تواجه المرأة في غزة تحديات متعددة في ممارسة حقوقها، وتتأثر بشكل كبير بالاحتلال الإسرائيلي وعدوانه الذي يشكل عائقًا أمام تقدم هذه الحقوق، كونه يحرم الفلسطينيين من حق تقرير المصير، ويحد من إمكانياتهم في تحقيق أهدافهم.
وتتعرض المرأة الفلسطينية في غزة لمواجهة تحديات أخرى، تتمثل في أن الغرب يدافع عن حقوق المرأة ومكتسباتها في مجتمعاته، بينما يغض الطرف ويتعامى عن الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة في غزة من قتل وتهجير قسري، في حين أن الغرب الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة في العالم، يتجاهل معاناة المرأة الفلسطينية في غزة، ويتواطأ مع الاحتلال الإسرائيلي في انتهاكها.
كما تتعرض المرأة الفلسطينية في غزة لقمع وتمييز ممنهج من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي ككل، إذ يشمل هذا القمع والتمييز جميع جوانب حياة المرأة الفلسطينية، بما في ذلك الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وحسب مراقبين، فإن المرأة الفلسطينية تعاني من انتهاكات متعددة ومتراكمة لحقوقها الإنسانية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سواء من قبل الاحتلال الإسرائيلي أو من قبل النظام العالمي الغربي، وبالتالي فإن هذه الانتهاكات تهدد كرامة المرأة وحياتها ومستقبلها ودورها في بناء الوطن والسلام.
وهناك العديد من الأسباب التي تجعل حق المرأة في الغرب مكفولًا وفي فلسطين يتم تجاهل هذا الحق، ومنها: الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان والقانون الدولي، والتي تتسبب في الاستيلاء على الأراضي والموارد والحرية والأمن والحياة والكرامة.
ورغم أن المرأة الفلسطينية شاركت في النضال الوطني والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها لم تحظ بالاعتراف والمساواة والحماية الكافية.
وفي هذا الجانب، قال الباحث السياسي رشيد حوراني لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “ما تعلنه الدول الأوربية من حقوق الإنسان وحقوق المرأة بشكل خاص هي إعلانات دعائية تستهدف المجتمعات في الدول التي تعاني من مخاضات سياسية، وترى في هذه الظروف إمكانية تسريب أفكارها وخططها في أروقة تلك المجتمعات”.
وأضاف “أما ما يتعلق بالمقارنة بين المراة الفلسطينية في غزة وحقوق المرأة الأوروبية، فإن ذلك يخضع لمصالحهم السياسية ويتعامون عما يحيق بالمرأة الفلسطينية على يد الذراع التي غرسوها في المنطقة (إسرائيل)، ولا يكتفون أو يقفون عند هذا الحد بل يتعدوه إلى تزويد إسرائيل بالسلاح لقتل الفلسطينيين ومن بينهم المراة”.
وفي السنوات الأخيرة، تصاعد استهداف المرأة الفلسطينية من قبل الغرب، الذي يتخذ من القضية الفلسطينية ذريعة لممارسة ضغوط على الفلسطينيين، بما في ذلك النساء، حيث ينظر الغرب إلى المرأة الفلسطينية باعتبارها جزءًا من “الآخر” الذي يجب إخضاعه وقهره. ويعد استهداف المرأة الفلسطينية أحد أساليب السيطرة والاستعمار، وفق أكاديميين.
يضاف إلى ذلك، أن الحصار المفروض على قطاع غزة يتسبب في حرمان النساء الفلسطينيات من حقوقهن الأساسية، بما في ذلك الحق في التعليم والصحة والمساواة أمام القانون.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، معاذ عبد الرحمن درويش لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الغرب يقدس حرية الفرد ولا يعترف بحريات المجتمعات والأمم، وبذلك يضرب أهم قانون بالحريات والحقوق و الذي يقول (تنتهي حرية الفرد عندما تتعارض مع حرية المجتمع)، ومن هذا المنطلق يعطي حرية للفرد بانتهاك مقدسات الشعوب والأمم تحت بند حرية شخصية، متناسيا حقوق وحريات الملايين من الشعوب والأمم، ومثال على ذلك قضية حرق المصحف الشريف”.
وتابع “الأمر سيان بالنسبة لحرية المرأة، ففي الوقت الذي يتغنى بحرية المرأة الفرد من حيث الملبس أو الشكل أو غيره، في حين يغض الطرف عن مقتل العشرات من النساء يوميا في غزة، وتهجير الآلاف وتدمير بيوتهن وقتل أطفالهن، وكما حدث و يحدث في سوريا لسنوات طويلة”.
ووسط كل ذلك، يشكل استهداف المرأة الفلسطينية من قبل الغرب انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية، في حين يسعى الغرب من خلال هذا الاستهداف إلى إضعاف الفلسطينيين وكسر إرادتهم، وأنه لمواجهة هذا الاستهداف، يجب على المجتمع الدولي أن يضع حدًا للاحتلال الإسرائيلي وأن يضمن حقوق المرأة الفلسطينية، كما يجب ممارسة الضغط الدبلوماسي والسياسي على إسرائيل لرفع الحصار عن غزة ووقف العدوان والانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني، والمطالبة بالمساءلة والعدالة لضحايا العنف والتمييز، وفق ناشطين ومراقبين فلسطينيين.