“الفيتو يتحول إلى بلطجة دولية”.. بهذه الكلمات أعرب صحفيون وإعلاميون وأكاديميون، عن رفضهم وبشدة لاستخدام بعض الدول لـ”الفيتو” في وجه أي قرارات دولية تهدف إلى إنهاء الحرب أو تخفيف المعاناة الإنسانية عن كثيرين يتعرضون لأسوء الانتهاكات كما يحصل في غزة وسوريا.
وقبل أيام، استخدمت أمريكا عصا “الفيتو” خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن بخصوص غزة، مانعة من خلاله أي مشاريع قرارات يتم تقديمها لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، ما أثار سخط كثيرين.
وطالما وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات حادة للأمم المتحدة ونظامها، مشددا أن “العالم أكبر من خمس”.
ومنذ أكثر من شهرين يشدد أردوغان أن “المجتمع الدولي لا يقوم بواجبه كما ينبغي حيال الهجمات الإسرائيلية غير القانونية” ضد المدنيين في قطاع غزة، حيث يلفت أيضا إلى أن “مجلس الأمن الدولي يعمل على تعميق الأزمة بموقفه الأحادي بدلا من وقف إراقة الدماء وضمان وقف إطلاق النار واتخاذ خطوات لمنع سقوط ضحايا مدنيين”.
ويشدد أردوغان مرارا أن “تحرر مجلس الأمن من تسلط عدد محدود من البلدان وجعله أكثر ديمقراطية وفعالية هو تطلع مشترك ومحق للمجتمع الدولي”.
ويلفت إلى أن “تحرر مجلس الأمن من تسلط عدد محدود من البلدان وجعله أكثر ديمقراطية وفعالية، تطلع مشترك ومحق للمجتمع الدولي، ما يؤكد أن العالم أكبر من خمس، ومن هذا المنطلق، ستواصل تركيا المساهمة في العمل الذي يتعين القيام به من أجل إقامة نظام عالمي أكثر عدلاً”.
وفي هذا السياق، قالت الإعلامية في قناة الجزيرة القطرية، خديجة بن قنة في منشور على حسابه في منصة “أكس”، “الفيتو كلمة لاتينية تعني حرفيا (أنا أمنع)، وقد منعت به الولاياتُ المتحدة وقفَ العدوان الإسرائيلي على غزة، ومنعت به روسيا معاقبةَ النظام السوري، ومنعت به الصين معاقبةَ كوريا الشمالية”.
الفيتو كلمة لاتينية تعني حرفيا " أنا أمنع".. وقد منعت به أمس الولاياتُ المتحدة وقفَ العدوان الإسراييلي على #غزة ، ومنعت به #روسيا معاقبةَ النظام السوري، ومنعت به #الصين معاقبةَ كوريا الشمالية..
فهل تحوّل #الفيتو إلى بلطجة دولية؟
— خديجة بن قنة khadija Benganna (@Benguennak) December 9, 2023
ومنذ إنشاء الأمم المتحدة، استخدمت الولايات المتحدة وروسيا حق الفيتو بشكل متكرر، مما أدى إلى انتقادات من قبل العديد من الدول والمراقبين.
وتركز الانتقادات أن استخدام حق “الفيتو” من قبل الولايات المتحدة وروسيا يحول دون اتخاذ مجلس الأمن لقرارات مهمة لحماية السلام والأمن الدوليين، ففي العديد من الحالات، استخدمت هذه الدول حق الفيتو لمنع اتخاذ قرارات ضد مصالحها أو مصالح حلفائها.
ويرى مراقبون، أنه “في ضوء الانتقادات الموجهة إلى استخدام حق (الفيتو) من قبل الولايات المتحدة وروسيا، يمكن القول إن هذا الحق تحول إلى أداة لبلطجة دولية، فهذا الحق يمنح هاتين الدولتين سلطة مطلقة في منع اتخاذ أي قرار في مجلس الأمن، مما يحد من فعالية هذا المجلس في أداء مهامه”.
وقالت الصحفية اللبنانية راوية القاسم في منشور على حسابه في منصة “أكس”، إنه “بات من الضروري إصلاح نظام الفيتو الذي تحتكره الدول الخمس الكبرى، والذي أدى إلى شلل مجلس الأمن وفشله في معالجة الصراعات المُهددة للسلم والأمن الدوليين مثل حرب غزة وسوريا، أو إضافة دول عربية لها ثقلها السياسي والاقتصادي مثل المملكة العربية السعودية أو مصر أو قطر الى العضوية الدائمة، فليس منطقًا أن تحتكر دول بعيدة عنا جغرافياً مستقبل السلام أو الحرب في منطقتنا”.
بات من الضروري اصلاح نظام الفيتو الذي تحتكره الدول الخمس الكبرى والذي أدى إلى شلل مجلس الأمن وفشله في معالجة الصراعات المُهددة للسلم والأمن الدوليين مثل حرب #غزة و #سوريا
أو إضافة دول عربية لها ثقلها السياسي والاقتصادي مثل المملكة العربية السعودية أو مصر أو قطر الى العضوية…— راوية القاسم | Rawya (@Rawya_Kassem) December 9, 2023
ويمنح حق الفيتو للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (أمريكا، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا) سلطة مطلقة في منع اتخاذ أي قرار في المجلس.
