مدونات TRهام

تجريم الكراهية والعنصرية في القانون التركي والقانون الدولي (مدونة)

يوقول تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كلكم من آدم، وآدم من تراب).

وعلى هذا لا يمكن في حال من الأحوال اعتبار العنصرية والتمييز بين البشر مجرد وجهة نظر لأن الناس إخوة أشقاء، لعائلة واحدة، أبوهم آدم وأمهم حواء، وخاصة بين الأتراك والعرب لما يجمع بينهم من الدين ووحدة المصير، وتابعيتهم جميعا إلى الدولة العثمانية ثمانية قرون/ جعلت منهم أشقاء وعائلة واحدة، لذلك لا يمكن اعتبار خطاب الكراهية بين البشر رأياً والسياسة يجب ألا تبيح التحريض على جرائم الكراهية والتمييز العنصري، لأنها مجرمة قانونا، ولا تعتبر الحرية استباحة لكلِّ شيء.

تعريف العنصرية

العنصرية هي الاعتقاد أن هناك فروق وعناصر موروثة بطبائع الناس أو قدراتهم وعزوها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما، وتبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف سياسياً، قانونياً، اجتماعياً، مثلما فعل الحزب النازي في ألمانيا حيث ابتدع فكرة سمو العِرق الآري على باقي الأعراق والأجناس البشرية.

وقد عرفها البعض بأنها تعصب فرد أو فئة من الناس لجنس أو عرق أو قبيلة أو عشيرة أو دين أو طائفة أو معتقد أو حتى لونبشرة ما ينجم عنه ازدراء او اضطهاد لفئات أخرى بدون وجه حق أو سبب واضح سوى أنها تختلف عنه في جنسها أو عرقها أوطائفتها أو لون بشرتها.

وقد سادت العنصرية في أمريكا بعد الحرب الأهلية الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر، فظهرت قوانين عنصرية تدعم سيطرةالبيض على الزنوج في مجالات الإسكان والتعليم والوظائف ووسائل النقل والأماكن الترفيهية، كما سادت في ألمانيا إبان حكمالنازية وفي جنوب أفريقيا وفي الهند حاليا والصين أيضا ضد الإيغور المسلمين.

تابعنا في فيسبوك:

خطاب الكراهية والعنصرية

لم يعد الوضع في تركيا شأناً محلياً، فحسب، لأن تركيا اليوم أصبحت دولة عظمى فيها من كل الإثنيات والأعراق والأديان وهي تكبر وتنمو يوما بعد بتلك الإثنيات ومقدراتها وكفاءاتها، و‏خطابُ التمييز والكراهية والعنصرية الذي يضخه طرف ما، لا يخرج عن دائرة جرائم جنائية خطيرة في القانون التركي ويندرج ضمن دائرة الاشتراك الجرمي في التحريض على جرائم القتل العمد الخطيرة التي وقعت، والتي يمكن أن تقع مستقبلا في عموم تركيا لا سمح الله ويذهب ضحيتها شبان أبرياء، من الأتراك وغيرهم.

تجريم العنصرية

المادة العاشرة من الدستور التركي تحدثت مبدأ المساواة أمام القانون، حيث نصت على أن الجميع سواسية أمام القانون، دون أي تمييز على أساس اللغة أو العرق أو اللون أو الجنس، أو الفكر السياسي أو المعتقد الفلسفي أو الدين أو المذهب أو أسباب مماثلة.

كما لا يجوز التمييز بين الأشخاص من جهة العرق أو اللغة أو الدين أو الطائفة أو الجنسية أو اللون أو الجنس، أو الأفكار أوالأفكار السياسية أو المعتقد الفلسفي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو المولد، أو الجانب الاقتصادي أو المناصب الاجتماعية.

المادة 216 من قانون العقوبات التركي نصت على جرائم ضد السلم العام – إثارة الكراهية أو إذلال الجمهور على النحو التالي:

المادة 216 – فقرة (1)

الشخص الذي يحرض علانية شريحة من السكان ذات خصائص مختلفة من حيث الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو المذهبأو المنطقة على الكراهية والعداء لشريحة أخرى، في حالة وجود خطر واضح ووشيك على الجمهور و الأمن يعاقب عليه بالسجنلمدة تصل إلى ثلاث سنوات.

