كاتب قطري ينتقد بشدة سياسة الكيل بمكيالين تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة
انتقد رئيس تحرير صحيفة “العرب” القطرية الصحفي والكاتب القطري فالح الهاجري سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر ضد المدنيين في قطاع غزة، مشددا أن “هذه السياسة وازدواجية المعايير كشفتها أحداث غزة وفلسطين الأخيرة، كما كشفتها عديد المواقف التي تخص قضايا شعوبنا العربية والإسلامية في سوريا واليمن والعراق وأفغانستان وميانمار والصومال والسودان وليبيا وغيرها”.
كلام الهاجري جاء في مقال نشره في صحيفة “العرب” القطرية، الخميس.
وجاء في المقال:
راسخة في الوجدان الشعبي العربي والإسلامي، ومتربعة على قمة القضايا الإنسانية، وأنشودة الصباح وحديث المساء في كل يوم عاشه العرب من بدايات النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948م وحتى الآن، إنها قضية فلسطين؛ قضية صمود وتحد وفداء من شعب كابد الأمرين في تاريخ كفاحه الطويل أمام خيبات وصمت وخذلان عربي وعالمي في غالبه في كثير من محطاته التاريخية أمام الهجمة الممنهجة الشرسة من عدو استيطاني لا يعرف معنى الرحمة، ولا طريقا للإنسانية، ولكن ليست هنا الطامة فحسب، بل في الاصطفاف الدولي، وسياسة الازدواجية في المعايير، وخاصة لدى حكومات الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي خلف إسرائيل، وهي الراعية «بالمفهوم الدستوري» لمبادئ حقوق الإنسان، وحتى حقوق الحيوان وحماية البيئة، ولكن نجدها مع أحداث غزة تندد وتهاجم أهل غزة، وحركات المقاومة الفلسطينية فيها، معتبرة إياها أساس الفوضى والخراب، وعدم الاستقرار، ونشر الإرهاب.
منذ اللحظة الأولى للأحداث في غزة كشفت السياسة الغربية، وحتى من بعض الحكومات العربية عن موقفها المؤسف في الاصطفاف مع تل أبيب وتشجيعها على التدمير والانتقام، ورد الصاع صاعين، وإعطاء شرعية للمجازر، والعقاب الجماعي من حصار وتجويع وقصف وقطع للكهرباء والماء تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير سكان غزة من مدينتهم إلى المجهول. إذ أقرت الإدارة الأمريكية على الفور تخصيص مبالغ تجاوزت ثماني مليارات دولار لإسرائيل وأرسلت حاملة طائراتها «فورد» لساحل المتوسط، وعدد من البوارج والطائرات والمسيرات، والذخائر، لتبدأ إسرائيل بحملتها التدميرية البرية والبحرية والجوية ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة ومناطق من الضفة الغربية.
وحين يرفع وزير الدفاع الإسرائيلي صوته بالقول: «نحن نقاتل حيوانات بشرية في غزة»، ويقول رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو: «ما تشهده غزة من عقاب لن تنساه الأجيال لعقود. وسنحوّل غزة إلى خرابة»، ما هو إلا بضوء أخضر أمريكي وأوروبي ومن بعض الحكومات العربية، لارتكاب المزيد من الجرائم، وتركيع الشعب الفلسطيني الصامد في مدنه وقراه ومخيماته.
«شعب الله المختار»!
تبنت السياسة الأمريكية التي خرج المتحدث باسمها يتباكى على شاشة التلفاز متأثرا بالقتلى الإسرائيليين، وغير مكترث بعشرات وألوف الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل بحق شعب فلسطين، وكأن هؤلاء ليسوا بشرا، وأن أولئك كما يدّعون هم «شعب الله المختار»!، وحين يعتبر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس جو بايدن بأن: «حماس مثل تنظيم الدولة الإرهابي.. ومن حق إسرائيل كامل الرد»، هنا ندرك أنهم شركاء في الجريمة، كشفتهم غزة على حقيقتهم أكثر وأكثر، وليسوا حماة لحقوق وكرامة وحرية للإنسان.
ما حدث في غزة، ورد الفعل الفلسطيني في مهاجمة مستوطنات غلاف غزة، وضرب تل أبيب وعسقلان وأسدود وغيرها، ما هو إلا نتاج الحصار الطويل الذي زاد على سبعة عشر عاما على شعب غزة في بقعة جغرافية خانقة يعيش فيها مليونا إنسان، وما هو إلا رد على الانتهاكات المتكررة للمستوطنين وقوات الاحتلال بحق المسجد الأقصى، ومحاولاتهم تهويده وتهويد مدينة القدس، وتهجير سكانها العرب من بيوتهم، وما هو إلا رسالة من شعب مكلوم للعالم بأن لنا حقوقا اغتصبت طويلا، وبأننا شعب يستحق الحياة، وبأننا شعب يعيش تحت صلف عدو ينتهك حقوقنا ويدمر حياتنا ليل نهار.
الكيل بمكيالين
هذه سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير التي كشفتها أحداث غزة وفلسطين الأخيرة، كما كشفتها عديد المواقف التي تخص قضايا شعوبنا العربية والإسلامية في سورية واليمن والعراق وأفغانستان وميانمار والصومال والسودان وليبيا وغيرها، وهذا ما يُحتم علينا الوقوف مع الحق وقضية هذا الشعب وكل الشعوب التي تنتهك حقوقها ضمن المعايير القانونية، وحسب ما تقتضيه علينا قيمنا الأخلاقية والإنسانية والوجدانية.