تقاريرهام

أردوغان يزور الجزائر في ظل التوتر الإقليمي والعدوان الإسرائيلي على غزة (تقرير)

في ظل التوتر الذي تشهده المنطقة العربية والإسلامية بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي يحظى بدعم من بعض الدول الغربية والولايات المتحدة، يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجزائر، الثلاثاء، حيث سيلتقي نظيره الجزائري عبد المجيد تبون.

وتلقي هذه الزيارة الضوء على العلاقات الثنائية بين البلدين والتحديات الإقليمية التي تواجههما، حيث ينظر إلى الرئيسين أردوغان وتبون على أنهما من أبرز المعارضين للسياسات الإسرائيلية في المنطقة، مما يثير اهتمامًا دوليًا وقلقًا إسرائيليًا.

ووفقًا للمصادر الرسمية، تتناول الزيارة جوانب العلاقات الاقتصادية والتاريخية بين الجزائر وتركيا، وسبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، كما من المتوقع أن يبحث الرئيسان الوضع في فلسطين والموقف من العدوان الإسرائيلي، والذي يلقى رفضًا واسعًا في العالم الإسلامي.

وبحسب مراقبين، يمكن أن تشكل هذه الزيارة فرصة لتنسيق المواقف بين الجزائر وتركيا في مواجهة الصهيونية والتدخلات الخارجية في المنطقة، كما يمكن أن تعكس هذه الزيارة تضامنًا قويًا مع الشعب الفلسطيني وحقه في الحرية والاستقلال، في ظل تصاعد الأحداث وتدهور الأوضاع الإنسانية، وهذا ما يمثل تحديًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطًا داخلية وخارجية بسبب سياسته العدوانية، وفق تعبيرهم.

المحلل والمفكر الاستراتيجي الجزائري بودراع رضا، قال لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الزيارة تأتي في إطار ترقية العلاقات الثنائية إلى شراكات تصل لطابعها الاستراتيجي كالطاقة والسلاح والأمن والممرات البحرية”

وأضاف أن “ما يميز هذه الزيارة حالة التأزم الدولي تجاه ما يحدث في غزة، وتحاول كل من أنقرة والجزائر بناء موقف ديبلوماسي موحد يشكل وزنا يستقطب باقي الدول العربية والإسلامية خاصة فيما يتعلق بما يلي: وقف الأعمال الإجرامية من قبل المحور الصهيو- أمريكي، رفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، بحث مسائل تسوية قضية الرهائن والمساجين السياسيين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني”.

وتابع “يمكن اعتبار زيارة أردوغان كمحاولة استدراك لما لم تتمكن قمة الجامعة العربية من الوصول  إليه، فرغم أنها حققت إجماعا حول وقف إطلاق النار غير أنها لم تحدد الآليات لذلك وهذا هو المهم”.

وختم قائلا “الرجاء من زيارة أردوغان للجزائر باعتبار تركيا دولة إقليمية في الشرق الأوسط الأدنى والجزائر دولة وازنة في المغرب العربي والشمال الإفريقي، أن تتمخض عنها إجراءات عملية تستند لمخرجات القمة العربية الكلية”.

وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أعلن في أيلول/سبتمبر الماضي، عن زيارة أردوغان إلى الجزائر في تشرين الأول/أكتوبر الماضي لكنها تأجلت بسبب عملية “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على غزة.

وأكد فيدان آنذاك قائلاً “سيجري الرئيس أردوغان الشهر القادم زيارة إلى الجزائر، وسنبحث قضايا ذات بعد استراتيجي بين البلدين”.

وفي 7 أيلول/سبتمبر الماضي، أشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إلى أن العلاقات التركية الجزائرية ارتقت إلى المستوى الاستراتيجي، معلنا عن زيارة للرئيس رجب طيب أردوغان إلى الجزائر، خلال الأشهر المقبلة، لافتا إلى أن “الرؤية والإطار الاستراتيجي الذي برز في سياق الدبلوماسية والحوار والعمل المكثف الذي طرحه رئيسا البلدين، أردوغان وتبون، شكّل عنصرا مهما في تحديد شكل ومسار عمل وزيري خارجية البلدين”.

