
لم تكن عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في عقر دار الاحتلال الإسرائيلي، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مجرد عملية عسكرية رابحة للمقاومة بل تخطتها إلى أبعد من ذلك، رغم تشكيك البعض بها وبنتائجها وأهدافها.
وفي هذا الصدد، يؤكد مراقبون ومحللون أن العملية كانت نوعية ومختلفة جدا عن العمليات الأخرى للمقاومة الفلسطينية خلال السنوات الماضية، واصفين العملية أنها كانت حدثًا تاريخيًا مهمًا في مسيرة الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، حسب تعبيرهم.
وجددت “طوفان الأقصى” إحياء الروح الوطنية الفلسطينية، وعززت الشعور بالوحدة بين الفلسطينيين، كما ساهمت في زيادة الوعي الدولي بالقضية الفلسطينية، وأسهمت في تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية، وجعلتها قوة عسكرية وسياسية لا يستهان بها، حسب محللين.
وقال المحلل السياسي محمد اليمني لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “عملية طوفان الأقصى كانت عملية نوعية مختلفة عن أي عملية أخرى تمت من قبل محور المقاومة في الأعوام السابقة، وذلك لعدة عوامل وعدة أسباب، إضافة إلى اختيار التوقيت المناسب لهذه العملية والتحضير والتخطيط المسبق لها، والتعاون الوثيق بين الحلفاء الاستراتيجيين للمقاومة”.
ولفت إلى أن “هذه العملية مهمة لعدة مراحل مقبلة سواء للجانب الإيراني أو حتى لمحور المقاومة في منطقة الشرق الأوسط”.
وتابع أنه “بالنسبة للسيناريوهات فهي ضيقة جدا في هذه المرحلة الحرجة، فالسيناريو الأبرز هو استمرار الحرب وإطالة أمد الحرب واتخاذ بعض الإجراءات الصارمة من الاحتلال في التصعيد والقصف وإنهاء البنية التحتية والدمار الشامل في قطاع غزة”، مشيرا إلى أن “الاحتلال ما زال يريد مزيدا من المكاسب ومزيدا من خسائر لدى المقاومة والمدنيين”.
وزاد موضحا أنه “رغم مرور أكثر من شهر على العملية لم تحقق إسرائيل أي إنجاز عسكري ملموس على أرض الواقع، ما يدل على أن إسرائيل في وضع مقلق كونها لم تحقق المراد المنشود وما تزال في نفق مظلم وما يزال نتنياهو يورط الإسرائيليين”.
ورأى أنه “ربما تكون هناك بعض المفاجآت وبعض المباغتات وخصوصا من جانب حزب الله أو إيران، ولكن بعد مرور نحو شهر لم نشهد أي تطورت على أرض الواقع للتخفيف من الضغط على القطاع من قبل الجانب الإيراني بل تم الاكتفاء بالتصريحات، في حين أن إسرائيل ما تزال تشعر أنه لا بد من الثأر من المقاومة ومن الفلسطينيين بسبب الاشتعال في الداخل الاسرائيلي، ولكن كل هذا سيعود بخسائر عسكرية كبيرة على الاحتلال”، حسب قوله.
وحسب المحللين، فإن فإن عملية “طوفان الأقصى” كانت نتاج تراكمات طويلة الأمد من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فمنذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، عاش الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى معاناة إنسانية واقتصادية كبيرة.
وقد أدت هذه المعاناة إلى ارتفاع منسوب الغضب الفلسطيني تجاه إسرائيل، مما أدى إلى اندلاع العديد من الحروب بين الطرفين، وفق وجهة نظرهم.
المحلل السياسي مأمون سيد عيسى، قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “عملية طوفان الأقصى لم تكن نتاج اللحظة الراهنة بل كانت تراكما لسنوات طويلة من القهر والحصار وعمليات الإبادة وانتهاك المقدسات وحقوق الشعب الفلسطيني”.
وأعرب عن اعتقاده أن “نتائجها ستكون كبيرة، وما بعد السابع من أكتوبر سيكون حتما مختلفا بشكل جذري عن ما قبله، ليس على مستوى القضية الفلسطينية بل أيضا على مستوى المنطقة المحيطة”.
وتابع أنه “بالنسبة لنتائج العملية على الصعيد الفلسطيني، نعتقد أن تحقيق أي مكاسب من العملية لقضية الشعب الفلسطيني يرتبط بقدرة الشعب الفلسطيني على الصمود وإفشال الأهداف الإسرائيلية من العملية، وعلى الدعم العربي وعلى الدعم الدولي الممكن حشده لتفعيل مشروع الدولتين كحل للقضية الفلسطينية”.
أمّا بالنسبة للسيناريوهات، فأوضح أنه “على مستوى المنطقة، نعتقد أن الأساطيل الغربية التي تم حشدها في المتوسط لن تقتصر مهامها على دعم العدوان الإسرائيلي على غزة وردع إيران وحزب الله عن التورط في الصراع بين إسرائيل وحماس، بل سيكون من مهامها بعد انتهاء حرب غزة ضرب أذرع إيران في المنطقة ودعم بناء ترتيبات أمريكية في المنطقة يمكن أن تصل إلى نظام إقليمي جديد، يأخذ بعين الاعتبار المحافظة على أمن الكيان الإسرائيلي”.
ووسط كل ذلك، تتمثل الخصوصية لما يجري في غزة من خلال:
الوضع الإنساني: إذ يعاني سكان غزة من أوضاع إنسانية صعبة للغاية، حيث يعيشون في قطاع محاصر منذ أكثر من 15 عامًا، ويعانون من نقص الغذاء والمياه والدواء والكهرباء.
التدخل الدولي: لم يصدر حتى الآن موقف واضح من المجتمع الدولي إزاء ما يجري في غزة، حيث تتردد الدول الكبرى في إدانة إسرائيل خشية الإضرار بعلاقاتها معها.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تواصل إسرائيل شن عدوان مكثفة على المدنيين في قطاع غزة، مخلفة آلاف الشهداء والجرحى، إلى جانب تعمدها قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية.
وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، أطلقت “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري حيث اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة محققة نتائج ملموسة.