تقاريرهام

قطر والأزمة الروسية الأوكرانية.. دور إنساني بارز وجهود لإنهاء الحرب (تقرير)

بات من الواضح للكثيرين أهمية الدور الذي تلعبه دولة قطر ومساعيها لإيجاد الحلول من أجل إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، فضلا عن أهمية الدور القطري الهام في مجال دعم أوكرانيا إنسانياُ.

ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022، أكدت دولة قطر وعلى لسان مسؤوليها، أنها تتابع بقلق بالغ التصعيد العسكري في أوكرانيا، مشددة على أهمية احترام سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها في حدودها المعترف بها دوليا، وانتهاج الحوار سبيلا لحل الأزمة.

وعقب اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، سارعت الدبلوماسية القطرية للتأكيد على على ضرورة الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والمبادئ الراسخة للقانون الدولي، بما فيها الالتزامات بموجب الميثاق بتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، والامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها، والالتزام بسيادة واستقلال الدول وسلامتها الإقليمية، في رسالة صريحة وواضحة لروسيا لوقف انتهاكاتها، وفق مراقبين.

وكان من اللافت، وعقب اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، دعوة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لجميع الأطراف إلى “ضبط النفس، وحل الخلاف عبر الحوار والطرق الدبلوماسية، وعدم اتخاذ ما من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد”.

ومنذ لحظة اندلاع الحرب ضد أوكرانيا، وجدت قطر نفسها على وجه الخصوص تحت الأضواء الدولية، في حين لفت مراقبون الانتباه إلى أن “التأثير المحتمل لحرب أوكرانيا على العلاقات الروسية القطرية كان له أهمية خاصة، حيث أظهرت قطر بشكل أكثر صراحة موقفها من خلال إدانة الإجراءات الروسية وإظهار دعم أوكرانيا”.

وبسبب الدعم القطري لأوكرانيا، رجّح محللون ومراقبون عدداً من السيناريوهات، كان من أبرزها “حدوث شرخ في العلاقات بين قطر وروسيا بسبب المنافسة الاقتصادية الناشئة بين الدولتين، بعد أن أصبحت قطر واحدة من أفضل الأبواب أمام أوروبا لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي”.

وبعد مرور نحو عام ونصف على اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، جددت دولة قطر التأكيد على مواصلة دعمها وخصوصاً الدعم العسكري، حيث أعلنت، الجمعة 28 تموز/يوليو 2023، عن تقديم مساعدات إنسانية لأوكرانيا بقيمة 100 مليون دولار، وذلك خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، إلى كييف.

ولم يقتصر الأمر على المساعدات الإنسانية فقط، بل اتفقت قطر وأوكرانيا على تأسيس مجموعات عمل بينهما للتنسيق حيال الدعم المقدم من دولة قطر، بالإضافة إلى آخر مستجدات الأزمة الروسية الأوكرانية وسبل حلها سلميًا، كما تم تبادل الآراء بشأن تجديد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود، ولك خلال اجتماع ضم وفدً قطريا برئاسة الشَّيخ محمَّد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة، أمس، مع دينيس شميهال رئيس الوزراء في أوكرانيا، في العاصمة الأوكرانية كييف.

وحول أهمية الدور القطري في الأزمة الروسية الأوكرانية، أوضح المحلل السياسي المقيم في أوكرانيا منتصر البلبل لـ”وكالة أنباء تركيا”، أن “دور قطر ينحصر في عمل إنساني فقط لا غير ولا يخفى على أحد المصالح التي تسعى قطر ضمانها في أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، وخاصة سيكون هناك حركة إعمار كبيرة وبالتالي قطر تفكر على المدى البعيد وتريد أن يكون لها نصيب من هذا”.

واعتبر أن “قطر لا تريد معاداة أي طرف فلا ظروفها ولا مكانتها العالمية تسمح بذلك، لذا اتجهت قطر لتقديم الدعم الاقتصادي والمالي”.

ورأى أن “نهاية الحرب هي بيد أوكرانيا  وشعبها وجيشها فقط عندما يسترجعون أراضيهم المحتلة من قبل الروس”، مشيراً إلى أنه يمكن أن يكون هناك دعما عسكرياً وسياسياً لأوكرانيا ولكن ذلك الأمر يتعلق بما تخطط له قيادات أوكرانيا مع الدول العربية وأمريكا والدول الداعمة لأوكرانيا، وفق تعبيره.

وذكر أن المساعدات القطرية المقدمة بقيمة 100 مليون دولار وبحسب مسؤولين أوكران، “سوف يتم استخدامها لاستعادة الرعاية الطبية والتعليم وإزالة الألغام للأغراض الإنسانية، وغيرها من المشاريع الاجتماعية والإنسانية الهامة”.

ووسط كل ذلك، تمتاز دولة قطر بمكانة عالمية هامة، خصوصاً وأن واشنطن وصفت دولة قطر بأنها “حليف رئيسي من خارج الـ (ناتو)”، وها لأمر يجعل الدول تهتم بالمحافظة على مستوى العلاقات مع قطر، كما أن ذلك يعطي قطر قوة أكبر في التدخل بكثير من الملفات ليكون لها دور مفصلي وهام ومن تلك الملفات ملف الأزمة الروسية الأوكرانية.

وفي هذا الجانب قال عبد الناصر حوشان المهتم بالشأن الإنساني والقانوني الدولي لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “المساعدات الانسانيّة هي بوابة الدول لتحقيق إنجازات ومكاسب سياسية على المستوى الدولي، وخاصة في مناطق النزاعات التي تفتح الأمم المتحدة أبواب تقديم المساعدات، سواء عن طريق قرارات مجلس الأمن أو من خلال الالتزامات التي تفرضها الاتفاقيات الدولية”.

وأضاف أن “تقديم المساعدات الإنسانيّة هو بوابة الدول للتدخل في شؤون الدول الأخرى التي تشهد نزاعات مسلحة دولية أو داخلية، باعتبار أن هذه النزاعات هي المبرر القانوني للتدخّل الإنساني، فمن الدول من يتدخل لصالح أحد الأطراف، ومنهم من يتدخل ضد أطراف أخرى وهذا الأمر ينسحب على سورية وأوكرانيا والسودان واليمن وليبيا وغيرها من مناطق النزاع”.

وتابع “من المعروف أن قطر تعتبر من الدول الرائدة في مجال الدعم والغوث الإنساني في العالم، سواء في زمن النزاعات أو خلال الكوارث الطبيعية”.

ويرى مراقبون أن “قطر ترغب وبقوة في البقاء لاعبًا دبلوماسيًا رئيسيًا وصديقا للجميع، إن أمكن، وكجزء من هذه السياسة، طورت قطر علاقات سياسية مع الولايات المتحدة وإيران وحركة طالبان ومجموعة من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية الأخرى، لذلك، فإنها ستواصل اتباع هذا السلوك للحفاظ على العلاقات مع روسيا، حتى في وقت النزاع”، وفق وجهة نظرهم.

وكالة أنباء تركيا

وكالة إخباريــة تركيــة ناطقــة باللغــة العربيــة.
زر الذهاب إلى الأعلى