
بذكرى وفاته الـ 457.. سليمان القانوني أحد عظماء المسلمين (تقرير)
تصادف الأربعاء الذكرى السنوية الـ 457 لوفاة السلطان سليمان القانوني
أطلق عليه خصومه لقب “سليمان العظيم”، فيما أطلق عليه أحبابه لقب “سليمان القانوني”، هو السلطان سليمان القانوني أبرز سلاطين الدولة العثمانية وأطولهم مكوثا في الحكم، وأحد عظماء التاريخ الإسلامي.
حكم سليمان القانوني مدة 46 عاما، انتهت بوفاته في 6 أيلول/سبتمبر عام 1566م، وكان عمره 71 عاماً.
في عهده بلغت الدولة العثمانية في عهده ذروة قوتها زذروة ازدهار مؤسساتها، كما عُرف عنه حكمته وعدله حتى مع رعاياه من غير المسلمين.
مولده
ولد السلطان سليمان القانوني في مدينة طرابزون (شمال شرقي تركيا حاليا)، حيث كان والده آنذاك واليا عليها.
اهتم به والده اهتماماً عظيما، فنشأ محبا للعلم، والأدب، والعلماء، والأدباء، والفقهاء، واشتهر منذ شبابه بالجدّية، والوقار.
سليمان القانوني وهو السلطان العثماني العاشر، ولد عام 1494م، اعتلى على العرش بعد وفاة والده السلطان سليم الأول عام 1520م، وهو ابن 26 عاما.
تعج سيرة السلطان سليمان القانوني بإنجازات وأحداث مثيرة، ما بين الحروب والفتوحات والهيكلة الاجتماعية القوية، إذ قاد في عهده 13 حملة عسكرية كبيرة، استطاع خلالها أن يضم للدولة العثمانية جزيرة رودس (جزء من اليونان حاليا) وأجزاء من بلاد فارس (إيران حاليا)، وشمالي إفريقيا، ومناطق واسعة من جنوب شرقي أوروبا.
كما هيمنت أساطيل السلطان سليمان القانوني على البحر الأبيض المتوسط.
وإلى جانب الحملات العسكرية، قام السلطان سليمان القانوني بالعديد من الإصلاحات في الدولة وخاصة تلك المتعلقة بالضرائب، فجعل الضرائب متفاوتة حسب دخل الأفراد.
كما أسس نظاما إداريا وقانونيا عادلا يحمي مصالح المواطنين المسيحيين واليهود تحت ظل الدولة العثمانية.
وفاته
عام 1566م، قاد السلطان السلطان سليمان القانوني حملة عسكرية متجهة إلى المجر، وعلى الرغم من انتصار العثمانيين في معركة سيكتوار، إلا السلطان لم يشهد الانتصار.
توفي السلطان سليمان القانوني بصورة طبيعية، في 6 أسلول/سبتمبر عام 1566م، أثناء حصار حصن سيكتوار في المجر.
قبره
يعتقد العلماء أن قلب السلطان سليمان وأعضاءه الداخلية دفنت في المجر، بينما عاد جسده إلى إسطنبول، حيث دفن في مسجد السليمانية الشهير المطل على مضيق البوسفور في إسطنبول.
ووفقاً لكتابات المؤرخ والمستكشف العثماني أوليا جلبي، فقد أزيل قلب السلطان سليمان وكبده وأمعاؤه، ودفنت في خيمته بجوار حصن سيكتوار في المجر.
ويقول جلبي إن بسبب القيام بذلك هو تعذر نقل جسد السلطان كاملا مع ارتفاع درجة الحرارة طول الطريق، الأمر الذي كان سيؤدي إلى مشكلة كبرى.
بنى العثمانيون مدينة مُحيطة بمكان دفن أحشاء السلطان سليمان القانوني، وذلك خلال سبعينات القرن السادس عشر، أثناء الحكم العثماني للمجر، وسميت مدينة توربك، إلا أن المنطقة دُمرت بالكامل عندما سيطرت هابسبورغ (العائلة الملكية في النمسا) على المنطقة نهاية القرن السابع عشر.
