تصدرت أخبار الوساطة القطرية لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة التي تتعرض وإتمام الصفقات في ما يتعلق بملف الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
مراقبون أكدوا أن الوساطة القطرية أثبتت أنها قادرة على تحقيق نتائج ملموسة، إلى جانب أنها مرضية للجانب الفلسطيني الذي يرى في دور الدوحة أنه “دور أساسي نحو الحلول في القضية الفلسطينية عامة وقضية (طوفان الأقصى) خاصة”.
وحظيت الوساطة القطرية وإطلاق سراح أسيرتين أمريكيتين كانتا لدى “حماس” بترحيب واسع من الدول العربية، فقد رأت معظم الدول العربية أن هذه التطورات تمثل إنجازاً كبيراً للوساطة القطرية، وخطوة مهمة في طريق تحقيق المصالحة الفلسطينية.
وثمّنت دول عربية وإسلامية الدور القطري والوساطة القطرية، في التهدئة في غزة وفي ملف الإفراج عن الأسرى لدى حركة “حماس”.
وأكد مراقبون، أن معظم الدول العربية والإسلامية تدعم الوساطة القطرية، ويرون أنها فرصة لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وتحسين الأوضاع في قطاع غزة، لافتين إلى موقف كثير من هه الدول ومن بينها ماليزيا التي كان لها موقف إيجابي من هذا الدور القطري، وفق المراقبين.
وأعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، إطلاق سراح محتجزتين أمريكيتين “استجابة لجهود قطرية ولدواع إنسانية”.
وأضاف أن “إطلاق سراح المحتجزتين جاء لنثبت للشعب الأميركي والعالم أن ادعاءات بايدن وإدارته الفاشيّة هي ادعاءاتٌ كاذبة لا أساس لها من الصحة”.
وعلق الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على إطلاق سراح الرهينتين، قائلا في بيان “لقد عانى مواطنونا من محنة مروعة خلال الأيام الـ 14 الماضية، وأنا أشعر بسعادة غامرة لأنهم سيجتمعون قريبا مع أسرهم التي مزقها الخوف”.
وشكر بايدن قطر “على شراكتها في العمل على إعادة الرهائن”.
كما وجه وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، شكره لدولة قطر، لوساطتها مع حركة “حماس” التي أدت إلى إطلاق سراح الأمريكيتين.
وقال بلينكن في بيان صحفي له “نشكر حكومة قطر على مساعدتها المهمة جدا في إطلاق الرهينتين الأمريكيتين… نقدر عاليا تلك المساعدة”.
من جانبه، أشاد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بجهود دولة قطر في الإفراج عن الرهينتين الأمربكيتين في غزة.
وقال سوناك في منشور على منصة “إكس” مساء الجمعة “إنني أرحب بالإفراج عن الرهينتين الأمريكيتين في غزة وأشكر قطر على قيادتها في هذه القضية”.
من ناحيته، رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالإفراج عن الرهينتين، مسلطا الضوء على دور قطر.
والخميس، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن “وساطة قطرية تسعى لإطلاق مزدوجي الجنسية، حيث من المرجح وجود 40 جنسية من الموجودين لدى حركة (حماس) في قطاع غزة ضمن ما لا يقل عن 199 أسيراً إسرائيلياً موجودين في غزة، بحسب تقدير مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي”.
وبيّنت الصحيفة أن “الإدارة الأميركية اتجهت، بناءً على قناعتها بعدم فعالية الحل العسكري، إلى الحل الدبلوماسي والمفاوضات غير المباشرة ولجأت في ذلك إلى دولة قطر للعب دور الوسيط، بناءً على علاقاتها الجيدة بحماس”.
والأحد، توجهت إلى مدينة العريش في مصر، طائرتان تابعتان للقوات المسلحة القطرية، تحملان 87 طنا من المساعدات الغذائية والطبية، مقدمة من صندوق قطر للتنمية، والهلال الأحمر القطري، تمهيدا لنقلها إلى غزة، حسب وكالة الأنباء القطرية “قنا”.
وتأتي هذه المساعدات في إطار مساندة دولة قطر للشعب الفلسطيني الشقيق، ودعمها الكامل له، خلال الظروف الإنسانية الصعبة جراء القصف الإسرائيلي الذي يتعرض له القطاع، حسب “قنا”.
ووسط كل ذلك تؤكد دولة قطر موقفها الثابت من إدانة كافة أشكال استهداف المدنيين، وأن قتل المدنيين الأبرياء وخاصة النساء والأطفال وممارسة سياسة العقاب الجماعي أمر غير مقبول تحت أي ذريعة.
ولاقت الوساطة القطرية ردود فعل عربية واسعة وتفاعلاً ملحوظاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي، معبّرين عن إشادتهم بهذه الوساطة.
وقال الناشط محمد شحات في منشور على حسابه في منصة “إكس”، إنه “بالرغم من حالة الغضب والشجب الشعبي لما يحدث في غزة اكتفى الحكام العرب كالعادة بسرد الشعارات الفضفاضة والحلول الاستراتيجية المعسولة دون أي موقف جاد”، مضيفا أنه “خلال الأسبوعين لم تسجل إلا وساطة قطرية للإفراج عن أسيرتين أمريكيتين مقابل إدخال عشرين شاحنة محملة بالمعونات الإغاثية”.
