سلّطت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، اليوم، الضور على الاضطهاد الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن “منع هذا الاضطهاد هو واجب مشترك للبشرية جمعاء”، إضافة إلى تسليطها الضوء على قيمة الإنسان وقدرته على التمييز بين الخير والشر.
واستهلت خطبة الجمعة بقوله تعالى “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”، وبقوله صلى الله عليه وسلم “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”.
وأضافت أن “الإنسان هو أثمن كائن على وجه الأرض، وهذه القيمة له ليست في مظهره وثروته وممتلكاته وشهرته وسمعته، فالإنسان لديه عقل خاضع للوحي، ولديه القدرة على أن يميز الخير من الشر، والصواب من الخطأ، ولديه قلب يجب أن يكون مزودا بالمشاعر الجميلة مثل الحب والرحمة والرأفة، فإذا زود الإنسان عقله وإرادته وقلبه بمحاسن الأخلاق والإيمان والعبادة ارتفعت قيمته وأصبح إنسانا كاملا”.
وتابعت “لقد تعلمت البشرية كرامتها وقيمتها الحقيقية من نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولم يقيّم أحدا على أساس مظهره أو ممتلكاته أو رتبته أو منصبه، ولأنه كان إنسانا كان يقدر الجميع ويعاملهم بالحب والاحترام والرحمة والرأفة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفرق بين الناس بين معاق وغير معاق، ولم يستبعد أحدا بسبب إعاقته، ولقد أولى اهتماما وثيقا برفاقه في مجموعات الإعاقة المختلفة وكان يدعمهم دائما، ولقد كلفهم بمهام مهمة حسب معارفهم وقدراتهم وحاول دمجهم في المجتمع، في واقع الأمر، لقد عين عبدالله ابن أم مكتوم نائبا له في المدينة المنورة والصحابي الشاب معاذ بن جبل الذي كانت إعاقته في عظامه واليا”.
وأشارت إلى أن “الإعاقة في ديننا، ليست عدم القدرة على الرؤية أو التحدث أو المشي، بل إن الإعاقة الحقيقية هي عدم سماع الحق، وعدم رؤية الحقيقة، وعدم قول الصدق، وإنها حرمان قلب المرء من الإيمان وفؤاده من الإسلام وأقواله وأفعاله من الأخلاق الحميدة، وهي عدم استغلال الفرص في رضى الله عز وجل ولمنفعة البشرية، وإنها التضحية بإخلاص عن النفاق، أي باختصار، فإن الإعاقة الحقيقية؛ هي أن يضيع الإنسان قيمته بيده، فيعرفنا القرآن الكريم على المعاقين الحقيقيين على النحو التالي “لهم قلوب لا يفقهون بهاۘ ولهم أعين لا يبصرون بهاۘ ولهم اٰذان لا يسمعون بها”.
ولفتت إلى أن “الإيمان والمثابرة والاجتهاد لا تعرف الحواجز، فالشيء المهم هو عدم وضع العقبات في طريق بعضنا البعض، وعدم جعل الحياة صعبة على بعضنا البعض، وأن نكون مع إخواننا وأخواتنا ذوي الاحتياجات الخاصة وعائلاتهم في كفاحهم من أجل الحياة، وذلك بزيارتهم، والسؤال عن حالهم وأحوالهم، ونيل دعائهم، ومعاملتهم بإخلاص وصميمية، وأن نقوم بواجبات الجوار والإنسانية تجاههم، وإزالة جميع العقبات التي تجعل من الصعب عليهم العمل والإنتاج، وتخطيط طرقنا وشوارعنا ومبانينا وكل جانب من جوانب الحياة بطريقة يمكنهم استخدامها، وهو اعتماد الحديث النبوي صلى الله عليه وسلم التالي شعارا لنا “يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا”.
وجاء في خطبة الجمعة أيضا أن “الظالمين الصهاينة عديمي الضمير الذين لا يعترفون بالحقوق والقانون؛ إنهم يرتكبون إبادة جماعية شاملة ضد إخواننا وأخواتنا الفلسطينيين، بغض النظر عما إذا كانوا نساء أو أطفالا أو شيوخا أو ذوي احتياجات خاصة، فإن منع هذا الاضطهاد هو واجب مشترك للبشرية جمعاء”.