لكن ومن أجل معرفة مكان دفن قلب وأحشاء السلطان سليمان، موّلت الحكومتان التركية والمجرية عام 2014 مشروع البحث الذي قاده الدكتور نوبرت باب، رئيس قسم الجغرافيا السياسية والدراسات الإقليمية والتنموية في جامعة “بيتش” المجرية.
واعتمد المشروع على فحص الوثائق والخرائط القديمة، واستخدام المحاكاة الإلكترونيةفي إعادة تصور المكان.
وبعد فترة من الدراسة والبحث، وصل الفريق العلمي المتخصص إلى المكان فوق إحدى التلال.
وعندما بدأ فريق البحث بالحفر في قمة مزرعة للكرم بالقرب من قرية توبريكبوستا، وجدوا بلاطا عثمانيا وضالتهم.
جسد السلطان سليمان المفرغ من أحشائه مدفون في إسطنبول في ضريح قرب مسجد السليمانية، الذي بناه المعماري العثماني سنان في القرن السادس عشر الميلادي، واستغرق بناؤه 7 أعوام.
بعض أقوال العلماء والمؤرخين في السلطان سليمان القانوني
ابن العماد في كتابه “شذرات الذهب في أخبار من ذهب” في وصف القانوني، يقول “ولي السلطنة بعد وفاة أبيه السلطان سليم خان في سنة ست وعشرين وتسعمائة، وجلس على تخت السلطنة وما دُمي أنف أحد ولا أُريق في ذلك محجمة من دم، ومولده الشريف سنة تسعمائة، واستمر في السلطنة تسعاً وأربعين سنة، وهو سلطان غاز في سبيل الله، مجاهد لنصرة دين الله، مرغم أنوف عداه بلسان سيفه وسنان قناه”. وأكل قوله فيه: “وكان مؤيداً في حروبه ومغازيه، مسدداً في آرائه ومغازيه، مسعوداً في معانيه ومغانيه، مشهوداً في مواقعه ومراميه، أيَّان سلك ملك، وأنى توجه فتح وفتك، وأين سافر سفر وسفك، وصلت سراياه إلى أقصى الشرق والغرب، وافتتح البلدان الشاسعة الواسعة بالقهر والحرب، وأخذ الكفار والملاحدة بقوة الطعان والضرب، وكان مجدد دين هذه الأمة المحمدين في القرن العاشر (الهجري)، مع الفضل الباهر والعلم الزاهر والأدب الغض الذي يقصر عن شأوه كل أديب وشاعر، إن نظم نضد عقود الجواهر أو نثر آثر منثور الأزاهر أو نطق قلد الأعناق نفائس الدر الفاخر، له ديوان فائق بالتركي، وآخر عديم النظير بالفارسي تداولهما بلغاء الزمان وتعجز أن تنسج على منواله فضلاء الدوران.. وكان رؤوفاً، شفوقاً، صادقاً، صدوقاً، إذ قال صدق، وإذا قيل له صدق لا يعرف الغل والخداع، ويتحاشى عن سوء الطباع، ولا يعرف المكر والنفاق، ولا يألف مساوئ الأخلاق، بل هو صافي الفؤاد، صادق الاعتقاد، منور الباطن، كامل الإيمان، سليم القلب، خالص الجنان”.
القاضي شمس الدين بن إسماعيل بن عبد الصمد الموزعي اليمني، في كتابه المسمى “الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل عدالة آل عثمان” يقول “وصادف انقسام المملكة في اليمن، وصول خبر مولانا السلطان سليمان خان، تغمده الله بأذكى الرحمة والرضوان، وبل ضريحه بوابل المغفرة والغفران، وحف روضته بروائح الروح والريحان”.
عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي العاصمي المكي، في كتابه “سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي”، يقول “سلك طريق المعدلة وجادة الإنصاف، وتفقد أحوال الرعايا والعساكر، ورفع الظلم والاعتساف، وأعرض عن المنهيات، وله خيرات لا تحصى معروفة في الآفاق، وفتوحات وغزوات، رفعت أهل الإيمان، وخفضت أرباب الشقاق والنفاق، منها انكروس ورودس وبُدن وبلغراديج وغزوة العجم وألمان وأولونية وبغداد وإسطنبول والستوراغون وسكتوار آخر غزواته”.