(2) يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة الشخص الذي يشوه علنًا قسمًا من الجمهور على الطبقة الاجتماعية أوالعرق أو الدين أو الطائفة أو الجنس أو المنطقة.

(3) يعاقب بالسجن لمدة تتراوح من ستة أشهر إلى سنة إذا كان هذا الشخص يشوه علنًا القيم الدينية التي يتبناها قسم من الجمهور، إذا كان الفعل مفضًيا إلى انتهاك السلام العام.

العنصرية في القانون الدولي

الأمم المتحدة كافحت العنصرية، حيث نصت المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (عام 1948) على أن:

“لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنسأو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر”.

وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2106 ألف (د-20) المؤرخ في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965،

تم اعتماد “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” حيث عرفّت المادة 1 منها “التمييز العنصري”:

أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يستتبعتعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسيأو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.

وحسب المادتين 2 و3 من تلك الاتفاقية تعهدت كل دولة طرف بعدم إتيان أي عمل أو ممارسة من أعمال أو ممارسات التمييز العنصري ضد الأشخاص أو جماعات الأشخاص أو المؤسسات، وبضمان تصرف جميع السلطات العامة والمؤسسات العامة، القومية والمحلية، طبقا لهذا الالتزام، كما تعهدت بمنع وحظر واستئصال العزل العنصري والفصل العنصري في الأقاليم الخاضعة لولايتها.

أما المادة 4 فاعتبرت كل نشر للأفكار القائمة علي التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصريوكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل أثني آخر، وكذلككل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها، جريمة يعاقب عليها القانون.

في حين عددت المادة 5 الحقوق الواجب توفيرها لكل إنسان دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي، ومنها:

  1. المساواة أمام القانون.
  2. الحق في الأمن على شخصه.
  3. الحق في حماية الدولة له من أي عنف أو أذى بدني.
  4. الحق في حرية الحركة والإقامة داخل حدود الدولة.
  5. الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده.
  6. الحق في الجنسية.
  7. حق التزوج واختيار الزوج.
  8. حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين.
  9. حق الإرث.
  1. الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين.
  2. الحق في حرية الرأي والتعبير.
  3. الحق في حرية الاجتماع السلمي وتكوين الجمعيات السلمية أو الانتماء إليها.
  4. الحق في العمل والحماية من البطالة، والحق في السكن.
  5. حق التمتع بخدمات الصحة العامة والرعاية الطبية والضمان الاجتماعي والخدمات الاجتماعية.
  6. الحق في دخول أي مكان أو مرفق مخصص لانتفاع سواد الجمهور، مثل وسائل النقل والفنادق والمطاعم والمقاهي والمسارح والحدائق العامة.

أما الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها التي أُعتمدت وعرضت للتوقيع بموجب قرار الجمعية العامة  للأمم المتحدة 3068 (د-28) المؤرخ في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1973،

فقد اعتبرت المادة 1:

أن الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية، وأن الأفعال اللاإنسانية الناجمة عن سياسات وممارسات الفصل العنصري وما يماثلها من سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصريين، والمعرفة في المادة الثانية من الاتفاقية، هي جرائم تنتهك مبادئ القانون الدولي، ولا سيما مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين.

لذلك وحسب مواثيق الأمم المتحدة فإن أي شخص عبر حدود بلده إلى بلد مجاور هرباً من خطر التعرض لضرر في بلده الأصلي يعتبر لاجئاً حتى قبل حيازته صفة اللجوء في البلد الذي داس ترابه، مما يقتضي وجوب ترتيب وضعه بشكل قانوي.

خالد شبيب

أستاذ الاقتصاد في المجلس العام للمؤسسات والبنوك الإسلامية
زر الذهاب إلى الأعلى