تقاريرهام

هدنة التهدئة في غزة.. نصر دبلوماسي لقطر وهزيمة سياسية لإسرائيل (تقرير)

“انتصار دبلوماسي جديد لقطر وهزيمة سياسية لإسرائيل”.. بهذه الكلمات أشاد شخصيات أكاديمية وإعلامية بدور دولة قطر وجهودها في التوصل إلى اتفاق لهدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار في غزة.

وكرّست دولة قطر جهودها منذ اندلاع الحرب في غزة في مجال الوساطة سعياً لتحقيق هدنة إنسانية تساهم في حقن دماء الأشقاء الفلسطينيين، بحسب مسؤولين قطريين.

واعتبر المسؤولون أن ما أنجزته الدبلوماسية القطرية بخصوص ملف غزة، خطوة مهمة تهدف إلى إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية وإطلاق سراح عدد من النساء والأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال، حسب بيانات صادرة عنهم.

ووصف أكاديميون يوم الـ 22 من تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وهو اليوم الذي أعلنت فيه قطر عن التوصل لاتفاق هدنة إنسانية، بأنه “يوم نصر تاريخي”، مشيدين في ذات الوقت بـ “ذكاء الدبلوماسية القطرية، التي تمنحها الكلمة الفصل في مفاوضات الهدن والأسرى”.

وأكد ناشطون فلسطينيون أن “قطر واجهت بصلابة وثبات ضغوطاً هائلة خلال الفترة الماضية، وتحملت مسؤوليتها كدولة عربية إسلامية، لم تكن على الحياد بل كانت مع غزة ومقاومتها وحقوقها المشروعة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى”.

واعتبر أكاديميون أن “إطلاق سراح السجناء والرهائن والمحتجزين وقبول إسرائيل لهدنة مؤقتة هو انتصار دبلوماسي لقطر وانتظار سياسي لحماس وهزيمة سياسية لإسرائيل”، مشيرين إلى أن كل الأدوار العربية والخليجية مهمة، لكن دور قطر هو الأهم.. مبروك للأشقاء في قطر”.

وكان اللافت للانتباه وسم الهاشتاغ الذي دشنه رواد منصات التواصل الاجتماعي ومنصة “إكس” تحديدا بعنوان “تميم راعي السلام”، في إشارة إلى أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، شارك بشكل شخصي في مفاوضات التهدئة بخصوص غزة، مؤكدين أنه أمير قطر يستحق وبجدارة جائزة نوبل للسلام، وفق تعبيرهم.

وقال الناشط الفلسطيني عمر القيصر لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “قطر واجهت بصلابة وثبات ضغوطاً هائلة خلال الفترة الماضية من طوفان الأقصى وما قبل، وتحملت مسؤوليتها كدولة عربية إسلامية، لم تكن على الحياد مثل باقي الدول العربية بل كانت مع ‎غزة ومقاومتها”.
وأضاف موجها رسالة لدولة قطر “جزاكم الله خيراً أميراً وحكومةً وشعباً، وجزى الله خيراً كل من وقف مع غزة وقضايا الأمة وأهلها في معركتهم المقدسة لأجل الحرية والتحرير، والحفاظ على المقدسات والأمل معقود أن تنجح الجهود المبذولة لوقف العدوان نهائياً بإذن الله”.

وصباح يوم الـ 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أعلنت دولة قطر عن نجاح جهود الوساطة المشتركة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق لهدنة إنسانية.

وتعقيبا على الدور القطري والدبلوماسية الناجحة، قال محمد القيق، كاتب وباحث سياسي من رام الله لـ “وكالة أنباء تركيا”، “عجزت 57 دولة عربية وإسلامية، وعجزت قرارت مجلس الأمن عن وقف وقف إطلاق النار في قطاع غزة وعن إدخال المساعدات إلى غزة، وعجزت الكثير من المناشدات، وأمام هذا الفشل جاءت الوساطة القطرية وصمود المقاومة وإصرار المقاومة، أدخلوا المساعدات إلى كل غزة وليس فقط إلى جنوبها، وفعّلوا معادلة أنه لا يمكن إزالة حماس من المشهد”.

وأضاف “هذه الوساطة وهذا الدور المهم لقطر من الواضح أنه مرحلة أولى سيتبعها مراحل متعددة ستكون مؤقتة في البداية ولكنها ستذهب إلى حل دائم يتبعه حل سياسي شامل، وهذه ستكون متلازمة مع ما ورد من الدور التركي السياسي والدبلوماسي الذي اقوم به تركيا الآن بشكل مكثف جدا، والزيارات التي تمت مع إيطاليا وألمانيا وغيرها، دلالات على بناء مشهد سياسي للقضية الفلسطينية ينسف المشهد القديم البدائي التقليدي الذي عهدت أمريكا وإسرائيل وحتى بعض الأنظمة العربية على إقامته أن يكون وهميا دون قرار جاد”.

