“نجاح جديد للدبلوماسية القطرية”.. بهذه الكلمات عبّر مراقبون وإعلاميون عن إشادتهم بالدور الذي لعبته قطر بتيسير الحوار بين أمريكا وإيران، لإطلاق سراح عدد من السجناء وإنشاء قناة مصرفية تعالج عدداً من المسائل المتفق عليها بين الطرفين.
وأكد مراقبون أنه “كان لقطر دوراً حاسما للدفع نحو هذا الاتفاق بين طهران وواشنطن، فكانت بمثابة مُيسر حيوي ووسيط دولي موثوق بين الطرفين”، حسب وصفهم.
وحرصت قطر وبناء على توجيهات الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد، وانطلاقا من إيمانها بضرورة حل الخلافات بالطرق السلمية والدبلوماسية والحوار لفض النزاعات الدولية، على بذل كل الجهود اللازمة لإنجاح المفاوضات، وذلك من خلال تكثيف زيارات المسؤولين القطريين إلى واشنطن وطهران لنقل رسائل وتقريب وجهات النظر وتقديم المبادرات الإيجابية للطرفين، وفق المراقبين.
ورأت صحيفة “الشرق” القطرية في مقال رأي نشرته، في 12 آب/أغسطس الجاري، أن “الاتفاق بين أمريكا وواشنطن، والذي يعكس ثقة الطرفين في دولة قطر كوسيط محايد وشريك دولي موثوق في مجال فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية، ليس سوى خطوة أولى من شأنها أن تعطي الكثير من الزخم الإيجابي للجهود القطرية المستمرة في العديد من الملفات العالقة بين البلدين، وتزيد التفاؤل بإمكانية نجاح هذه الجهود في الوصول إلى المزيد من التفاهمات بين واشنطن وطهران وفي مقدمتها العودة إلى الاتفاق النووي، تعزيزا للاستقرار في المنطقة”.
وحول ذلك، قال الناشط السياسي توفيق الجزائري لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه “في السياسة لا بدّ أن يكتمل فيها الشروط لنكون رجلاً سياسياً ورجلاً يدعو إلى الخير، وكما نعلم فإن قطر ومن قبل كانت وسيط خير بين كثير من الدول، بل دعت الكثير من الدول التي كانت تعاني من المشاكل إلى الدوحة لعرض هذه المسائل الخلافية لإيجاد الحلول لتلك المشكلات، ومن أجل ذلك أطلق على دولة قطر لقب كعبة المظلوم”.
وأضاف “إيران دولة جعلت نفسها قوية ومتمردة على القانون العالمي والسيادة العالمية بأوراق منها الأسلحة النووية وهذا خطر على الدول العظمى، والمتمرد لا يوجد له حلول إلا أن يكون الوسيط هو وسيط خير، وكما نعلم أن قطر وإيران بينهما اتفاقيات اقتصادية وتجارية، كما أن إيران لا تثق بكثير من الدول باستثناء دولة قطر بسبب العلاقات الودية بينهما”.
ورأى الجزائري أن نجاح الاتفاق يعود إلى “ذكاء وخبرة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وابنه الشيخ تميم حفظهما الله، والعمل على التقارب بين قطر وإيران لأنه يخدم مصالحهما التجارية والاقتصادية والسياسية، إضافة للمصالح الدولية والحدودية”.
وختم الجزائري قائلا “كل ما كنت ذكيا ومتسامحا ولا تحب التدخل في شؤون الدول الأخرى، كنت وسيط خير في أي من المجالات”، في إشارة إلى دولة قطر، حسب تعبيره.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إن “الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق مع إيران لإطلاق سراح 4 أميركيين وإلغاء تجميد أموال لطهران، كما سيتضمن إلغاء تجميد نحو 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني”.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد “أفرجت إيران، الخميس، عن 4 أميركيين من السجن ووضعتهم رهن الإقامة الجبرية، وفق ما أفادت به عائلة أحدهم، مما يثير الآمال في التوصل إلى اتفاق يسمح لهم بمغادرة البلد”.
ونقلت شبكة CNN الأمريكية عن مصدر مطلع على المفاوضات التي جرت بين واشنطن وطهران برعاية قطرية، أن “الخطوط العامة لخريطة طريق الاتفاق بدأت تتبلور في الدوحة منذ حوالي ستة أشهر، وفي يوم الخميس الماضي، أسفرت تلك الجهود المكثفة عن أولى بوادر الاتفاق، عندما أفرجت إيران عن أربعة أمريكيين كانوا محتجزين في سجن إيفين سيء السمعة ونقلتهم إلى الإقامة الجبرية”.
ولفت إلى أن “أياً من المحادثات لم يتم في اجتماعات وجهاً لوجه بين الولايات المتحدة وإيران على مدار أكثر من عام من الاجتماعات المتقطعة في الفنادق في العاصمة القطرية”.
وأضاف “كانت المحادثات غير المباشرة جزءاً من عملية استمرت عامين، وأدت إلى الاتفاق الذي تم الإعلان عنه هذا الأسبوع، وهو اختراق دبلوماسي بين الدولتين”.
من جانبه، قال الناشط السياسي مصطفى النعيمي لـ”وكالة أنباء تركيا”، “أعتقد أن القناة المصرفية المراد إنشاءها الغاية منها استثمار الدور القطري أمريكيا كأحد المسارات التي تعتمدها الولايات المتحدة في تحقيق أعلى المكتسبات التي تصب في خدمة السياسة الخارجية الأمريكية، وبقائها كقطب حاكم للعالم وداعم لحلفائها في التصدي لخصوم الولايات المتحدة المباشرون، وبوسائل تعتمد على سياسة العصا والجزرة في آن معا، وذلك لتحقيق أعلى المكتسبات من كافة المسارات التي تخدم الولايات المتحدة”.
وتابع “أعتقد بأن دور قطر كوسيط سينجح إلى حد كبير، نظرا لأن لديها تجارب كبيرة في قضايا الوساطات، وأثبتت نجاحات هامة في تلك المسارات لا سيما المباحثات بين طالبان والولايات المتحدة الذي من المحتمل أنه سيكتب لقطر النجاح”.
وزاد قائلاً “أما عن الدلالات، فأعتقد أن قطر خاضت الكثير من التجارب في تقريب وجهات نظر الفرقاء، وكان لها دور كبير في ضبط الكثير من الأزمات حول العالم، وذلك من خلال استثمار نفوذها السياسي والاقتصادي اللذان حققا لها مكانة كبيرة في المراحل السابقة، ونتائجها انعكست إيجابا على فتح مسارات حلول موازية يعود ريعها على تحقيق الأمن والسلام العالميين”.
وحسب تقارير إعلامية أميركية، اتفقت واشنطن وطهران على تبادل العديد من المواطنين الإيرانيين المحتجزين في الولايات المتحدة بخمسة أميركيين محتجزين في إيران، وحصول الأخيرة على 6 مليارات دولار من عائدات النفط المجمدة.
وذكرت التقارير أنه بموجب الاتفاق، سيُرفع الحظر عن الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية، وستُحوّل إلى قطر، مضيفة أن الحكومة القطرية “هي التي ستتحكم بالأموال”، وأن إيران لديها فقط إمكانية الوصول إلى المال لدفع مستحقاتها مقابل الإمدادات الإنسانية، مثل الأدوية والغذاء.
اقرأ أيضا.. قطر: لعبنا دورا محوريا بين طهران وواشنطن لإطلاق السجناء وإنشاء قناة مصرفية