وكان الرئيس تبون، أجرى زيارة عمل إلى تركيا، في تموز/يوليو الماضي، حيث عقد محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعبّر آنذاك، الرئيسان الجزائري والتركي عن ارتياحهما لمستوى العلاقات بين البلدين.

من جهتها، قالت المحللة السياسية عائدة بن عمر لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “العلاقة بين تركيا والجزائر علاقة ضاربة في جذور التاريخ، فلقد ساهم العثمانيون بقيادة الأخوين عروج والقائد الأسطورة بربروسا في تحرير الجزائر من الاحتلال الإسباني أواخر القرن الخامس عشر ميلادي، وظلت الجزائر تابعة للباب العالي حتى احتلالها من فرنسا سنة 1832، وهنالك نسبة من سكان الجزائر أصولهم تركية”.

وتابعت “سياسيا، نشهد تقاربا تركيا جزائريا في المواقف من قضايا دولية تهم الطرفين وخير مثال على ذلك الموقف مما يحدث في ليبيا جارة الجزائر، حيث نلحظ تطابقاً قد يصل الى مستوى التنسيق بين الجزائر وأنقرة وقد ظهر ذلك بصورة جلية خلال محاولة اقتحام قوات حفتر طرابلس الليبية، وكان حينها الرئيس عبد المجيد تبون واضحا عندما قال (طرابلس خط أحمر)، وفي المقابل لعبت الطائرات المسيرة التي أرسلتها أنقرة لحكومة الوفاق الوطني دورا بارزا في حسم المعركة وعدم دخول قوات حفتر طرابلس وبقاء حكومة الوفاق قائمة”.

ومضت بالقول “على المستوى الاقتصادي، فإن الأرقام والمؤشرات خير دليل على ديناميكية العلاقات الجزائر التركية والتي تشمل العديد من القطاعات كالتعدين، والنسيج، والفلاحة، والإنشاءات، حيث تعد الجزائر ثاني شريك لتركيا في أفريقيا، وهنا يكفي القول إن المبادلات التجارية بين البلدين سجلت ارتفاعاً يقدر بأكثر من 30% في أقل من سنتين لتصل إلى أكثر من 5 مليار دولار بعد أن كانت بالكاد تتجاوز الثلاثة مليار دولار قبل سنة 2020، وقد أعلن الرئيس التركي أن هدف البلدين هو الوصول إلى تبادل تجاري يفوق 10 مليار دولار في الأمد المنظور”.
ولفتت إلى أن “العلاقات الجزائرية التركية لا تقتصر فقط على التبادل التجاري، بل تعد تركيا أول مستثمر أجنبي في الجزائر خارج المحروقات بحجم استثماري يصل الى 5 مليار دولار”.

ورأت أنه “في موضوع غزة، سيحاول الطرفان أردوغان وتبون العمل على نسج سيناريو اتفاق وتحالف وتنسيق عال من موقفهم في الملف الليبي، والعمل معا من خلال قنواتهم الديبلوماسية وحلفائهم الإقليميين وشركائهم في أفريقيا، على الضغط  للوصول لاتفاق إنهاء الحرب والدخول في مفاوضات، فأنقرة والمرادية لهما نفس المواقف في دعم القضية الفلسطينية والرفض رفضاً باتاً أي محاولة لتصفيتها أو تهجير شعبها أو إعادة احتلال  الضفة أو غزة”.

وفي ظل العدوان الإسرائيلي على غزة، تزداد أهمية هذه العلاقات لأنها تعكس موقفين متقاربين من القضية الفلسطينية والصهيونية، فكلا البلدين يدينان العدوان الإسرائيلي ويدعمان حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والمقاومة، كما يسعيان إلى تنسيق مواقفهما وتعزيز التضامن الإسلامي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

ومن الممكن أن تكون زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الجزائر، فرصة لتعميق هذه العلاقات وتبادل الرؤى والخبرات حول الأزمة الحالية في غزة، كما يمكن أن تشكل هذه الزيارة رسالة واضحة للكيان الصهيوني وحلفائه بأن الجزائر وتركيا لن تتخلى عن القضية الفلسطينية ولن تقبلا بالظلم والاحتلال، وفق محللين.

زر الذهاب إلى الأعلى