وتابع “من الواضح أننا أمام خطوات سياسية وهي فرصة تاريخية لأمريكا وإسرائيل كي يكون هناك حل سياسي في المنطقة”.

ولفت إلى أن “قطر تعيد مشهد أفغانستان على نار هادئة في فلسطين، وواضح أن هناك تقبل أمريكي بل إقبال أمريكي في الأسابيع الأخيرة على هذا المشهد، وهذا ما نراه ورأيناه وسنراه في مواقف أمريكية تتغير رويدا رويداً لمصلحة أمريكا السياسية والعسكرية والاقتصادية في العالم، وأيضا لمصلحتها الداخلية، جراء حالة الانقسام الحاد في الشارع الأمريكي حول ملف دعم إسرائيل”.

وتطرق القيق إلى الدور التركي كذلك، موضحا أن “تركيا باتت بحاجة ملحة إلى إنهاء هذا الملف، لأن هذا الملف يؤرق المشهد السياسي في إقليم الشرق الأوسط وفي المنطقة برمتها، وعدم وجود حل سياسي سيضاعف من المأساة القائمة، وهذا ما تراه الدبلوماسية التركية الآن في وضع النقاط على الحروف وفي إبقاء تأكيدها على أن حماس حركة تحرر، وأن هناك حقوق فلسطينية أعطيت في القانون الدولي ولم تطبق، وأن هناك مشهد ليس بدايته 7 أكتوبر وآن الآوان لحله، وهذا ما تسير عليه الدبلوماسية التركية بخطوات ثابتة ليس فيها نفاق سياسي أو مجاملة وأعتقد أنها ستنجح، لأن هناك بات تحالف كبير ومشهد دولي كبير من بعض دول أوروبا مع روسيا والصين وقطر وتركيا موجودة بشكل رئيسي، مع جنوب أفريقيا وعدة دول أخرى من التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل”.

ودفع نجاح الدبلوماسية القطرية ببعض المحللين للتساؤل “لماذا تنجح قطر في استثمار الأحداث بسرعة؟”، مضيفين “الجواب لأنها تمتلك الأدوات ومنها: شبكة الجزيرة ذات الخبرة والمرونة العالية في التكيف السريع مع الوضع في مكان، فريق دبلوماسي قطري يتجاوز 2500 دبلوماسي قد لا يتواجد هذا العدد في دولة كبيرة جدا بينما يتواجد في قطر الصغيرة عددا وجغرافيا، مجتمع قطري متفاعل مع الأحداث الدولية وينظر إلى كل حدث من زاوية وحيدة وهي كيف يتم استثماره لصالح بلدنا وصورتها ويصبح كل فرد منهم دبلوماسي غير رسمي أيضا”.

من جهته، الصحفي الفلسطيني ماهر حجازي قال لـ “وكالة أنباء تركيا”، إن “قطر وبلا شك ومنذ الساعات الأولى لبدء العدوان الإسرائيلي على شعبنا وجرائم الإبادة البشرية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، كان لها دور متقدم في المحاولات والسعي لوقف إطلاق النار من خلال القدرة وأدوات القوة التي تمتلكها، فقطر لها تواصل مع حركة حماس بشكل رئيسي كون حركة حماس تقيم في العاصمة القطرية الدوحة، وأيضا لديها علاقات مع الإدارة الأمريكية وكذلك مع الاحتلال الإسرائيلي أيضا، وبالتالي هي على تواصل مع مختلف الأطراف، فكان دورها مهم في تنسيق الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار”.

وأشار إلى أن “قطر الآن هي ضامن لهذا الاتفاق وبالتالي أي خرق من الاحتلال الإسرائيلي لهذه الهدن المؤقتة تتحمل قطر المسؤولية”.
ولفت إلى أن “قطر لها دور سابق في كل عدوان إسرائيلي على شعبنا في قطاع غزة في الوصول إلى وقف لإطلاق النار بالتواصل مع كل الأطراف المعنية، وحتى في هذه الحرب كان موقف قطر واضحا باتجاه رفض هذا العدوان والتنديد به”.

وأعرب عن أمله في أن لا تكون الهدنة فقط لأربعة أيام، وإنما أيضا أن تتواصل الجهود القطرية في هذا الإطار لوقف إطلاق نار شامل وكامل لأن المعاناة كبيرة لأبناء شعبنا في قطاع غزة في ظل هذا العدوان الإسرائيلي، وفق تعبيره.

يذكر أنه في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسَرَت “حماس” من مستوطنات محيط غزة نحو 239 إسرائيلياً، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني في سجون قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي التاريخ نفسه نفذت المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى”، والتي كبّدت قوات الاحتلال خسائر فادة في العتاد والأرواح، بحسب مصادر فلسطينية متطابقة.

وكالة أنباء تركيا

وكالة إخباريــة تركيــة ناطقــة باللغــة العربيــة.
زر الذهاب إلى الأعلى