها بموجب الاتفاقية الثلاثية التي تم توقيعها سابقاً.

زر الذهاب إلى الأعلى