وأشاد مصطفى عاشور وهو صحفي ومذيع بقناة “الجزيرة مباشر” بالوساطة القطرية، لافتا إلى “مقدار الجهد المبذول من دولة قطر لخفض التصعيد وتخفيف الضغوط على أهل غزة والحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطيني قضية و شعبا، وحقه في أن يقاوم دفاعا عن أرضه المحتلة ونجاح هذا في التوصل للإفراج عن أربعة محتجزين”.
ولفت مراقبون الأنظار إلى أن “الوساطة القطرية التي أمنت إطلاق سراح أسيرتين أمريكيتين كانتا بحوزة حماس، دفعت دولا غربية إلى المسارعة إلى الدوحة من أجل طلب الوساطة لإطلاق سراح أسرى يحملون جنسياتها كانوا ضمن من أسرتهم الحركة خلال معركة طوفان الأقصى”.
وقال الباحث السياسي الفلسطيني جلال سلمي لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “مبادرات الوساطة باتت عنصرا راسخا ضمن مهام قطر وسلوكياتها في ربوع المعادلة الدولية، فالأمر لا يقف على ملف فلسطين بل هناك ملفات عدة لعبت فيها قطر دور الوسيط مما جعل اسمها ودورها مثبتين في هذا النطاق على صعيد ملف الأسرى ووقف إطلاق النار”.
وأضاف “لقطر علاقات متينة مع حركة حماس منذ فوز الحركة بالانتخابات التشريعية عام 2006، وفي ظل متانة العلاقة المتشابكة بين الطرفين تصبح قطر النافذة الدبلوماسية التي تحتاج حماس أيضا للتفاوض غير المباشر مع الأطراف الدولية”.
وحسب مراقبين، فإن “لقطر سجل هام في الوساطة الدولية، حيث وافقت روسيا على إعادة أربعة أطفال أوكرانيين إلى وطنهم، هذا الأسبوع، بوساطة قطرية بناءً على طلب أوكرانيا، وكذلك، كان لقطر أخيراً دور هادئ في إطلاق سراح رهينتين أميركيتين في أفريقيا، بما في ذلك راهبة وعامل إغاثة، وفقاً لمسؤول أميركي سابق مطلع على الجهود الدبلوماسية، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المفاوضات”، وفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وذكرت صحيفة “الشرق” القطرية أن “هذا الدور المهم للدبلوماسية القطرية ثمنه البيت الأبيض حيث تقدم أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي بالشكر لقطر على مساعدتها المهمة للغاية، موضحا تقدير واشنطن للأدوار القطرية في التهدئة والإفراج عن الأسرى، وبدوره أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن شكره وامتنانه لجهود الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، في المساعدة في تأمين إطلاق سراح مواطنتين أمريكيتين من قطاع غزة”.
الصحفي الفلسطيني إبراهيم المدهون قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “هناك رضا من قبل المقاومة الفلسطينية عن الدور القطري وتجاوبها كوساطة أولية اليوم في خضم المعركة رغم خطورة الأمر ورغم التهديدات الأمريكية”.
وتابع “حقيقة نجحت قطر بالتوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات الميدانية على إثرها كان هناك إطلاق محتجزتين أمريكيتين، وكان هناك لدى حماس استعداد أكبر لمنح قطر دور أوسع في ذلك لولا تعنت الاحتلال الذي لا يريد أن يمنح حماس صورة قيمية مشرفة أو صورة تفوق أخلاقي، ولهذا الاحتلال يرفض ويعرقل الدور القطري ويبدو أنه منزعج من الدور القطري”.
وأضاف “ورغم ذلك فإن قطر بسياستها وقدرتها على التشبيك مع الأطراف على رأسهم أمريكا وحماس وحتى أطراف داخل الاحتلال الاسرائيلي، قادرة على أن تُخرج معادلة مرضية ويمكن لها أن تلعب دور أكبر في المرحلة القادمة”.
وأكد أن “هناك تقصير عربي وإسلامي ويجب أن يكون لقطر ودول أخرى دور أكبر في إسناد الشعب الفلسطيني، والعمل على إجبار الاحتلال الإسرائيلي على إدخال المعونات وإدخال ما يحتاجه قطاع غزة”، مبينا أن “ما تم إدخاله يساوي نقطة في بحر احتياجات القطاع، ومن العار على اجميع أن تترك غزة وحيدة وأن تترك تُقتل وتجوّع وتُعطّش”.
ويرى مراقبون أنه من المتوقع أن تستمر الوساطة القطرية في المستقبل، على الرغم من التحديات التي تواجهها، وقد تؤدي الوساطة إلى تحقيق بعض التقدم، ولكن من غير المرجح أن تحل جميع الخلافات بين الفصائل الفلسطينية، لافتين إلى أن هذه التطورات أثبتت أن الوساطة القطرية قادرة على تحقيق نتائج ملموسة، وأنها تحظى بدعم الدول العربية، حسب تعبيرهم.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، تواصل إسرائيل شن عدوان مكثفة على المدنيين في قطاع غزة، مخلفة آلاف الشهداء والجرحى، إلى جانب تعمدها قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية.
وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، أطلقت “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري حيث اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة محققة نتائج ملموسة.