وقال الكاتب والصحفي السوري أحمد موفق زيدان “يتقاسمون أدوارهم بالفتك بالشام وأطفالها، فالاحتلال الروسي والإيراني يستخدمان الفيتو على الشام الشمالية سوريا، لـ 12 عاماً ولا يزالون، والإجرام الغربي يفتك بالشام الجنوبية غزة، من خلال الفيتو الممنوح له عبر منصة واحدة”، مضيفا “وضعا قواعدها وكلاهما ملتزمان بها، ويتراقصان على جراحاتنا”.
يتقاسمون أدوارهم بالفتك بالشام وأطفالها، فالاحتلال الروسي والإيراني يستخدمان الفيتو على الشام الشمالية #سوريا، لـ 12 عاماً ولا يزالون،والإجرام الغربي يفتك بالشام الجنوبية #غزة من خلال الفيتو الممنوح له عبر منصة واحدة، وضعا قواعدها وكلاهما ملتزمان بها، ويتراقصان على جراحاتنا.
— د ـ أحمد موفق زيدان (@Ahmadmuaffaq) December 9, 2023
من جهته، قال المحلل السياسي عمر الحسون الهاشمي لـ “وكالة أنباء تركيا”، “لم يكن الفيتو في مجلس الأمن إلا بلطجة دولية، فهو من اختصاص بضع دول عظمى ولها قوتها العسكرية بالإضافة إلى احتلالها واحرامها بحق الشعوب، فهذا النقض لا تستطيع أي دولة في العالم الاعتراض عليه رغم أن معظم استخداماته كانت لحرمان شعوب أو دول من حق تقرير مصيرها، وهذا ما فعلته أمريكا منذ نشأت هذه المنظمة الدولية الخاصة بإذكاء نار المآسي على الشعوب وخاصة الشعوب المسلمة، فكانت يد أمريكا في تعطيل كل القرارات الدولية الخاصة بفلسطين المحتلة وإدانة الاحتلال الذي ما جاء لوما اعتراف هذه المنظمة الإجرامية الدولية التي تدعى الأمم المتحدة ومجلس أمنها”.
وأضاف “وقد قامت روسيا باستخدامه مرارا عديدة ضد أي مشروع أممي يوقف إجرام ومجازر نظام الأسد بحق الشعب السوري، في وقت لم يتم الرجوع إليه في وقف غزو العراق وأفغانستان”.
وتابع أن “المجتمع الدولي لا يعرف إلا معنى القوة، وقد صدق شاعر الثورة الجزائرية الراحل مفدي زكريا قبل عقود والذي قال عن مجلس الأمن الدولي في قصيدته: أكذوبة العصر، أم سخرية القدر، هذي التي أسست في صالح البشر؟، أم إن (لوزان) في الأحياء قد بعثت بحفل (نيويورك) ما أفضى إلى سقر؟، ومالهم نسبوا للعدل مجتمعا، أمر الضعفاء به في كف مقتدر؟، سوق يباع ويشرى في معابرها، حق الشعوب لمصاب محتكر؟، كم خان فيها قضايا العدل ناصعة، قوم يسوقهم (الدولار) كالبقر، هذا يناصر داعي الزور مجتهدا وذاك (يمسك) في خوف وفي حذر، هم يؤمنون بأجزاء مفصلة، ويكفرون بها (كلا) على أثر”.
وقال الكاتب الصحفي عدنان أبو شقرة لـ”وكالة أنباء تركيا”، “أساساً مجلس منذ البداية هو مجموعة من البلطجية، سواء كانوا الروس أو كانوا الأمريكان وحتى الصين وبريطانيا وفرنسا، وليس مستغرباً أن تقوم الولايات المتحدة باستعمال الفيتو، فهي دائماً تستعمل الفيتو لحمية الكيان الصهيوني”.
وزاد قائلا “نحن رأينا كذلك في موضوع سوريا عندما جرب الروس الأسلحة المتقدمة جدا في الشعب السوري لدرجة أن بوتين تباهى بأنه استخدم أكثر من حوالي 100 أو 220 سلاحاً جديداً في روسيا ولذلك ما استطاع أحد أن يوقفه، لأن نظام العالم قائم على منطق خاطئ أنه لا زال يعيش في فترة الحرب العالمية الثانية بأن هذه الدول هي التي انتصرت، ولذلك ليس غريبا على أميركا أن تستعمل الفيتو، خصوصا أنها هي بنفسها من تقود المعركة حاليا في قطاع غزة”.
وتابع “نحن نعرف أن بلينكين هو وزير خارجية الكيان الصهيوني، ولقد سمعنا مارتين إندك السفير الأميركي السابق في الكيان الصهيوني يقول أنه (قدر أميركا أن تدافع عن إسرائيل)”.
وزاد بالقول “ليس قدر أميركا أن تدافع عن إسرائيل، ويجب أن لا ننسى أن إسرائيل هي محمية أميركية وهي قاعدة استعمارية متقدمة لأميركا، ونحن نتذكر عندما قال بايدين إنه لو لم تكن هناك إسرائيل لكان من الضروري إيجاد إسرائيل، ليس فقط في البعد الديني كما يتصور البعض، ولكن هو يعتبر أن إسرائيل هي أفضل استثمار لأميركا في المنطقة من حيث أنها الكلب الذي تستطيع أن تهوشه على الآخرين عندما تريد، وأنه تستطيع أن تكون قاعدة متقدمة للسيطرة الأميركية على المنطقة العربية وكذلك منها إلى المناطق التي هي أبعد، فلذلك إذا عدنا إلى مجلس الأمن ورأينا كم من المرات أميركا استعملت الفيتو في كثير من المناطق، لو وجدنا أنها كل مرة عندما كان الموضوع يتعلق بالكيان الصهيوني كانت أميركا موجودة وحاضرة بـ (الفيتو)”.